تعقيدات المشهد الليبي تتصاعد… مبادرات الخارج تصطدم بالانقسام الداخلي
بينما تُكثّف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي جهودهما لإعادة الزخم للمسار الليبي المتعثر، يطفو على السطح واقع أكثر تعقيدًا ممّا تعكسه البيانات الدولية.
ورغم الدفع الأممي–الأفريقي المتجدد وخارطة الطريق التي تحظى بدعم واسع، اعتبر محللون أن الشكوك تتزايد داخل ليبيا حول قدرة هذا الحراك على إحداث اختراق حقيقي في ظل الانقسام السياسي، وتضارب المصالح، وتباطؤ التقدّم على الأرض.
وفيما تتقدم مبادرات المصالحة نظريًا، يبقى التنفيذ رهين الإرادة الداخلية التي لم تُظهر بعد ما يكفي من الانسجام لإنهاء أطول مرحلة انتقالية في تاريخ البلاد.
دعم مستمر
أعاد المؤتمر السنوي التاسع للاتحاد الأفريقي، المنعقد بالشراكة مع الأمم المتحدة في نيويورك، التأكيد على التزام الجانبين بدعم الاستقرار في ليبيا، في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول قدرة هذا الدعم على إحداث اختراق فعلي في الأزمة الممتدة منذ سنوات، خصوصًا مع تجدد النقاش حول مساري المصالحة والعملية السياسية.
وفي بيانه الختامي، مساء السبت، رحّب الطرفان بالتقدّم المسجّل في جهود المصالحة الوطنية وتوسيع المشاركة المجتمعية، مجدّدَين مساندتهما لخارطة الطريق الهادفة إلى تهيئة الظروف لإجراء انتخابات تنهي المرحلة الانتقالية.
كما أشاد البيان بتوقيع عدد من الأطراف على ميثاق السلام والمصالحة الوطني، مؤكدًا أهمية تنسيق الجهود الدولية عبر لجنة المتابعة والمجموعات المنبثقة عنها لدعم عملية سياسية يقودها الليبيون أنفسهم.
لكن، ورغم هذا الزخم الدبلوماسي، اعتبر محللون ليبيون أن الدعم الأممي–الأفريقي ضروري لكنه غير كافٍ، مؤكدين أن الحل لا يزال مرهونًا بإرادة داخلية قادرة على دفع المسار السياسي ومنع تضارب المبادرات الخارجية.
توحيد المظلة السياسية
قال المحلل السياسي سالم محمد إن البيان يكتسب أهميته من جهة توحيد المظلة الدولية والإقليمية واحتضان المبادرات الليبية تحت إطار مشترك، إلى جانب إبراز الدور الأفريقي في توسيع قاعدة المصالحة المجتمعية.
غير أنّ الخبير الليبي شدّد على أن هذا الدعم لن يكون كافيًا دون خطوات داخلية موازية تضمن تحقيق تقدّم فعلي.
دعوات لتطوير آليات الدعم
أما الكاتب والمحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي فكان أكثر حدّة، معتبرًا أن ما طُرح في المؤتمر «كلام مكرّر لا يحمل أي جديد»، مشيرًا إلى أن الأزمة الليبية تحتاج إلى «إجراءات حاسمة» لدعم العملية الانتخابية وإزاحة المعرقلين.
ونوّه الأوجلي بإمكانية فرض العقوبات وتبنّي مقاربة أكثر قوة لتحريك الداخل الليبي.
وأضاف أن أي تحرك أممي–أفريقي «لن يكون ذا جدوى ما لم يترافق مع ضغط حقيقي» يستجيب للإرادة الشعبية التي تلوّح بتحركات جماهيرية في 28 من الشهر الجاري.
الخطة الأممية.. وتحديات التطبيق
ورغم إعلان البعثة الأممية، في 12 أغسطس/آب الماضي، عن خطة لتوحيد السلطة التنفيذية والتمهيد لإجراء الانتخابات، فإن التقدّم على الأرض ما يزال محدودًا، وسط خلافات عميقة بين الأجسام السياسية ومؤسسات الدولة المنقسمة بين الشرق والغرب.
ويرى مراقبون أن مسارات المصالحة والعملية السياسية لا تزال بحاجة إلى توافق داخلي أوسع، وأن أي دعم خارجي، مهما كان حجمه، لن يحقق نتائج ملموسة ما لم يُترجم إلى خطوات ليبية واضحة على الأرض.
