الخليج العربي

تسارع خطوات فك عزلة الأسد إقليمياً ودولياً بانضمام الكويت


تواصل دول عربية وغربية فتح أبواب سفاراتها في دمشق بعد أكثر من عقد على إغلاقها، في خطوة من شأنها فك العزلة عن الرئيس السوري بشار الأسد، إذ تسير الكويت على خطا السعودية والإمارات بهذا الشأن، فأرسلت وفدا يضم شخصيات دبلوماسية وسياسية إلى دمشق لبحث إعادة التمثيل الدبلوماسي، بعد أيام على تعيين سفير إيطالي في سوريا.

وعلى غرار العديد من الدول، خاصة العربية منها، أغلقت الكويت سفارتها في دمشق بعد الاحتجاجات التي شهدتها سوريا سنة 2011 وقمع السلطات لها.

وذكرت مصادر لصحيفة “الوطن” السورية الأحد، أن وفدا كويتيا زار دمشق في الآونة الأخيرة، تمهيدا لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، على أعلى مستوى وبأقرب وقت. وأوضحت أن مجموعة من رجال الأعمال الكويتيين زاروا دمشق أيضا، للبحث في فرص التعاون بين البلدين مع نظرائهم السوريين.

وفي 15 أبريل/نيسان 2023، قال وزير الخارجية الكويتي آنذاك عبد الله الجابر الصباح، إن دولة الكويت لن تخرج عن الإجماع والتوافق العربي بشأن سوريا. وشدد في بيان، على أهمية أن تتخذ دمشق خطوات حقيقية وملموسة نحو إجراءات بناء الثقة، بما في ذلك إطلاق سراح السجناء والمعتقلين، والكشف عن مصير المفقودين، وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين، وتسهيل عملية وصول المساعدات الإنسانية لكافة المحتاجين في مختلف المناطق السورية، واستئناف أعمال اللجنة الدستورية، وصولًا إلى المصالحة الوطنية.

دينامية التقارب الخليجي ستقوي موقف سوريا دوليًّا لأنها تعزز شرعية الأسد السياسية ومن المرجح أن ينجح في النهاية في الخروج من العزلة الخارجية.

وتحاول الحكومة السورية فك العزلة الدبلوماسية وإطلاق مرحلة إعادة الإعمار، بعد أكثر من 13 عاما من نزاع مدمر تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وأحدث دمارا هائلا في البنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وشهد العام الماضي تغيرات متسارعة تمثلت باستئناف دمشق علاقاتها مع دول عربية على رأسها السعودية، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية، ثم مشاركة الأسد في القمة العربية في جدة في أيار/مايو للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما.

وبدأ منذ فترة بدأ انفتاح عربي نسبي على سوريا، حيث أرسلت عدة دول عربية مساعدات لسوريا بعد الزلزال المدمر الذي أصاب تركيا وسوريا في 6 فبراير/شباط 2023، ولفتت الانتباه المساعدات السعودية التي شملت جهتي مناطق النظام، ومناطق المعارضة. كما أن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، قال في منتدى ميونخ للأمن، في 18 فبراير/شباط 2023، “إن إجماعًا بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل سوريا وأن الحوار مع دمشق مطلوب في وقت ما”، وأنه “في ظل غياب سبيل لتحقيق الأهداف القصوى من أجل حل سياسي، فإنه بدأ يتشكل نهج آخر”، وذلك بهدف معالجة مسألة اللاجئين في دول الجوار وحل معاناة المدنيين.

ومطلع العام الجاري، أرسلت دولة الإمارات سفيرا إلى دمشق للمرة الأولى منذ اندلاع الصراع السوري في 2011. وقدم السفير الإماراتي الجديد حسن الشحي أوراق اعتماده لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد في مقر الخارجية السورية.

وفي خضم مساع رسمية سورية لفك العزلة الدولية، كشف الرئيس السوري بشار الأسد في نيسان/أبريل الماضي عن لقاءات تجري “بين الحين والآخر” مع الأميركيين. لكن الأسد لم يوضح طبيعة تلك اللقاءات، كما لم يعلن ما إذا كانت ستفضي إلى تقارب محتمل بين واشنطن ودمشق.

ورغم الانتقادات التي وجهها الأسد إلى واشنطن إلا أنه استدرك قائلا “لكن نلتقي معهم بين الحين والآخر، مع أن هذه اللقاءات لا توصلنا إلى أي شيء، ولكن كل شيء سيتغير”. بيد أنه لم يحدد على أي مستوى تجري أو من يشارك فيها.

وأشار الرئيس السوري في لقائه عندما سئل عن إعادة الحوار مع الغرب إلى أن “الأمل موجود دوما، حتى عندما نعرف بأنه لن يكون هناك نتيجة علينا أن نحاول”. وأضاف “علينا أن نعمل معهم بغض النظر عن رأينا السيئ بهم ونشرح لهم أننا لن نتنازل عن حقوقنا، وسنتعاون معهم فقط على أسس المساواة”.

ولا تزال الولايات المتحدة متمسكة برفض التطبيع مع النظام السوري، على الرغم من عودة العلاقات بين دمشق وبعض الدول العربية.

ويرى محللون أن دينامية التقارب الخليجي ستقوي موقف سوريا دوليًّا إذا ما استمرت باندفاعتها؛ لأنها تعزز شرعية الأسد السياسية، فتتناقص جدوى التزامه بأطر التسويات الجماعية الأخرى، مثل مسار أستانة وغيرها؛ وسيكون من الأجدى للنظام السوري الاستثمار أكثر في مسار التقارب الثنائي في المجال العربي، وتأخير بقية المسارات واستعمال النجاحات المحققة في المسار الخليجي لتعزيز وضعه في جبهات أخرى خارجية. ومن المرجح أن ينجح في النهاية في الخروج من العزلة الخارجية، وستضطر بقية الدول المقاطعة له إلى التقارب منه.

ويأتي الحديث عن زيارة كويتية إلى دمشق بعد يومين من قرار إيطاليا تعيين سفير لها في سوريا في أول تحرك بعد دعوة أوروبية إلى إعادة تقييم العلاقات مع سوريا والتواصل مع النظام، وإيطاليا من بينها.

وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، بأن ستيفانو رافانيان الذي كان المبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى سوريا، عُيّن سفيرًا، ومن المقرر أن يتولى منصبه في دمشق قريبًا.

وجاء تعيين سفير في دمشق “لتسليط الضوء” على البلاد، بحسب تعبير وزير الخارجية تاجاني، وبذلك تكون إيطاليا أول دولة من بين الدول السبع الكبرى تعيد فتح سفارتها في دمشق منذ آذار 2011.

وكانت إيطاليا سحبت سفارتها من دمشق عام 2012، وعلقت أنشطتها الدبلوماسية في سوريا، بسبب استخدام النظام “العنف غير المقبول” ضد المواطنين.

وهناك ست سفارات للاتحاد الأوروبي تعمل في دمشق حاليًا، هي، رومانيا، وبلغاريا، واليونان، وقبرص، وجمهورية التشيك، والمجر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى