سياسة

تشاد تستوحي من التجربة المغربية في مكافحة تجنيد الأطفال


يواصل المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال الكائن مقره بمدينة الداخلة المغربية. جهود التوعية وحملات مناهضة لانتهاك حقوق الأطفال في افريقيا خاصة في بؤر النزاعات حيث تتفاقم هذه الظاهرة على نطاق واسعة ومن بينها ما يتعرض له الأطفال في مخيمات تندوف بالجزائر على يد جبهة بوليساريو الانفصالية.

وفي سياق جهوده المتواصلة، يقوم وفد من المركز بمهمة عمل في تشاد بهدف تكثيف التعاون مع السلطات التشادية لمواكبة برامج إعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والمهني لدى الأطفال المجندين في هذا البلد.

ويقوم المركز بدور نشط في مجال مكافحة تجنيد الأطفال ويقود حملات مكثفة للتوعية من تفاقم هذه الظاهرة، ما يسلط الضوء أيضا على المقاربة المغربية في هذا المجال والتي تندرج في سياق تعزيز المملكة لحماية حقوق الإنسان عموما وحقوق الطفل على وجه الخصوص. 

وذكر بيان صادر عن المركز الذي يتخذ من الداخلة الواقعة في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، أن هذه المهمة التي تأتي في إطار الاحتفاء باليوم العالمي لمناهضة تجنيد الأطفال في العنف المسلح والتي تصادف الثاني عشر من فبراير/شباط من كل عام، تهدف إلى رفع مستوى الوعي حول منع تجنيد الأطفال في القتال المسلح.

وبحسب المصدر ذاته، تهدف هذه المهمة إلى تعزيز التعاون مع الباحثين والأكاديميين في إطار الأنشطة التي يقوم بها المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال.
وفي تشاد، تركت عقود من الصراع الأطفال تحت رحمة القوات المسلحة وغيرها من الميليشيات الإجرامية والمتمردة المسلحة، فيما تقول الدولة التشادية إنها التزمت بوضع حد لتجنيد الأطفال. لكنّ أعداداً غير معروفة من القاصرين، لا تزال ضحية التجنيد للمتمردين أو الميليشيات المتشددة، وفقًا للعديد من منظمات حقوق الطفل.

وتستعين السلطات التشادية بالتجربة المغربية الرائدة في مجال إعادة تأهيل الأطفال المجندين، حيث شارك رئيس المركز عبدالقادر فلالي ومدير مكتب المركز بإفريقيا ويلي ديدي فوجا كونيفون، في ندوة تحت شعار “إفريقيا بدون أطفال مجندين في أفق 2030″، بمشاركة فاعلين في المجتمع المدني التشادي وباحثين وأساتذة وطلبة.

ويعتزم الوفد أيضا زيارة أماكن مختلفة لتسريح ونزع سلاح وإعادة إدماج الأطفال المجندين، والتي تم إحداثها بفضل التزام السلطات التشادية التي سهلت مهمة العمل هذه، وتصميمها على وقف تجنيد الأطفال من خلال الانفتاح بشكل خاص على الباحثين والمنظمات غير الحكومية.

واختيار تشاد وجهة لهذه المهمة يعتبر اختبارا لعلاقات التعاون بين المركز والسلطات التشادية. كما يشير ذلك أيضا إلى محاولة لتقديم نموذج عمل لفاعلية ودور المركز ولمقاربة المغرب في مكافحة تجنيد الأطفال وإعادة تأهيلهم.

وتقوم المقاربة المغربية على ضمان احترام حقوق الطفل والنهوض بها فعليا سواء في المملكة أو عبر العالم. وقد تم إنشاء المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال، بالداخلة في 31 مارس/آذار 2022، بمهمة تتمثل في جمع وتقديم معطيات دقيقة ونوعية وكمية من أجل تعميق البحث والمعرفة حول ظاهرة الجنود الأطفال في النزاعات المسلحة، وتوفير استجابات موجهة وفعالة للقضاء على هذه الظاهرة، بالتعاون مع المنظمات الإقليمية.

وعلى مستوى الاتحاد الإفريقي اعتمد المغرب. خلال رئاسته لمجلس السلم والأمن، في أكتوبر 2022، إعلانا بشأن “حظر تجنيد الأطفال واستغلالهم في حالات النزاع”. يدين بشدة استمرار تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل القوى والجماعات المسلحة. والمنظمات الإرهابية في القارة الإفريقية. ويسلط الضوء على أهمية خطط العمل الوطنية الشاملة لتعزيز الجهود الرامية إلى وضع حد لتجنيدهم واستخدامهم من قبل هذه القوى والجماعات المسلحة. والتسريح وإعادة الإدماج الأسري وفرض إلزامية التعليم.

 واختيار تشاد للتعاون مع المركز المغربي لم يكن بالصدفة. فالمملكة تعمل على ضمان استتباب السلم على الصعيد الإقليمي والقاري والدولي. من خلال آليات وأدوات مختلفة في كل من إفريقيا والبلدان الأخرى.

وسبق أن أكد الفيلالي أن “الأطفال المجندين يمثلون مشاريع لعناصر متطرفة. تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة”. مسلطا الضوء على استغلال الأطفال في مخيمات تندوف بجنوب الجزائر وهو الأمر الذي وثقته الكثير من الإصدارات. وقد حذر المغرب مرارا من انتهاكات بوليساريو في مخيمات تندوف .ومنها تجنيد الأطفال لأغراض سياسية وعسكرية.

وتواصل جبهة بوليساريو خرق المواثيق الدولية بالاستمرار في سياسة تجنيد الأطفال والشباب في مخيمات تندوف. إذ أعلنت في نوفمبر/تشرين الصاني الماضي عن “تخرج” دفعة جديدة من المقاتلين. وجاء في بيان للجبهة المدعومة من الجزائر أن “حفل تخرج هاته الدفعة من المقاتلين الشباب. عرف تمرينا للذخيرة الحية”، ما يعكس خطورة الوضع القائم في المخيمات. وتأثيره البليغ على مستقبل الطفولة والشباب.

وسبق أن حذرت تقارير أممية من خطورة عمليات التجنيد التي ترعاها الجزائر في مخيمات تندوف، والتي تساهم في زيادة نسب حمل السلاح في صفوف الأطفال والشباب. ومنعهم من الحصول على مستقبل تعليمي. حيث تعد مراكز تجنيد أطفال في تندوف أحد التحديات الكبيرة التي تواجه الأمم المتحدة. بينما تحرص الجزائر على منع الوصول إليها، فيما سبق أن تحدث ناصر بوريطة. وزير الخارجية المغربي عن “وجود تدريب من قبل الجانب الإيراني فيها”.

واستنكر المركز الانتهاكات والتجنيد الممنهج للأطفال في مخيمات تندوف. وأعرب المركز عن قلقه العميق إزاء استمرار تجنيد الأطفال الممنهج في مخيمات تندوف بالجزائر. والذي يؤكده عرض لمئات الأطفال فتيان وفتيات وهم يرتدون الزي العسكري.

وأضاف المركز “لقد نقلنا بشكل مباشر مخاوفنا العميقة إلى المجتمع الدولي. ونحمل الجزائر المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن هذا الانتهاك والتحدي الصارخين للقانون الدولي الإنساني في أراضيها”. وتابع أن “الجزائر طرف في اتفاقية حقوق الطفل. وعليها التزام باحترام وحماية وإعمال حقوق الأطفال في الحياة والخصوصية وحرية التفكير والتجمع السلمي على أراضيها”.

كما حث المركز نشطاء حقوق الإنسان والباحثين والصحفيين على الحرص على الضمير المهني والنزاهة الفكرية عند تناول الموضوع “حتى لا تمارس مليشيا البوليساريو ضغوطا على الأهالي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى