الشرق الأوسط

تفجيرات جديدة تضرب أجهزة لاسلكي في لبنان بعد سلسلة هجمات «البيجر»


قتل ما لا يقل عن 14 شخصا وأصيب المئات جراء انفجارات بعبوات أجهزة اتصال لاسلكية محمولة في الضاحية الجنوبية لبيروت وعدة مناطق في لبنان وذلك بعد يوم واحد من تفجيرات “البيجر” التي أسفرت عن 12 قتيلا، بينهم مدنيون وعناصر بحزب الله وخلفت نحو 2800 جريح، بينما توعدت الجماعة اللبنانية إسرائيل بردّ قوي.

وقال مصدر مقرب من حزب الله إن “عددا من أجهزة الاتصال اللاسلكية انفجرت في الضاحية الجنوبية لبيروت”، فيما أكدت هيئة إسعاف تابعة للحزب انفجار أجهزة اتصال في سيارتين في الضاحية الجنوبية.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام عن انفجار لأجهزة “بيجرز” وأجهزة اتصال لاسلكية في الضاحية وفي الجنوب وفي البقاع في شرق لبنان.

وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية في بيان إن “14 شخصا قد استشهدوا وأصيب أكثر من 450 شخصا بجروح”.

وأكد مصدر أمني أن حزب الله اشترى أجهزة اللاسلكي المحمولة قبل 5 أشهر في وقت شرائه أجهزة البيجر تقريبا.

وقال مصدر أمني إن مئات الأشخاص أصيبوا اليوم الأربعاء في الانفجارات الجديدة، مضيفا أن العديد من الإصابات كانت في البطن واليدين.

ونشر نشطاء لبنانيون صورا ومقاطع فيديو تصور الانفجارات وحالة الهلع التي أثارتها.

وفي سياق متصل قال القيادي في حزب الله هاشم صفي الدين إن الجماعة تواجه “مرحلة جديدة”، مضيفا أن “العقاب آت لا محالة”.

وعلى الرغم من عدم تعليق إسرائيل على العملية المخابراتية التي أدت إلى وقوع انفجارات متزامنة في الآلاف من أجهزة الاتصال اللاسلكي “بيجر” التي يستخدمها أعضاء حزب الله يسلط الهجوم الضوء على الوحدة 8200، وهي وحدة الحرب الإلكترونية السرية في إسرائيل.

وتعرف هذه الوحدة في إسرائيل باسمها بالأرقام العبرية “شموني ماتايم”، وهي جزء من شعبة المخابرات العسكرية.

وهي الوحدة الموازية أو الشبيهة بوكالة الأمن القومي الأميركية أو مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية، وهي أكبر وحدة عسكرية مفردة في الجيش الإسرائيلي. وتعود أصولها إلى الوحدات المبكرة لفك الرموز والشفرات ووحدات المخابرات التي تشكلت عند قيام دولة إسرائيل في 1948.

وغالبا ما تكون أنشطتها شديدة السرية وتتنوع من اعتراض الإشارات إلى تصنيف البيانات وفهم دلالاتها وهو ما يطلق عليه التنقيب في البيانات والهجمات التكنولوجية.

وتضمنت بعض العمليات التي يُقال إن الوحدة ضلعت فيها هجوم “ستاكس نت” الفيروسي بين عامي 2005 و2010 الذي عطل أجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية، وهجوما إلكترونيا في 2017 على شركة الاتصالات المملوكة للبنان “أوجيرو” وإحباط هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على رحلة تابعة لشركة نقل جوي مدنية كانت متوجهة من أستراليا إلى الإمارات في 2018.

وقال قائد الوحدة العام الماضي في مؤتمر في تل أبيب إن الوحدة تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للمساعدة في اختيار أهدافها من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وفضلا عن التجسس على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، تنفذ الوحدة عمليات في كل المناطق، بما في ذلك مناطق القتال، وفي أوقات الحرب، تعمل في تكامل وثيق مع مقرات قيادة المعارك.

ويجري اختيار أفرادها من الشبان ممن هم في أواخر مرحلة المراهقة وبداية العشرينات، ويجري تحديد وانتقاء بعضهم من برامج دراسة ثانوية عالية التنافسية، ويحظى كثير منهم بمسيرة مهنية في قطاع التكنولوجيا المتقدمة والأمن الإلكتروني المزدهر في إسرائيل.

ويقول أعضاء سابقون إن ثقافة الوحدة تشبه ثقافة شركة ناشئة بها فرق صغيرة تعمل على مشكلات بدرجة غير معتادة من الحرية بهدف تعزيز الإبداع.

وبالإضافة إلى بقية مؤسسات الدفاع والأمن، تأثرت سمعة الوحدة بسبب الإخفاق العسكري في منع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل قبل حدوثه، وأعلن قائد الوحدة هذا الشهر أنه سيستقيل.

وفي 2014، نشرت مجموعة من أفراد الاحتياط تتألف من 43 فردا رسالة مفتوحة تندد فيها بالمراقبة “غير الأخلاقية” من قبل الوحدة للفلسطينيين غير الضالعين في العنف.

“هذا سيف اخترق أحشاء الجماعة”.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه عقب انفجار أجهزة اتصالات في لبنان وسوريا الثلاثاء والأربعاء، داعيا جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس لمنع انتشار التوتر.
وطالب غوتيريش في بيان الأطراف المعنية باحترام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 المتعلق بحل النزاع اللبناني الإسرائيلي، مؤكدا على ضرورة إنهاء الصراعات لضمان الاستقرار.

وأشار إلى أن الأمم المتحدة ستدعم أي جهود دبلوماسية وسياسية تهدف إلى إنهاء العنف في المنطقة.
وفي وقت سابق دعا غوتيريش إلى عدم تحويل “الأجهزة المخصصة للاستخدام المدني” إلى أسلحة، وأن يكون ذلك قاعدة للحكومات في جميع أنحاء العالم.

وقالت مصادر مطلعة على عمليات حزب الله إن الجماعة اللبنانية كانت تستعد لخطر تصعيد عسكري إسرائيلي عندما تلقت ضربة غير متوقعة أصابتها بحالة ارتباك غير مسبوقة استمرت لساعات.

وقال مسؤول في الحزب إن الجماعة سارعت برفع مستوى استعدادها العسكري بمجرد بدء الهجوم تحسبا لأن يكون بداية هجوم أكبر من إسرائيل، التي زادت تحذيراتها من تصعيد الصراع المحتدم عبر الحدود منذ عام.

وقال مصدر مطلع على تفكير حزب الله الأسبوع الماضي إن الجماعة كانت تتوقع زيادة الهجمات الإسرائيلية في لبنان بناء على ما وصفه “بالاستعدادات الإسرائيلية للأسوأ”.

وذكر مصدر آخر أن الجماعة دخلت في حالة من الارتباك في اللحظات الأولى من انفجارات الثلاثاء قبل أن تمتص “الصدمة الكبيرة غير المتوقعة”، بينما أكد مصدر أن الهجوم لم يصب حزب الله بالشلل. وتوعد الحزب بالانتقام.

وقال مسؤول في الحزب إن المئات من مقاتلي الجماعة أصيبوا، وسقط معظمهم في بيروت وليس في القرى الواقعة على الخطوط الأمامية في جنوب لبنان.

وذكر أن العديد من المصابين من المسعفين أو إداريين في مؤسسات حزب الله أو أقاربهم الذين تصادف وجودهم في مكان قريب.

وقال مهند حاج علي نائب مدير إدارة الأبحاث في مركز كارنيجي الشرق الأوسط ومقره بيروت “هذا سيف اخترق أحشاء الجماعة”.

وتسبب هذا الهجوم على ما يبدو في توقف مؤقت لهجمات حزب الله عبر الحدود على إسرائيل، قبل أن تُستأنف بعد ظهر اليوم الأربعاء مع إعلان الجماعة أنها أطلقت صواريخ ردا على الهجوم على قرى في جنوب لبنان ودعما لغزة.

وأصيب أيضا حراس شخصيون لبعض من كبار قادة حزب الله رغم عدم ورود أنباء عن وقوع إصابات بين القيادات. وقالت مصادر إن الأمين العام للجماعة حسن نصر الله لم يصب بأذى.

وقال مسؤول لبناني كبير إن حزب الله في موقف صعب لكنه قادر على استيعاب تأثير ما حدث وإن الضربة لم تصبه بالشلل. ورفض المسؤول، الذي ينتمي إلى الجماعة، الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع.

ومن المقرر أن يلقي نصر الله خطابا غدا الخميس. وقالت المصادر إن الجماعة حددت هذا التوقيت ليكون لديها فرصة تكوين صورة أوضح عن الهجوم قبل الخطاب.

وفي سياق متصل أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت اليوم الأربعاء أن “مركز ثقل الحرب ينتقل الى الشمال”.

وأوضح في بيان صادر عن مكتبه “نحن في بداية مرحلة جديدة في الحرب تتطلب الشجاعة والتصميم والمثابرة من جانبنا”، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي لم “ينس” أهدافه في غزة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى