تركيا وأسرائيل… الأهداف الخفية في تطبيع العلاقات
تضن إسرائيل أن قرار تركيا التطبيع الكامل لعلاقاتها معها ناجم بالأساس عن رغبتها بجلب استثمارات خارجية تسهم في النمو الاقتصادي.
وترى الدوائر الإسرائيلية أنه لا يمكن الفصل ما بين هذه الخطوات وأخرى مماثلة مع عدد من الدول العربية التي اختلفت معها أنقرة.
وصرح معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب: “كانت التطورات في تركيا عام 2021 في المقام الأول على الساحة الداخلية. ولا سيما الانخفاض الحاد في قيمة الليرة، مما أدى إلى زيادة التضخم”.
وتابع: “معارضة الحكومة لرفع أسعار الفائدة الرسمية فاقم المشاكل الاقتصادية. والتي تسببت بدورها في تراجع الدعم للرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم العدالة والتنمية”.
وفي دراسة اعتبر المعهد، أن قدرة أردوغان وحزبه على الفوز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها عام 2023 “باتت موضع شك”.
كما ذكر أنه لذلك “شهد عام 2021 جهودًا ملحوظة لتحسين العلاقات مع عدد من دول المنطقة. من بينها الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية وإسرائيل”.
خطوات تركية رأى المعهد أنها نابعة من “جهود تركيا المبذولة للتخلص من عزلتها وإضعاف المحور المعارض. وإلى حاجتها المتزايدة للاستثمار الأجنبي نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد”.
واستدرك “مع ذلك استمرت الإشارات من تركيا إلى إسرائيل حول تحسن العلاقات. إلى جانب الدعم المطلق لوجهات النظر الفلسطينية”.
وفي هذا الصدد أوضح أن “العنصر الأكثر رفضًا لإسرائيل هو الدعم التركي لحركة حماس والسماح لها بتنظيم نشاط لوجستي وعسكري على الأراضي التركية، مع ذلك. بالنظر إلى تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية، من المشكوك فيه ما إذا كان بإمكانها الترويج لمبادرة في السياق الفلسطيني تكون كافية للأتراك”.
بالإضافة إلى العودة للمفاوضات مع الفلسطينيين، في حالة حدوثها. “فيمكن أن تساعد في تحريك العلاقات الإسرائيلية التركية في اتجاه أكثر إيجابية”، وفق الدراسة.
أذربيجان
مسرح آخر تتحد فيه مصالح إسرائيل وتركيا هو أذربيجان، بحسب المعهد.
وقال: “أذربيجان هي الشريك الأقرب لتركيا، ويود الشعبان الإشارة إلى نفسيهما على أنهما أمة واحدة”.
وبالنسبة لتل أبيب، “تعتبر أذربيجان حليفا استراتيجيا في صراع إسرائيل مع إيران، وهي أيضا مورد مهم للطاقة”.
وبناء على هذه المصالح، يقول المعهد: تمكنت باكو من تطوير علاقات ممتازة مع كل من تركيا وإسرائيل”.
وأضاف “في خريف عام 2020، عندما استخدمت أذربيجان الأسلحة الإسرائيلية والتركية في الحرب مع أرمينيا، أصبحت باكو مكانا تتعاون فيه إسرائيل وتركيا بشكل غير مباشر. على الرغم من حقيقة أن التطوير المستمر لصناعة الدفاع التركية قد يؤدي إلى وضع مستقبلي يتنافس فيه البلدان ضد بعضهما البعض لتزويد الجيش الأذري بالسلاح”.
نظرة أخرى للابيد
بدوره نقل موقع (واللا) العبري عن مسؤولين إسرائيليين أن رئيس الوزراء يائير لابيد “أراد التحرك ببطء في تطبيع العلاقات مع تركيا ورؤية نتائج ملموسة أولا”.
وأضاف: “أدى اتفاق الطيران المدني، جنبا إلى جنب مع الجهود التركية لمكافحة الإرهاب وما كان يُنظر إليه على أنه رد تركيا المنضبط على عملية غزة الأخيرة، إلى اتخاذ قرار بالمضي قدما”.
من جهته ذكر موقع “تايمز أوف إسرائيل” أنه “بعد أكثر من عامين من التقدم المتقطع. اتفقت إسرائيل وتركيا أخيرا يوم الأربعاء على استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة”.
وأشار إلى أن مصالح البلدين “تتماشى مع ما يكفي من المخاوف المهمة التي تعتزم اتباع أجندة ثنائية إيجابية. وهما يعتزمان القيام بذلك بطريقة لا تترك العلاقة عرضة للانهيار عند رؤية الخلاف الأول”.
واعتبر أن “هذه العلاقة الجديدة، جنبًا إلى جنب مع العلاقات المتنامية لإسرائيل مع الشركاء العرب، لديها إمكانات بعيدة المدى لكل من تل أبيب وأنقرة”..
مستدركا “لكن لديها أيضا القدرة على إعادة تشكيل التحالفات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. حيث تحاول تركيا التعافي من سنوات العزلة الدولية”.
ولفت إلى محاولة تركيا الاستفادة من التطورات بين إسرائيل والدول العربية.
وقال: “بعيدا عن العزلة الدبلوماسية، فإن تركيا بحاجة ماسة إلى الاستثمار الأجنبي، وقد انخفض إجمالي صافي مواردها الأجنبية بنحو 50 في المائة في السنوات الخمس الماضية. وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 38 في المائة على نفس النطاق، حيث يستمر الاقتصاد التركي في التعثر من آثار الوباء”.
وتابع: “كان النمو الاقتصادي المطّرد هو المفتاح لشعبية أردوغان بين الطبقة العاملة التركية كرئيس للوزراء، وجذب استثمارات أجنبية جديدة له أهمية قصوى بالنسبة له”.
ورأى أن “العلاقات المستعادة مع إسرائيل هي علامة مثالية على عودة الحياة الطبيعية المطلوبة لتهدئة المستثمرين الأجانب”.
الغاز
ولكن البلدين يريدان أيضا الاستفادة من علاقاتهما من أجل تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
وفي هذا السياق، قال الموقع الإخباري نفسه إن “إسرائيل، من جانبها، تبحث عن طريقة لنقل غازها الطبيعي إلى أوروبا المتعطشة للطاقة”.
وسبق للرئيس التركي أن أعلن عن رغبته في اتفاق من أجل تصدير الغاز إلى أوروبا.
إيران والفراغ الأمريكي
لكن “تايمز أوف إسرائيل” تحدث عن سببين آخرين.
الأول: “حرص إسرائيل على توسيع العلاقات الأمنية مع دولة أخرى قلقة من الأنشطة الإيرانية في المنطقة. فضلا عن أنها تريد أن ترى شركات الطيران الخاصة بها تستعيد جزءا أكبر من فطيرة السفر الجوي المربحة بين البلدين”.
والثاني يتمثل في أنه “مع تقليص الولايات المتحدة لنفوذها في الشرق الأوسط، تملأ قوى أخرى الفراغ. ليست جميعها صديقة لإسرائيل. يمكن أن تساعد العلاقات الاستراتيجية الأوثق مع تركيا إسرائيل على تشكيل الشرق الأوسط بطريقة أكثر فائدة، أو على الأقل أقل تهديدا”. بحسب الموقع.