تطور الوضع في قطاع غزة: ثوابت في الموقف الإماراتي
سعت دولة الإمارات منذ بدء جولة التصعيد الأخيرة بين إسرائيل وقطاع غزة، للقيام بدور فاعل لإيجاد حل لهذا التصعيد، يبدأ من إيجاد وقف إنساني لإطلاق النار، وصولاً لفتح أفق سياسي يُفضي لحل دائم يستند إلى ثوابت موقفها الداعم للقضية الفلسطينية ومبادئ سياستها الخارجية الخاصة بتكريس قيم التسامح ونشر ثقافة السلام، دون إغفالها أهمية منع التصعيد لتجنيب المنطقة مخاطر اندلاع حرب إقليمية لا تُحمد عقباها.
جاء موقف الإمارات متقدّماً ومنذ اندلاع التصعيد بعد هجمات السابع من أكتوبر من قِبل حماس وما تلاها من قصف إسرائيلي على قطاع غزة، فقد سارعت إلى التأكيد على ضرورة وقف التصعيد، والحفاظ على أرواح المدنيين، وأكدت وزارة الخارجية في أول بيان لها بشأن هذه التطورات أن دولة الإمارات تدعو إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وطالبت الإمارات بضرورة إعادة التفعيل الفوري للجنة الرباعية الدولية لإحياء مسار السلام العربي-الإسرائيلي، وحثّت المجتمع الدولي على دفع جهود تحقيق السلام الشامل والعادل.
وتطور موقف الدولة مع تطور الأوضاع في قطاع غزة، وبدء إسرائيل عملية القصف الجوي التي أحدثت دماراً واسعاً في القطاع طال المباني السكنية والمستشفيات والمدارس وغيرها من المؤسسات والمرافق المدنية وفق تقارير المؤسسات الدولية المختصة، ونجم عنه آلاف الضحايا الأبرياء من النساء والأطفال، وأصبحت الأوضاع كارثية مع استمرار الحصار وصعوبة إدخال المساعدات الإنسانية بسبب استمرار القصف، وهو ما عزز من جهود الإمارات للتنسيق والتعاون مع باقي الدول الفاعلة للعمل من خلال المؤسسات الدولية للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين.
وسعت دولة الإمارات من خلال اتصالات مستمرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، والتحركات المكثفة داخل مجلس الأمن، إلى حشد الجهود الدولية والمطالبة بتسخير الإمكانات كافة لتحقيق وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، مع تحذير شديد من «الانزلاق دون رادع إلى حرب إقليمية تُهدد بنتائج مشؤومة» من شأنها أن تهدد الأمن الإقليمي وتؤثر على الاستقرار في جميع أنحاء العالم، كما أكدت ذلك معالي ريم الهاشمي، وزيرة دولة، خلال كلمتها في اجتماع لمجلس الأمن بشأن الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، يوم الثلاثاء الماضي.
وتشدد دولة الإمارات بشكل قاطع على توفير الحماية للمدنيين، وضمان ممرات إنسانية آمنة لدعم قطاع غزة، وإيجاد أفق للسلام الشامل، وقد أكدت الإمارات خلال كلمتها في الاجتماع المذكور لمجلس الأمن على ضرورة السماح بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ومستدام إلى قطاع غزة بطريقة تلبّي الاحتياجات الأساسية، مع الإشارة إلى أن العدد القليل من الشاحنات التي عبَرت إلى قطاع غزة في الأيام الأخيرة لا يلبي الاحتياجات الهائلة على الأرض ولا يمثل سوى 4% من حجم السلع التي كانت تدخل القطاع قبل هذه الأزمة.
وتؤكد الإمارات أن سياسة العقاب الجماعي تجاه قطاع غزة، لا يمكن تبريرها، مع التشديد على أنه يتعين على إسرائيل احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، والتشديد كذلك على الرفض القاطع للأمر الذي أصدرته إسرائيل بإجلاء أكثر من مليون شخص من شمال غزة إلى جنوبها أو تهجير سكان القطاع إلى خارجه، لأن ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينية.
هذا هو الموقف الإماراتي الثابت تجاه التطورات في قطاع غزة، فموقف الدولة في دعم القضية الفلسطينية ثابت وراسخ، والإمارات تؤيد بشكل مطلق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وفي مقدمتها حقه في دولة مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.