سياسة

تحقيق خاص: كيف يُعيد الإخوان إنتاج شبكاتهم في العواصم الأوروبية؟


حذر عمرو فاروق الباحث فى شؤون الجماعات الأصولية وتيارات الإسلام السياسى من خطر تسلل الفكر المتطرف إلى مؤسسات الدولة كما فى النموذج الفرنسي. حيث جاءت الانتفاضة الأخيرة أثناء اجتماع مجلس الأمن القومى الفرنسى لمحاصرة هذا الفكر؛ مشددا على ضرورة التفريق بين محاصرة التنظيم وتصنيفه إرهابياً، فـ”جماعة الإخوان فى الخارج” لا تظهر كتنظيم دولى معلن. بل تتخفى خلف مؤسسات مدنية مرخصة قانونياً داخل الاتحاد الأوروبي، وتعمل لخدمة مشروع الجماعة.

وقال إن هذه المؤسسات استفادت من هامش الحريات فى أوروبا. وتستغل أزمة الانتماء لدى المهاجرين، فأنشأت مراكز لتعليم العربية. وحواضن اجتماعية، ومؤسسات دينية، بل حتى منشآت خدمية مثل المستشفيات والعيادات والصيدليات التى تخدم الجاليات العربية. لكنها أيضا تُوظَّف سياسيًا لخدمة أجندات الجماعة؛ وكل هذا يجرى بتصاريح رسمية. بما فى ذلك استثمارات الجماعة من خلال التبرعات والصدقات، وإعادة تدوير هذه الأموال فى مشروعات مدرة للربح.

وهو ما يدعم بحسب الباحث، ما يُعرف بـ”الإمبراطورية الاقتصادية للتنظيم الدولي”. والتى باتت قوة مالية ضخمة تُستخدم فى توسيع النفوذ والتغلغل داخل المجتمعات الأوروبية.

وتابع أنه: “من الواضح أن الاتحاد الأوروبى بدأ يشعر بالخطر المتزايد. وبدأ يدرك أهمية ما قامت به الدولة المصرية، التى تمتلك باعًا طويلًا فى مواجهة الجماعات المتطرفة، وتُعد الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تمكنت بنسبة تقارب 100٪ من اقتلاع جذور هذه الجماعات من المجتمع. ومحاصرة التنظيمات المتطرفة، والحد من تمدد الفكر المتطرف، عبر عوامل عديدة داخل المجتمع، أهمها تسليط الضوء المستمر على فكر الإخوان، إضافة إلى الدور الفعال الذى تلعبه القنوات المتحدة فى هذا المجال. وكل ذلك يصب فى مصلحة الدولة المصرية.

وقال عمرو فاروق إن التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب تمثل نموذجًا متكاملًا بدأ منذ أربعينيات القرن الماضي، ولم تقتصر المواجهة المصرية على الداخل فقط، بل امتدت خارجيًا. إذ سعت أجهزة الأمن المصرية لملاحقة العناصر الإرهابية فى الخارج أيضًا.

 وبعد 2011، خاضت القوات المسلحة حربًا عنيفة ضد التنظيمات المسلحة فى سيناء .وداخل القاهرة، وتمكنت من تجفيف منابع الإرهاب ومنع إقامة أى تمركزات داخلية.

هذا وتشهد القارة الأوروبية تحديًا أمنيًا متزايدًا في مواجهة تغلغل جماعة الإخوان المسلمين. الذين انتقلوا من النشاط الدعوي إلى بناء نفوذ ناعم عبر مؤسسات مدنية. هذا التسلل لا يظهر على السطح، لكنه يُدار باحترافية عبر غطاء قانوني وتمويل منظم.

وقد استفادت الجماعة من هامش الحريات فى دول الاتحاد الأوروبي، حيث أنشأت مراكز اجتماعية وتعليمية ودينية وخدمية، استهدفت الجاليات المسلمة والمهاجرين. تلك المؤسسات تلعب دورًا مزدوجًا: ظاهرها مدني وخدمي، وباطنها سياسي يخدم مشروع التنظيم الدولي وأجندته العابرة للحدود.

في الأثناء، تتجه الأنظار إلى النموذج المصري بوصفه تجربة ناجحة في المواجهة الشاملة. إذ تمكنت الدولة من تفكيك البنية التنظيمية والفكرية للإخوان عبر مسارات أمنية وإعلامية وتشريعية. وقد باتت التجربة المصرية تُقرأ بعناية في العواصم الأوروبية، كنموذج واقعي وفاعل في كبح التطرف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى