تزايد المخاوف الغربية من التقارب الإيراني مع الجيش السوداني
توقع دبلوماسي سوداني أن ينعكس التقارب مع إيران سلبًا على البلاد، وأن يزيد من عزلة الجيش السوداني عن العالم، خاصة أن الغرب حاليًا في عداء واضح مع طهران.
وأثار التقارب بين الجيش السوداني وإيران مخاوف في الغرب؛ إذ حذرت وسائل إعلام غربية من خطورة هذا التقارب قائلة، إنه قد يشعل مزيدًا من النيران ويحوّل السودان إلى ساحة حرب بالوكالة بين قوى خارجية تتنافس على مياه البحر الأحمر.
وقال مصدر دبلوماسي سوداني إن وزارة الخارجية السودانية الخاضعة لسلطة الجيش استغلت الظرف الحالي لبدء تقارب مع ايران بلا رؤية إستراتيجية.
وأضاف المصدر أن موقف الجيش مفاجئ؛ إذ كان السودان بالأمس يقاتل ميليشيا الحوثيين في اليمن، وأولئك حلفاء ايران، بينما يذهب اليوم لإيران ويطالبها بعودة العلاقات الدبلوماسية، وهو في أسوأ حالاته بسبب الحرب المشتعلة.
وأشار إلى أن “التقارب مع إيران في هذا الوقت بالذات والحرب مشتعلة في غزة، سوف يزيد من عزلة الجيش السوداني عن العالم، خصوصًا أن الغرب حاليًا في عداء واضح مع إيران، جراء ما يحدث في مياه البحر الأحمر من عرقلة لحركة الملاحة من قبل الحوثيين – على سبيل المثال – ضمن الحرب الدائرة في المنطقة”.
وأكد أن خطوة التقارب السوداني الإيراني ستكون لها عواقب وتأثيرات سلبية على البلاد، وقد تطيل أمد الصراع العسكري؛ لأنها تعرقل محاولات الغرب لمعالجة الأزمة في السودان، كما تضع الجيش تحت الضغوط الغربية.
وكانت وزارتا الخارجية السودانية والإيرانية، أعلنتا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في بيان مشترك، أنهما ستستأنفان علاقاتهما السياسية والدبلوماسية بما يخدم مصالح البلدين، وذلك عقب الاتصالات التي جرت بين كبار المسؤولين في الجانبين خلال الأشهر الأخيرة.
وبعد أن أثار التقارب السوداني الإيراني مخاوف عدد من الدول الغربية، اجتمع وزير الخارجية السوداني، علي الصادق، قبل يومين مع السفراء المعتمدين والمقيمين في البلاد.
وأوضح الصادق في الاجتماع أن “إعادة العلاقات بين السودان وإيران، أمر طبيعي ولا يثير علامات استفهام، حيث إن العلاقات كانت مقطوعة وتمت إعادتها، وهذا أمر طبيعي بين الدول في العلاقات الدبلوماسية، وفق ما نشرت وكالة السودان للأنباء.
وأكد أن علاقات السودان مع إيران ليست موجهة ضد أي دولة أو مجموعة دول، ولا ضد نظام إقليمي أو دولي قائم في المنطقة.
وأوضح أن علاقات البلدين شيء طبيعي وعادي في العلاقات بين الدول، واستئناف لتعاون سابق طويل في المجالات الاقتصادية ومجالات التنمية والاستثمار بين البلدين.
السيطرة على البحر الأحمر
وفي هذا الصدد، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، علاء الدين بابكر، إن التقارب بين السودان وإيران جاء في سياق البحث عن تحالفات للحصول على الإمدادات العسكرية بالنسبة للجيش السوداني.
وأشار بابكر إلى أن إيران دولة حليفة للإخوان المسلمين، وأن حرب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع هي في الأصل حرب الإخوان المسلمين.
وأكد أن إيران مهيأة لدعم الجيش السوداني في حربه ضد قوات الدعم السريع، لكي تحصل على موطىء قدم في السودان يمكنها من السيطرة على منطقة مياه البحر الأحمر وبالتالي تسيطر على طرق الملاحة، مثلما تحدثه الآن من زعزعة عبر الحوثيين ذراعها في المنطقة، حسب قوله.
وأضاف أن “وجود إيران في البحر الأحمر يهدد المنطقة بأكملها؛ لأنه سيؤثر على حركة الملاحة الخارجية ويهدد أمن المنطقة”.
ويوم الجمعة، قالت اعتزاز يوسف، المدير القطري للجنة الإنقاذ الدولية في السودان، إن الهجمات التي تشنها ميليشيا الحوثي على السفن في البحر الأحمر، أدت إلى إعاقة شحنات المساعدات الحيوية للسودان وزيادة تكاليف الوكالات الإنسانية؛ ما يعرض الملايين لخطر المجاعة.
وأجبرت الهجمات الحوثية على السفن التي تحمل المساعدات من آسيا إلى بورتسودان، على الإبحار حول أفريقيا واجتياز البحر الأبيض المتوسط، قبل أن تدخل البحر الأحمر عبر قناة السويس من الشمال، ما يؤدي إلى تأخيرات كبيرة وزيادة في التكاليف، وفقًا لاعتزاز يوسف.
وكان موقع “بلومبيرغ” الأمريكي كشف خلال يناير/ كانون الثاني الماضي، عن دور إيراني مباشر في الصراع العسكري الذي يشهده السودان، وأكد أنه يغذي النزاع في البلاد، ويهدد الاستقرار في المنطقة.
وقال تقرير، نشره الموقع، إن إيران تدخلت بشكل مباشر في الصراع الدائر في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بطريقة تحيزت فيها للجيش السوداني، بتزويده بالطائرات دون طيار.
وأضاف أن المسيرات الإيرانية “مهاجر 6” أصبحت أحدث أداة تُغذي الحرب الأهلية الكارثية التي تسببت بنزوح الملايين من السودانيين، والمخاطرة بزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وفي 28 يناير/ كانون الثاني الماضي أعلنت قوات الدعم السريع السودانية إسقاطها طائرة إيرانية ثالثة من طراز “مهاجر 6” إيرانية الصنع، تتبع للجيش السوداني في أم درمان.
وكانت قوات الدعم السريع قالت إنها أسقطت، في 6 يناير/ كانون الثاني، أولى المسيرات الإيرانية من طراز “مهاجر 6” شرقي العاصمة الخرطوم “شرق النيل”، وبثت صوراً ومقاطع فيديو لجنود يحملون مضادات طيران أثناء سقوط المسيرة الإيرانية وتناثر حطامها في المنطقة.