تحذيرات كثيرة وانتظار للقمة العالمية (كوب 26)
يكثر الحديث في واشنطن هذه الأيام عن رغبة جميع دول العالم في زيادة الطموح بشأن تحقيق أهداف مواجهة التغير المناخي في السنوات القليلة القادمة.
ولهذا السبب تحديداً، سوف تكشف قمة المناخ العالمية القادمة (كوب 26) في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، والمقرر عقدها في نوفمبر المقبل، عما إذا كانت توجهات الإدارة الأميركية الجديدة سوف تمثل حافزاً لباقي زعماء العالم لكي يحددوا، بأكبر قدر من التفاصيل الممكنة، التزاماتهم وخططهم الخاصة بخفض الانبعاثات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض، وهو الأمر الذي سوف يجعل من عام 2021 “سنة مفصلية للعمل المناخي”، على حد وصف رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون.
وتشير التقييمات إلى أن إدارة بايدن تستعد، خلال هذه القمة المرتقبة، على التركيز على العواقب المتعلقة بالأمن القومي للاحتباس الحراري، وذك بعد 4 سنوات من عدم التحرك في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو الذي شكل انسحابه من اتفاقية باريس “صفعة قوية” للجهود العالمية من أجل إنقاذ الأرض من التغير المناخي.
خلال الأسبوع الماضي ومع عرض استراتيجية تغير المناخ توجه المشرعون الديمقراطيون إلى البيت الأبيض بحثًا عن طرق جديدة لتضييق المفاوضات وإعادة تشكيلها واختتامها سريعًا بشأن خطة الميزانية الضخمة البالغة 3.5 تريليون دولار، حيث التقى ما يقرب من 20 من المشرعين الوسطيين والتقدميين في مجموعات منفصلة مع بايدن، حيث يقوم الديمقراطيون بمراجعة قائمة من الاستراتيجيات البديلة لخفض الانبعاثات – وهي واحدة من أهم القضايا بالنسبة للناخبين الذين يدعمون الرئيس وحزبه – ويتسابقون للتوصل إلى اتفاق بشأن رزمته الشاملة.
ومن بين مقترحات مكافحة تغير المناخ التي يتم النظر فيها فرض ضريبة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري مثل النفط والفحم، ورسوم انبعاثات الميثان والإعفاءات الضريبية لمزودي الطاقة الذين حققوا أهدافًا معينة للانبعاثات.
هذا وحذر البيت الأبيض والبنتاجون ومجتمع الاستخبارات الأميركي من أن التغير المناخي سيفاقم التهديدات القائمة منذ فترة طويلة للأمن العالمي، حيث ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن التقارير الصادرة عن الجهات الثلاثة تظهر القلق المتفاقم داخل المؤسسة الأمنية الأميركية من أن التغييرات التي أطلق العنان لها التغير المناخي يمكن أن تعيد تشكيل المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وتقدم فرصا جديدة لمنافسين مثل الصين، وتزيد عدم الاستقرار في الدول النووية مثل كوريا الشمالية وباكستان.
أما تقرير البنتاغون فهو على وجه الخصوص يمثل تحولا في الكيفية التي تحاول بها المؤسسة العسكرية الأميركية دمج قضايا المناخ في استراتيجيتها الأمنية، حيث يشعر البنتاغون بالقلق من أن يؤدي تغير المناخ إلى فشل الدولة.
أما وزارة الدفاع فقد كان تركيزها منصبا لفترة طويلة على الكيفية، التي يمكن أن تؤثر بها الفيضانات ودرجات الحرارة المرتفعة على الجاهزية العسكرية وليس على التداعيات الجيوسياسية الأوسع للاحتباس الحراري.
هذا التحذير الذي أطلقه كل من البيت الأبيض والبنتاغون ومجتمع الاستخبارات الأميركي شاركتهم فيه الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، باتريسيا إسبينوزا، والتي حذرت من انهيار الأمن والاستقرار العالميين إذا فشلت البلدان في معالجة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
إسبينوزا قالت: “نحن نتحدث حقًا عن الحفاظ على استقرار البلدان، والحفاظ على المؤسسات التي بنيناها على مدى سنوات عديدة. سيؤدي السيناريو الكارثي لتغير المناخ إلى تدفقات هائلة من النازحين”.
وأضافت: “قد يؤدي أيضا إلى نقص الغذاء، لذا من المحتمل حدوث أزمة في الأمن الغذائي. وسيترك الكثير من الناس عرضة الجماعات الإرهابية”.
تأتي كل هذه التحذيرات قبل أيام من قمة “كوب 26” للمناخ حيث من المقرر أن يجتمع ممثلو حوالي 200 دولة في اسكتلندا نهاية الشهر الجاري، لحضور مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 26) الذي يستمر أسبوعين، والذي قال منظموه إنه يمثل إحدى آخر الفرص لإعلان الالتزام بخفض الانبعاثات لإبقاء ارتفاع درجة الحرارة عالميا في نطاق يمكن التحكم فيه.
هذا المؤتمر سيحاول إقناع ما يقرب من 200 دولة من تنفيذ أهداف اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، من خلال الموافقة على تخفيضات صارمة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العقد المقبل.
ويتوقع أن يحضر المؤتمر أكثر من 120 من قادة العالم وحوالي 25 ألف مندوب. ومن المحتمل عدم حضور بعض القادة الرئيسيين بما في ذلك الرئيس الصيني، شي جين بينغ، والذي تعد بلاده أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم.
اليوم يبدو التوصل إلى اتفاق عالمي في نهاية قمة المناخ هذه أكثر صعوبة مما كان عليه الحال في مؤتمر باريس عام 2015، حيث أن جعل حوالي 200 بلد يلتزم أهداف الانبعاثات لحصر ارتفاع درجات الحرارة العالمية بأقل من 1.5 درجة مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية مهمة شاقة ونلحظ ذلك بوضوح في قول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الخميس الماضي إن الوضع المناخي في الوقت الحالي هو “تذكرة ذهاب بلا عودة نحو الكارثة”، مشددا على ضرورة “تجنب الفشل” في مؤتمر كوب26.