سياسة

تشرشل واليسار: جدل حول إرثه السياسي وتجاوزاته الحدودية


دائما ما يثير إرث رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل الجدل الواسع بين من يراه منقذ الديمقراطية الغربية وأعظم بريطاني في كل العصور وبين من يراه الإمبريالي العنصري وشرير مجاعة البنغال.

وفي حين كان تيار اليسار في بريطانيا هو من يقف دائما وراء الانتقادات لتشرشل، أصبح إرث رئيس الوزراء البريطاني الراحل هدفا لهجمات تيار اليمين الشعبوي في الولايات المتحدة وهو التيار الذي يدعم الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب والذي يخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل على أمل العودة للبيت الأبيض.

والأسبوع الماضي، أجرى المؤرخ الأمريكي اليميني داريل كوبر مقابلة مع تاكر كارلسون، مقدم البرامج السابق في قناة فوكس نيوز والمشجع البارز لترامب، وصف خلالها تشرشل بأنه “الشرير الرئيسي في الحرب العالمية الثانية” وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة “تلغراف” البريطانية.

وإلى جانب الأطروحة الفاضحة القائلة بأن قتل الملايين في معسكرات الاعتقال النازية يرجع إلى ضعف اللوجستيات أكثر من الإبادة الجماعية المنهجية، انتقد كوبر بشكل لاذع تشرشل باعتباره “محرضاً على الحرب” و”إرهابياً”.

وزعم كوبر أن تشرشل سمح للحرب بالانتشار إلى ما هو أبعد من بولندا في عام 1939، ورفض التفاوض مع الزعيم النازي أدولف هتلر في عام 1940 كما أنه قصف المدن الألمانية منذ عام 1942.

وبحلول نهاية الأسبوع، أدان متحدث باسم البيت الأبيض المقابلة باعتبارها “إهانة مقززة وسادية لجميع الأمريكيين”.

أما الملياردير إيلون ماسك المؤيد لترامب فشارك ثم حذف منشورا تضمن المقابلة التي وصفها بأنها “مثيرة للاهتمام للغاية، وتستحق المشاهدة”.

وعادة ما يحقق البرنامج الصوتي لكارلسون حوالي 800000 مشاهدة إلا أن مقابلته مع كوبر حققت أكثر من 33 مليون مشاهدة على منصة “إكس”.

وردا على ذلك نقلت “تليغراف” عن السير ماكس هاستينجز، أحد كتاب سيرة تشرشل قوله “أخشى أن يكون داريل كوبر جاهلاً تماماً بتشرشل أو الحرب العالمية الثانية” واعتبر أنه يبحث عن الإثارة وأن أفضل رد هو التجاهل”.

أما السير نيل فيرجسون أحد كتاب سيرة تشرشل فكتب في صحيفة “فري برس” قائلا “هذا ليس تنقيحا للتاريخ.. إنه حزمة من الأكاذيب”.

ووصف أندرو روبرتس وهو أيضا من كتاب سيرة تشرشل المقابلة بأنها “فارغة فكريا” وقال إنها “أساءت بشكل قذر استخدام حرية التعبير التي أنقذها رئيس الوزراء الراحل”.

من جانبه كتب فيكتور ديفيس هانسون المؤرخ العسكري البارز في صحيفة “فري برس” إن “بريطانيا كانت الدولة الوحيدة من بين الدول الست الكبرى المتحاربة في الحرب العالمية الثانية التي خاضت الحرب على مبدأ سلامة أراضي دولة طرف ثالث”.

والسؤال الآن، ما هو سر اهتمام اليمين الشعبوي بانتقاد تشرشل الآن؟ وفي محاولة للإجابة عن ذلك، كتبت ميشيل جولدبرج في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية “إذا لم يعد يُفهَم هتلر على نطاق واسع على أنه نفي لقيمنا العميقة، فسوف تصبح أمريكا أكثر رقة في مواجهة خطط دونالد ترامب الأكثر استبدادية”.

أما مارك جونسون فكتب في صحيفة “لوويستون تريبيون” في ولاية أيداهو “إنها معلومات مضللة مستوحاة من الكرملين لإرباك وتحريف التاريخ لصالح رفع وجهة نظر مفادها أن الديمقراطية الغربية مخطئة في الصراع الطويل ضد الاستبداد وأن الغرب لم يكن بحاجة إلى محاربة هتلر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى