سياسة

تحرك مصري نحو إرتريا في ظل تصاعد التوترات مع إثيوبيا


بحث وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، ورئيس المخابرات العامة عباس كامل، مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، السبت، تطورات الأوضاع في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وذلك خلال زيارتهما إلى العاصمة الإريترية أسمرة، وفق بيان لوزارة الخارجية المصرية.

وتأتي هذه المباحثات في إطار جهود القاهرة لتعميق حضورها في منطقة القرن الأفريقي، ومجابهة أزماته على خلفية التوترات مع إثيوبيا.

ووفق البيان، التقى المسؤولان المصريان الرئيس أفورقي، ونقلا له رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسي “تناولت سبل دعم وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى متابعة التطورات السياسية والأمنية بالمنطقة”.

وتوافقت مصر وإريتريا على “أهمية تكثيف الجهود ومواصلة التشاور لتحقيق الاستقرار في السودان، ودعم مؤسسات الدولة الوطنية، فضلاً عن الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه”، بحسب بيان الخارجية المصرية.

وخلال اللقاء عرض الرئيس الإريتري “رؤيته بشأن تطورات الأوضاع في البحر الأحمر، على ضوء أهمية توفير الظروف المواتية لاستعادة الحركة الطبيعية للملاحة البحرية والتجارة الدولية عبر مضيق باب المندب”.

وتشهد حركة الملاحة في البحر الأحمر حالة من عدم الاستقرار، منذ نوفمبر2023، جراء هجمات جماعة الحوثي على ما تقول إنها سفن شحن تابعة لإسرائيل والدول المساندة لها، في إطار حراك تضامني مع قطاع غزة بمواجهة الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر.

كما استعرض أفورقي “التطورات في القرن الأفريقي، والتحديات التي تشهدها المنطقة، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار فيها”.

وتأتي زيارة كامل وعبدالعاطي غير المعلنة بشكل مسبق في وقت تتصاعد فيه التوترات بين مصر والصومال من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم أرض الصومال (بونتلاند) الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، الأمر الذي رفضه الصومال.

ونددت القاهرة، بالاتفاق مع أرض الصومال، على الرغم من أن مسرح الاتفاقية يبعد آلاف الكيلومترات عن أراضيها، لكن موقفها يرتبط بخلافها مع أديس أبابا منذ سنوات بسبب بناء إثيوبيا لسد ضخم على نهر النيل لتوليد الطاقة الكهرومائية.

وخلال الأسبوع الأخير من شهر أغسطس الماضي، كان الصومال على موعد مع حدث غير مسبوق في العقود الأربعة الفائتة، إذ هبطت طائرتان مصريتان محملتان بالمساعدات العسكرية من الأسلحة والذخائر، في مطار مقديشو، في أول تطبيق فوري لاتفاقية التعاون الأمني بين البلدين التي وُقعت في وقت سابق من الشهر نفسه خلال زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى القاهرة، ويُعتقد أنها تسمح بنشر ما يصل إلى 10 آلاف جندي مصري على الأراضي الصومالية، فضلا عن توفير المشورة العسكرية المصرية والأسلحة للصومال.

وعرضت مصر نشر قوات في الصومال في إطار بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال” (أوسوم)، مهام بعثة أخرى هي أتميس (المهمة الانتقالية الأفريقية في الصومال) وذلك اعتباراً من يناير 2025.

وتعد إثيوبيا حاليا مساهما رئيسيا في “أتميس” التي تساعد القوات الصومالية في القتال ضد جماعة الشباب الجهادية.

 وأثارت هذه التطورات غضب رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد، الذي حذر من أن بلاده سوف “تذلّ” أي دولة تهدد سيادتها، في رسالة مبطنة إلى المصريين تظهر أن إثيوبيا قد قبلت التحدي وفتحت الباب للمنازلة، بينما يتصاعد الخلاف بشأن سد النهضة.

وأعلنت إثيوبيا الشهر الجاري أنّ مهمة جديدة يقودها الاتحاد الأفريقي في الصومال قد تؤدي إلى تفاقم التوترات محذرة من “مخاطر” محتملة قد تزعزع الاستقرار في القران الافريقي.

وبداية الشهر الجاري طالبت مصر بتدخل مجلس الأمن الدولي لمواجهة التصعيد الاثيوبي فيما يتعلق بسد النهضة خاصة موقف آبي أحمد الأخير بشأن المرحلة الخامسة من ملئ السد.

وتحمل زيارة المسؤولَين المصريَين لإريتريا بعدا أمنيا وسياسيا، فهي تستهدف تعزيز الوجود المصري في القرن الأفريقي، وتنسيق المواقف بين القاهرة وأسمرة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وتكتسب الزيارة أهميتها في ضوء ملفات عدة، على رأسها توترات الملاحة في البحر الأحمر، وتداعياتها على قناة السويس، إضافة إلى الوضع في السودان، والتطورات في الأزمة بين الصومال وإثيوبيا.

وكان الرئيس المصري قد استقبل في أغسطس الماضي، وزير الخارجية الإريتري، عثمان صالح، لبحث “الأوضاع الإقليمية، لا سيما فيما يتعلق بالقضايا والتهديدات في القرن الأفريقي والبحر الأحمر”.

وأكد الجانبان “حرصهما على مواصلة التنسيق المشترك والتشاور على مختلف المستويات، وذلك على النحو الذي يدعم الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي” بحسب إفادة رسمية للرئاسة المصرية في حينه.

وزار الرئيس الإريتري مصر في فبراير الماضي، حيث عقد جلسة مباحثات مع السيسي تناولت تعزيز التعاون بين البلدين، إضافة إلى “مستجدات الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها التطورات بالبحر الأحمر”. حيث أكد الرئيسان “أهمية عدم التصعيد واحتواء الموقف لما تشهده المنطقة من تطورات خطيرة”.

وشهدت الفترة الماضية لقاءات عدة جمعت السيسي وأفورقي، أكدت في مجملها تعزيز التعاون الثنائي، والتنسيق لمعالجة قضايا القرن الأفريقي، كان من بينها لقاء على هامش القمة “العربية – الإسلامية” التي عقدت في الرياض، نوفمبر الماضي. كما شارك أفورقي في قمة دول جوار السودان التي استضافتها مصر في يوليو الماضي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى