إيران

تراجع في قدرة الردع.. إسرائيل تبحث عن بدائل بعد استنزاف “السهم”


قال مسؤول أميركي لصحيفة وول ستريت جورنال إن صواريخ منظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية “السهم”، المصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية الإيرانية، “على وشك النفاد”، في تطور مقلق قد يؤثر بعمق على الموازين العسكرية في الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران.
وحذّر المسؤول – الذي لم تُكشف هويته – من أن هذا النقص بات مقلقًا لواشنطن، التي اتخذت بالفعل خطوات عاجلة لتعزيز دفاعات إسرائيل من البر والبحر والجو، في محاولة لتغطية العجز المتوقع في قدرات منظومة الدفاع الإسرائيلية متعددة الطبقات. وبيّن أن الصواريخ الاعتراضية الموجودة في المخزون الأميركي معرضة أيضاً لخطر النفاد.

الصواريخ الاعتراضية الموجودة في المخزون الأميركي معرضة أيضاً لخطر النفاد

وتعتمد إسرائيل في حماية مجالها الجوي على شبكة دفاعية تتكوّن من أربع طبقات وهي أولا القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى (من 4 إلى 70 كم) ثم مقلاع داوود للمدى المتوسط (من 40 إلى 300 كم) ثم سهم 2 لاعتراض الصواريخ داخل الغلاف الجوي (حتى 500 كم)،وسهم 3 وهو الأحدث، لاعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي (حتى 2400 كم).
وتمثل منظومتا سهم 2 وسهم 3 العمود الفقري للدفاع الاستراتيجي الإسرائيلي في مواجهة الصواريخ الباليستية الإيرانية، التي تُعد من أبرز أدوات طهران في الردع والرد. وقد دخل سهم 2 الخدمة في عام 2000، بينما تم تشغيل سهم 3 منذ عام 2017 في إطار التعاون الدفاعي الوثيق بين تل أبيب وواشنطن.
وفي ظل تصاعد وتيرة الرد الإيراني، من خلال إطلاق موجات متتالية من الصواريخ والطائرات المسيرة، تشير التقديرات العسكرية إلى أن منظومة “السهم” قد استُهلكت بشكل كبير منذ بدء الحرب، وباتت على مشارف النفاد، ما يضع العمق الإسرائيلي تحت تهديد مباشر لم تشهده البلاد منذ عقود.
وإذا ما نفدت صواريخ “السهم” بالفعل، فإن قدرة إسرائيل على التصدي لصواريخ شهاب وخُرْمشَهْر الإيرانية، التي تستطيع استهداف العمق الإسرائيلي بدقة، ستتراجع بشكل خطير. ومع ضعف الدفاعات الجوية بعيدة المدى، سيؤدي هذا إلى سقوط عدد أكبر من القتلى الإسرائيليين وتدمير منشآت حيوية، وهو ما قد لا تستطيع الحكومة الإسرائيلية تحمّله سياسيًا أو شعبيًا.
ويقول محللون إن هذا التهديد قد يشكّل عامل ضغط حاسمًا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قد يضطر لإعادة النظر في استمرارية الهجوم الإسرائيلي على إيران، خاصة إذا ما تواصل استنزاف المخزون الدفاعي بالتوازي مع تنامي الكلفة البشرية والمادية على الجبهة الداخلية.
ومنذ فجر الجمعة، تشن إسرائيل، بدعم أميركي مباشر، عدوانًا واسع النطاق على إيران شمل منشآت نووية وقواعد صواريخ ومواقع عسكرية، بالإضافة إلى اغتيالات استهدفت قادة بالحرس الثوري وعلماء نوويين. وقد أسفر القصف الإسرائيلي حتى الآن عن 224 قتيلًا و1277 جريحًا في إيران، بحسب مصادر إعلامية.
وفي المقابل، ردّت طهران بهجمات صاروخية وبطائرات مسيرة، نجحت في تجاوز عدة طبقات دفاعية إسرائيلية، وأدت إلى مقتل 24 شخصًا في إسرائيل وإصابة المئات، ما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه أنظمة الدفاع، خاصة مع استمرار إطلاق النار على مدى أيام متواصلة.
ورغم المساعدات الأميركية العاجلة، بما في ذلك إعادة تزويد إسرائيل بذخائر وصواريخ دفاعية من مخزونات الجيش الأميركي في أوروبا، إلا أن المؤشرات الميدانية تُظهر أن القدرة الإسرائيلية على تحمّل حرب طويلة الأمد تتراجع، خاصة في ظل الضغوط الدولية، والانقسام الداخلي، والنقص المتزايد في الذخائر الاستراتيجية.
وتكشف التقارير عن أزمة حقيقية تواجهها إسرائيل في واحدة من أكثر الحروب تعقيدًا في تاريخها الحديث. إن نفاد صواريخ “السهم” لا يُعد مجرد خلل فني أو عسكري، بل مؤشر على تآكل قدرة الردع الإسرائيلي في مواجهة إيران، ويطرح تساؤلات عن جدوى استمرار العملية العسكرية، في ظل هشاشة الجبهة الداخلية واحتمال فقدان السيطرة على التصعيد.
وفي حال لم تنجح الولايات المتحدة في سد هذا النقص الاستراتيجي سريعًا، قد تجد إسرائيل نفسها في وضع دفاعي لم تشهده منذ حرب أكتوبر، ما قد يُجبر قيادتها على إعادة الحسابات السياسية والعسكرية على نحو جذري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى