تحركات إسرائيلية قرب الحدود المصرية.. ومصادر تتحدث عن خطة انتشار موسعة

أثارت تصريحات وزيرة الإستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك جدلاً واسعاً بعد دعوتها إلى اعتماد مقاربة استراتيجية شاملة لمراقبة الحدود الجنوبية مع قطاع غزة، بما في ذلك تشديد الإجراءات التشريعية وتوسيع الوجود الأمني على الشريط الحدودي مع مصر لفترة ممتدة. هذه الخطوة المقترحة تأتي في سياق حرص إسرائيلي على قطع طرق تهريب الأسلحة والذخيرة والطائرات المسيرة، لكنها تفتح ملفاً حساساً بشأن علاقات تل أبيب مع القاهرة والاتفاقات الأمنية الإقليمية.
ودعت ستروك، المنتمية لتيار يميني متشدد، في لقاء عبر إذاعة ” راديو داروم” العبري الحكومة إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لتلقي تقرير منسق عن أوضاع الحدود وتفعيل آليات موحّدة بين الجيش والشاباك والشرطة والجهات القضائية مؤكدة على ضرورة سن قوانين تتيح مصادرة الطائرات المسيرة المسلحة وتضييق الثغرات القانونية التي تُستخدم لتهريب أسلحة عبر خطوط جوية وبحرية وبرية، معتبرة أن التعامل مع الظاهرة يحتاج إلى إدارة منهجية طويلة الأمد لا إلى حلول مؤقتة.
وأشارت الوزيرة كذلك إلى أن مسألة الأمن على الحدود تحتاج إلى “قوة موحّدة” و”إطار تشغيلي واضح” يسمح بإجراءات حاسمة ضد المهربين ومرتكبي العمليات. كما نبّهت إلى مخاطر السماح لأي قوة ثالثة بالوجود في غزة، ورفضت ربط حرية الحركة الإسرائيلية في القطاع بأي أطراف خارجية، علماً بأن هذا الموقف يتقاطع مع مخاوف أمنية وسياسية أوسع في تل أبيب.
وتعتبر المطالبة بزيادة الوجود العسكري على الحدود مع مصر تستلزم قرارات تنفيذية وسياسية داخل إسرائيل، لكنها أيضاً تمس التزاماتٍ ثنائية مع القاهرة. الاتفاقات الأمنية بين البلدين، التي تتضمن تنسيقاً في قضايا مكافحة التهريب والتطرف ومراقبة الحدود في سيناء، قد تواجه اختباراً إذا ما اتبعت إسرائيل سياسات أحادية تزيد من تواجدها على الشريط الحدودي أو تُغير من طبيعة التنسيق القائم.
وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن أي خطوة إسرائيلية لتعزيز الوجود قد تستلزم إشراك مصر في ترتيبات أمنية جديدة أو على الأقل إعلامها مسبقاً لتجنّب احتكاكات دبلوماسية.
وقد تنظر القاهرة، التي تَربط استقرار سيناء وأمن حدودها بمصالحها الوطنية وحساسية سيادتها، بمنتهى الحذر إلى أي محاولات لتوسيع نطاق مناورات أو قواعد عسكرية إسرائيلية قرب حدودها، حتى لو كانت بدعوى مكافحة التهريب.

ومن الناحية الدبلوماسية، قد تؤدي خطوات إسرائيلية أحادية إلى توتر مؤقت أو استدعاء سفراء ومحادثات رفيعة المستوى تهدف إلى ضبط الإيقاع بين الطرفين. في المقابل، هناك احتمال أن تفضّل القاهرة التعامل بهدوء محافظ عبر قنوات عسكرية وأمنية رفيعة لتنسيق الإجراءات على الأرض، حفاظاً على استقرار سيناء ومنع انهيار التعاون الأمني الحيوي بين البلدين.
وعلى المستوى الأمني، تعزيز الوجود الإسرائيلي قد يخفف من بعض أشكال التهريب إذا رافقته حلول تكنولوجية وقانونية فعّالة، لكنه قد يفاقم أيضاً حساسية السكان المحليين ويخلق بؤراً للتوتر إذا لم تُراعَ البُعد السيادي المصري. كذلك من الممكن أن يدفع ذلك مصر إلى تشديد مراقبتها الحدودية أو إلى فرض إجراءات مضادة للحد من أي تأثيرات سلبية على أراضيها.
ويعتقد أنه هنالك ثلاثة سيناريوهات تبدو أمام اللاعبين الإقليميين: الأول تحالف تشغيلي موسّع بين القاهرة وتل أبيب يترجم التعاون في تبادل المعلومات وتنفيذ عمليات مشتركة ضد شبكات التهريب؛ الثاني احتكاك دبلوماسي يتسم بتباينات حول نطاق الإجراء وشرعيته، مع تبادل رسائل وقنوات تفاوضية لتفادي التصعيد؛ والثالث هو توازن هش يعتمد على تنسيق محدود مع الحفاظ على خطوط حمراء واضحة من القاهرة حول أي تغيّر في الوضعية العسكرية على حدودها.
ما دعت إليه الوزيرة الإسرائيلية من تشديد وإجراءات قانونية يعود بحق إلى أولويات أمنية إقليمية يمكن أن تُحسّن من السيطرة على عمليات التهريب. لكن نجاح أي خطة طويلة الأمد مرهون بقدرتها على دمج الشركاء الإقليميين، وأساساً مصر، في إطار تفاهمات واضحة تحفظ سيادة كل طرف وتمنع تدهور العلاقات الثنائية.
وفي غياب هذا التنسيق، قد تتحول مبادرات أحادية لطالما وصفتها تل أبيب بـ”الضرورة الأمنية” إلى مصدر توتر يثقل الملف الإقليمي، ويُعقّد مسارات التعاون في ملفات أخرى تتقاطع مع مصالح البلدين في المنطقة.