تقرير فرنسي: 6 ملفات تؤجج الصراع بين أردوغان وماكرون
سلّط تقرير نشره موقع ”فرانس أنفو“ الضوء على مواضع التوتّر بين باريس وأنقرة، بدءا بالملف الليبي مرورا بالصراع بين أرمينيا وأذربيجان، والتوتر مع اليونان بسبب تنقيب تركيا عن الغاز في شرق المتوسط وصولا إلى الرسوم المسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم).
وقال التقرير إنّ ”العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وتركيا لم تبلغ من قبل هذا المستوى من التوتر، ويتضح ذلك من هجمات رجب طيب أردوغان على إيمانويل ماكرون واتهامه له بأنه بحاجة لطبيب صحة عقلية، ردًا على تصريحاته بعد الهجوم الذي وقع في كونفلانس سانت أونورين (إيفلين).
وخلال حفل التكريم الوطني للمعلم صمويل باتي، الذي اغتيل بعد أن عرض صورة كاريكاتورية للنبي محمد (عليه السلام) على طلابه، ووعد ماكرون بأن فرنسا لن تتخلى عن ”الرسوم الكاريكاتورية“. ورد أردوغان يوم السبت بأنّ ”كل ما يمكن أن يقال عن رئيس دولة يعالج الملايين من أعضاء الطوائف الدينية المختلفة بهذه الطريقة هو ”اذهبوا لإجراء فحوصات الصحة العقلية أولا“ مضيفا أنّ ”ماكرون يحتاج إلى العلاج“.
ونددت الرئاسة الفرنسية بالتصريحات التي وصفتها بـ ”غير المقبولة“ واستدعت السفير الفرنسي لدى أنقرة يوم الأحد في سابقة هي الأولى من نوعها في العلاقات الدبلوماسية الفرنسية التركية، وأضاف التقرير ”لكن رجب طيب أردوغان خلال خطاب متلفز في الأناضول، اتهم إيمانويل ماكرون بأنه ”مهووس بأردوغان ليلا ونهارا“ وقال ”إنه ظاهرة، ونتيجة لذلك يحتاج حقًا إلى اختبار“ بحسب تعبيره.
أما الملف الثاني بحسب التقرير فهو مشروع القانون الفرنسي حول الانفصالية، ويقول في هذا السياق إنه ”في أوائل أكتوبر / تشرين الأول، ندد رجب طيب أردوغان بتصريحات إيمانويل ماكرون بضرورة ”هيكلة الإسلام“ في فرنسا في إطار مشروع قانون مكافحة ”الانفصالية“.
ورد الرئيس التركي خلال كلمة ألقاها في أنقرة بأن ”تصريحات ماكرون بأن الإسلام في أزمة هي استفزاز واضح يتجاوز مجرد عدم الاحترام“ وأضاف ”من أنت لتتحدث عن هيكلة الإسلام؟ إنها وقاحة وتتجاوز الحدود.“
وسيتم تقديم هذا القانون في 9 ديسمبر / كانون الأول المقبل، ويهدف إلى تعزيز المبادئ الجمهورية في فرنسا. ويتضمن القانون بعض الفقرات التي من المحتمل أن تفاقم التوتر في العلاقات مع تركيا مثل زيادة السيطرة على تمويل المساجد الفرنسية أو حظر تدريب الأئمة في الخارج.
الملف الثالث الذي سلط عليه التقرير الضوء هو الصراع في ناغورنو كاراباخ في القوقاز، حيث أعلنت منطقة ناغورنو كاراباخ، المأهولة بالأرمن ولكنها جزء من أذربيجان، استقلالها في عام 1991، عندما تفكك الاتحاد السوفياتي وخلف الصراع الأول 30 ألف قتيل ومئات الآلاف من المشردين، وبدا الوضع مستقرًا إلى حد ما لكن التوتر تصاعد مرة أخرى منذ بداية عام 2020 وفق التقرير.
وبحسب الموقع الفرنسي تلعب تركيا دورًا لا يمكن إنكاره في استئناف الاشتباكات، ويشتبه في أن أنقرة، التي قالت إنها مستعدة اعتبارًا من 28 سبتمبر / أيلول لدعم باكو ”بكل الوسائل“، هي من يؤجج الوضع.
وأضاف أنّ ”هذا الدعم التركي لأذربيجان ينطوي بشكل خاص على الدعم العسكري، لكن تركيا اتهمت أيضا بإرسال مقاتلين سوريين، وهو ما تنفيه تركيا. ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذه العناصر بـ ”الجهاديين“ ودعا إلى ”تفسيرات“، واقترحت السلطات التركية ”محادثات رباعية“ مع روسيا والطرفين من الانفصاليين الأرمينيين والأذربيجانيين وهي طريقة لإخراج الفرنسيين والأمريكيين من القضية“، بحسب التقرير.
وبالإضافة إلى الملفّات المذكورة، أشار التقرير إلى أزمة التنقيب عن حقول الغاز بشرق البحر المتوسط، حيث تتنافس اليونان وتركيا على مناطق اقتصادية خالصة في شرق البحر الأبيض المتوسط، على خلفية استغلال الهيدروكربونات، وأطلق رجب طيب أردوغان بعثات تنقيب في المناطق التي تطالب بها أثينا، ما أثار توترات دبلوماسية جديدة.
وأشار التقرير إلى أنّ باريس، وهي على خلاف مع أنقرة بشأن القضية الليبية، دعمت قبرص واليونان في مواجهتها، بإرسال قوات عسكرية إلى المنطقة في أغسطس / آب الماضي.
وأثار سبعة من قادة دول جنوب الاتحاد الأوروبي، من بينهم إيمانويل ماكرون، خطر فرض عقوبات إذا لم تضع أنقرة حداً لـ ”أنشطتها الأحادية“ في إشارة إلى عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي. وفي المقابل قال رجب طيب أردوغان في خطاب متلفز في اسطنبول يوم 12 سبتمبر / أيلول الماضي ”لا تسعوا إلى الشجار مع الشعب التركي ومع تركيا“، مضيفا ”سيد ماكرون، مشاكلك معي لم تنته“ وفق تعبيره.
ويمثل الملف الليبي أحد أبرز عناصر التوتر بين أنقرة وباريس وفق التقرير، ففي يونيو / حزيران أدان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ”الدعم العسكري المتنامي“ الذي تقدمه تركيا لحكومة الوفاق في طرابلس بقيادة فائز السراج وخرق الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة“. ورفضت تركيا هذه الانتقادات واتهمت باريس بدورها بـ ”عرقلة السلام“ من خلال دعم المعسكر المعارض المتمثل في المشير خليفة حفتر.
وفي هذا السياق المتوتر بالفعل، يقول التقرير، نددت فرنسا بما وصفتها ب“المناورة العدوانية“ التي قامت بها الفرقاطات التركية ضد إحدى سفنها المشاركة في مهمة الناتو في 10 يونيو / حزيران، ووفقًا لباريس كانت فرقاطة ”لو كوربيه“ تحاول تحديد هوية سفينة شحن يشتبه في أنها تحمل أسلحة إلى ليبيا عندما أضاءت ثلاث مرات بواسطة رادار مراقبة الحرائق التابع للمرافقة التركية.
وحكمت فرنسا بأن ”الدفع بالقوارب هذه بين تركيا ومصراتة الليبية، التي ترافقها أحيانًا فرقاطات تركية، لا تساهم في خفض التصعيد“، متهمة تركيا بانتهاك الأنظمة الدولية. وأعلن إيمانويل ماكرون أن تركيا ”عززت وجودها العسكري في ليبيا وأعادت استيراد المقاتلين الجهاديين على نطاق واسع من سوريا“، قبل أن يذكر ”مسؤولية تركيا التاريخية والجنائية“ في الصراع، وفق تعبيره.
ومن جهته، رد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ، في 4 أيلول / سبتمبر الماضي، باعتبار رد فعل الرئيس الفرنسي ”هستيريًا“ وفق وصفه.
ويمثل الوضع داخل حلف شمال الأطلسي مصدر توتر إضافيا بين تركيا وفرنسا وفق التقرير، ففي مقابلة مع مجلة ”ذي أيكونوميست“ The Economist الأسبوعية في نوفمبر / تشرين الثاني 2019، رأى إيمانويل ماكرون أن ”الناتو“ في حالة ”موت دماغي“، واستنكر الرئيس الفرنسي عدم وجود تنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا والسلوك الأحادي الجانب لتركيا في سوريا، وفق قوله.
وردّ الرئيس التركي بشكل لاذع قائلا ”إنني أخاطب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من تركيا، وسأكرر ذلك لحلف الناتو: ”قم بفحص موتك العقلي أولاً، هذه التصريحات تنطبق فقط على أولئك الذين ماتوا دماغيا مثلك“ وفق تعبيره.
وقد تم استدعاء السفير التركي لدى فرنسا على الفور إلى وزارة الخارجية لشرح ما قاله رجب طيب أردوغان، وقالت الرئاسة الفرنسية آنذاك ”لنكن واضحين، هذا ليس إعلانًا، هذه إهانات“.