متى ينتهي زمن الإرهاب والبلطجة والابتزاز؟ بات هذا السؤال الأكثر إلحاحا علينا مع نهاية عام 2020 وبداية عام 2021.
كما كان الأمر عليه مع بداية هذا العام في خضم تهديد أردوغان لأوروبا بإغراقها مجددا بموجات المهاجرين، ووعيده بالحرب مع اليونان واحتلال ليبيا والعراق وسوريا وكذبه على القدس، وعربدته في شرق المتوسط، وفي وسط العاصفة في الفنجان التي اعتاد نظام الملالي في إيران إثارتها في كل مناسبة، وتهديدهم بإغلاق مضيق هرمز وقصف منشآت النفط في المنطقة للتأثير على القرار الدولي المؤيد لإعادة النظر في الاتفاق النووي الإيراني.
ورغم الأزمات الداخلية القاتلة التي أصابت مفاصل النظامين في تركيا وإيران، من فساد وانشقاقات وصراع أجنحة وتيارات، وتراجع فاضح في قيمة العملة الوطنية، وانهيار اقتصادي مؤكد، وقمع وجوع داخليين وعزلة إقليمية ودولية وعقوبات متصاعدة، إلا أن هذين النظامين لا يزالان يتصرفان كأنهما فوق العقوبات والردع وفوق القانون الدولي نفسه، خاصةً مع الممارسات الإجرامية لنظام الملالي من اختطاف وتعذيب وإعدام معارضين، والممارسات البوليسية لنظام أردوغان الذي تتفتق ذهنيته يوميا عن أساليب جديدة في التعذيب بالإغراق بالماء والتفتيش العاري وغيرها الكثير.
ولأن هذين النظامين لا يفقهان أمور المنطق والعقل والحكمة، نرى إصرارهما على الإمعان في الأخطاء القاتلة، ونراقب تخبطهما سياسياً، كما في النموذج الإيراني على وجه الخصوص، فحينا التهديد عالي النبرة حتى الصراخ، وأحياناً الخنوع والانهزام أمام الضربات القاصمة لا في حدود سوريا فقط، بل وسط إيران وفي وضح النهار.
ومن باب الخطأ القاتل ما أقدمت عليه المليشيات العراقية التابعة لنظام الملالي، بمهاجمتها المنطقة الخضراء التي تقع فيها السفارة الأمريكية في بغداد، وتضم -بالإضافة إلى المقرات الحكومية- عددا من سفارات الدول الأجنبية، وهذه المرة من مقر المليشيات في معسكر الرشيد جنوبي بغداد، كأن هذه المليشيات تقوم علانية بالرد الإيراني بالوكالة، وفي وقت حساس جدا، في جس نبض الرئيس الأمريكي القادم، أو محاولة التهويل عليه.
فإيران وجماعاتها كعادتهم يخشون الحرب، ويخافون إغضاب الولايات المتحدة، يقصفون الجدران والحدائق والقواعد العسكرية المهجورة، ولا يصيبون بشراً، كي لا يقع ما يفعلونه تحت بند الجرائم المباشرة التي توقع ضحايا وتستوجب الرد الفوري، ويحاذرون تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها لهم الدول الكبرى، فيتسللون قريباً منها ويقفون عندها ولكن لا يجتازونها، وأوضح الأمثلة على ذلك تأجيلهم الرد على الضربات الأمريكية الأكثر إيلاماً والمتمثلة باغتيال قاسم سليماني، والإسرائيلية المتمثلة باغتيال محسن فخري زاده، مضافاً إلى ذلك الضربات الجوية الإسرائيلية اليومية، في ظل انتشار إرهابيي ولاية الفقيه في الجانب السوري من الحدود في الجولان، وتغلغلهم في جنوب لبنان على مقربة من القوات الدولية المنتشرة في المنطقتين، والقوات الإسرائيلية “الشيطان الأصغر كما يسمونها”.
أن ينتهي زمن الإرهاب والبلطجة والابتزاز ليس أمنيةً بطبيعة الحال، بقدر ما هو رؤية لواقع حاصل حتماً، واستشراف لمستقبل قريب حدوده نهاية العام القادم على أبعد تقدير، تنتهي فيه بلطجة أردوغان في شرق المتوسط، وينحسر فيه إرهاب الحوثي في اليمن، وتغيب المليشيات والمرتزقة عن المشهد السياسي في العراق وليبيا، ويسقط مشروع الإخوان بالضربة القاضية، وتترسخ عملية السلام بين العرب وإسرائيل في منطقة عانت من الحروب لسبعة عقود.