سياسة

تحذير أمريكي لإسرائيل: مخطط ضم الضفة يهدد اتفاق غزة


تحذير أمريكي شديد لإسرائيل من المضيّ قدماً في فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.

التحذير جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الذي أكد أنّ «خطوة تل أبيب تهدد بصورة جدية» اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي رعته واشنطن قبل أسابيع.

وأشار روبيو إلى أنّ المصادقة التمهيدية التي جرت في الكنيست «تفتح الباب أمام توترات جديدة قد تقوّض الجهود الأمريكية للحفاظ على الهدوء في غزة».

وأضاف أنّ الإدارة الأمريكية «تنتظر من الحكومة الإسرائيلية التزاماً عملياً بمسار سياسي واضح لا يعرّض التفاهمات التي تم التوصل إليها للخطر».

ويصل وزير الخارجية الأمريكي إلى إسرائيل يوم الخميس في زيارة تستمر 48 ساعة، في ظل أجواء سياسية مشحونة داخل تل أبيب، حيث يُفترض أن يجتمع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة والجيش.

وأفادت صحيفة «جيروزاليم بوست» أنّ الزيارة ستتركز على مناقشة تنفيذ بنود اتفاق غزة، وسبل تثبيت وقف إطلاق النار الذي أوقف القتال المستمر منذ نحو عام.

تصويت الكنيست وتفاصيل مشروع الضم 

التحذير الأمريكي جاء بعد ساعات من خطوة مفاجئة داخل الكنيست الإسرائيلي، الذي صادق بقراءة تمهيدية على مشروع قانون قدّمه زعيم حزب «نوعام» آفي ماعوز، يقضي بتطبيق القانون الإسرائيلي على جميع المستوطنات في الضفة الغربية.

وتم تمرير المشروع بفارق صوت واحد فقط، إذ أيده 25 عضواً مقابل معارضة 24، رغم توجيه رئيس الوزراء نتنياهو أعضاء الائتلاف الحاكم بالتصويت ضده.

وكان لافتاً تصويت عضو الكنيست عن حزب الليكود يولي إدلشتاين لصالح المشروع، في تحدٍّ مباشر لتعليمات نتنياهو.

وينصّ مشروع القانون على أن «قانون دولة إسرائيل وولايتها القضائية وإدارتها وسيادتها تُطبّق على جميع مناطق المستوطنات في الضفة الغربية».

وسيُحال المشروع إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست لمناقشته قبل عرضه للتصويت في القراءة الأولى في موعد لاحق لم يُحدد بعد.

ليبرمان يقدّم مشروعاً موازياً

بالتزامن، أقرّ الكنيست أيضاً مشروع قانون آخر قدمه رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المعارض أفيغدور ليبرمان، ينص على ضمّ مستوطنة «معاليه أدوميم» الواقعة شرق القدس.

وحظي المشروع بتأييد 32 عضواً في الكنيست مقابل معارضة تسعة، وينص على تطبيق القانون الإسرائيلي الكامل على أراضي المستوطنة.

وأُحيل بدوره إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن لاستكمال مناقشته قبل التصويت عليه في القراءة الأولى.

توقيت حساس

تأتي هذه التطورات بينما توجد في إسرائيل بعثة أمريكية رفيعة تضم نائب الرئيس جي. دي. فانس، إضافة إلى مبعوثي الرئيس دونالد ترامب، جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، لمتابعة تنفيذ بنود اتفاق غزة وتنسيق الخطوات الميدانية المتعلقة بإعادة الإعمار وتبادل الأسرى.

وفي هذا السياق، قال روبيو إنّ بلاده «ترى في استمرار هذه التحركات التشريعية داخل الكنيست عاملاً مهدداً لجهود الاستقرار».

وأكد أن «أي خطوة أحادية الجانب في الضفة الغربية قد تؤثر بشكل مباشر على التزامات الأطراف كافة في اتفاق غزة».

قلق أمريكي 

الزيارة المرتقبة لروبيو تأتي في وقت تُظهر فيه العلاقات الأمريكية الإسرائيلية درجة من التوتر المتصاعد على خلفية الملفات المرتبطة بالضفة الغربية.

فالإدارة الأمريكية، التي تسعى لتثبيت التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، تعتبر أنّ أي تحرك في اتجاه الضمّ يُفقد الاتفاق معناه ويدفع نحو تصعيد سياسي وأمني جديد.

وتتابع واشنطن باهتمام ما يجري داخل الكنيست، خصوصاً مع تزايد مؤشرات الانقسام داخل الائتلاف الحاكم بين من يطالبون بفرض السيادة على كامل الضفة الغربية، وبين تيار آخر يرى أن مثل هذه الخطوة قد تضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع الحليف الأمريكي في لحظة حساسة سياسياً وأمنياً.

اتفاق غزة على المحك

ويشكّل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي تم بوساطة أمريكية قبل أسابيع، أحد أهم ملفات السياسة الخارجية لإدارة الرئيس دونالد ترامب خلال ولايته الثانية.

وقد نص الاتفاق على وقف شامل للعمليات العسكرية وتبادل للأسرى وإطلاق عملية إعادة إعمار واسعة بإشراف أمريكي-دولي.

لكن واشنطن تخشى أن يؤدي تصعيد تشريعي أو ميداني في الضفة إلى انهيار التفاهمات القائمة، خاصة أنّ بعض بنود الاتفاق تتضمن التزامات إسرائيلية تتعلق بتخفيف الإجراءات في الأراضي الفلسطينية.

وبينما يؤكد نتنياهو تمسكه بـ«التنسيق الكامل» مع واشنطن بشأن قضايا غزة، فإنّ التباينات داخل حكومته ومعارضة اليمين المتشدد تجعل هذا الالتزام موضع شكّ متزايد.

ضغوط متبادلة

ومع وصول وزير الخارجية الأمريكي إلى إسرائيل، تتجه الأنظار إلى ما إذا كانت زيارته ستسفر عن التزامات واضحة من تل أبيب بتجميد مشاريع الضمّ أو على الأقل تأجيل مناقشتها إلى ما بعد تثبيت وقف النار في غزة.

وفي المقابل، تواجه الإدارة الأمريكية ضغوطاً داخلية من أعضاء في الكونغرس يطالبون بعدم التهاون مع حكومة نتنياهو إذا ما مضت في مسار فرض السيادة في الضفة الغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى