تقرير أميركي يبرز دور المغرب كركيزة للاستقرار في منطقة الساحل

رشح تقرير أصدره مركز “إفريقيا للدراسات الإستراتيجية” التابع لوزارة الدفاع الأميركية، المغرب للعب دور استخباراتي بارز بهدف بسط الأمن والاستقرار في الساحل الأفريقي من خلال ملء الفراغ الذي خلفه الانسحاب الفرنسي من المنطقة التي تشهد اضطرابات فاقمها تنامي المخاطر الإرهابية وتقدم الجماعات المتطرفة.
ويُنظر إلى المغرب على أنه قوة ضامنة للاستقرار في القارة خاصة في منطقتي غرب إفريقيا والساحل، وذلك من خلال تبنيه مقاربة متعددة الأبعاد لا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل تمتد لتشمل الدبلوماسية الدينية والتنمية الاقتصادية والتعاون جنوب – جنوب.
ويتماشى هذا التقرير مع الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لتعاونها مع الرباط في مجال مكافحة الإرهاب، ما يعكس الاعتراف الأميركي بقدرات شريك إستراتيجي لا غنى عنه في التصدي لكافة أشكال الجريمة.
وتمتلك المملكة سجلا حافلا في تفكيك الخلايا الإرهابية بفضل فعالية جهازها الاستخباراتي، في وقت تعتمد فيه مقاربة شاملة لا تقتصر على البعد الأمني بل تشمل البعد الديني والاجتماعي والاقتصادي والوقاية من التطرف.
وتطرق التقرير إلى المخاطر الأمنية التي تشهدها منطقة الساحل من بينها توسع نشاط كتيبة “تحرير ماسينا” في جنوب مالي وقدرة جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” على تعطيل إمدادات الوقود إلى باماكو وجميع أنحاء البلاد بعد أن حققت خلال الفترة الأخيرة مكاسب ميدانية هامة كشفت عن عجز القوات المالية عن احتواء تقدمها.
وحذر من امتداد هذه التهديدات إلى جيران مالي، ما من شأنه أن يؤدي إلى طوفان من النازحين إلى كوت ديفوار وغينيا وموريتانيا والسنغال، موضحا أن “التعرض المتزايد لهجمات عبر الحدود من قبل الجماعات المسلحة الإسلامية يعرض المجتمعات والحكومات المحلية في هذه الدول لخطر زعزعة الاستقرار”.
وأشار التقرير إلى أن حماية المصالح الأمنية للولايات المتحدة في الساحل تتطلب إشراك شركاء “جديرين بالثقة وقادرين وموثوقين” لهم سجل مثبت في إيجاد حلول مستدامة، فيما يبرز المغرب كحليف رئيسي وأقدم حلفاء واشنطن في إفريقيا.
ويعكس هذا التقرير سعي الولايات المتحدة للاعتماد على شركائها الإقليميين لملء الفراغ الأمني وتقليل الحاجة إلى التدخل المباشر القائم على “القوة الصارمة”، مع التأكيد على أهمية التعاون الذي يشمل التدريب وتبادل الخبرات التكنولوجية والمعلوماتية.
وأشار إلى أن منطقة الساحل الإفريقي تشهد فراغا أمنيا بعد أن أنهت دول التحالف الذي يضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر تعاونها مع فرنسا القوة الاستعمارية السابقة التي اضطرت تحت ضغط المجالس العسكرية الحاكمة إلى سحب كامل قواتها، لافتا إلى أن الجماعات المتطرفة استغلت هذا الفراغ لتوسيع دائرة تحركاتها.
ونقل موقع “هيسبريس” المغربي عن هشام معتضد، الباحث في الشؤون الاستراتيجية، قوله إن “المغرب يمكنه أن يملأ هذا الفراغ بذكاء، أولا عبر شراكات استخباراتية ثنائية تركز على تبادل نقاط الاستخلاص العملية، إشارات الاتصال، تحركات التمويل، ومواقع التدريب، مع ضمان آليات موثوقة للسرية والربط القانوني، ثم عبر مبادرات متعددة الأطراف ضيقة التركيز، كمراكز تبادل معلومات إقليمية تستهدف تهديدات مشتركة محددة، وبناء قدرات محلية طويلة الأمد، وبرامج إعادة الإدماج التي تكسر دورة التجنيد”.
ويُنظر إلى المغرب كخران مهم للمعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالجماعات المتطرفة، بسبب موقعه الجغرافي القريب من أوروبا ودول الساحل وقدرته على جمع وتحليل البيانات، ولطالما لعب دورا بارزا في إحباط العديد من المخطات الإرهابية.
وترتبط المملكة بعلاقات راسخة مع بلدان الساحل الإفريقي ينتظر أن تنتقل إلى شراكة إستراتيجية بعد تأكيد هذه الدول انخراطها في المبادرة التي أطلقتها الرباط قبل عامين وتهدف إلى تسهيل وصولها إلى المحيط.
ويعتمد المغرب على دبلوماسية دينية وتنمية اقتصادية وتعاون في مختلف القطاعات، فضلا عن نجاحه في إقامة جسور التواصل، مما يعزز الاستقرار في القارة ويقدم حلولًا للمشاكل الإفريقية، وهذا ما تراه الولايات المتحدة استثمارا نموذجيا ومكملًا للجهود الأمنية.