إيران

جدل بشأن دور خامنئي في إيصال بزشكيان إلى السلطة


تدور في الأوساط السياسية الإيرانية، أحاديث كثيرة حول دور المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بإيصال مرشح الإصلاحيين النائب مسعود بزشكيان إلى منصب رئيس الجمهورية، بعدما أسفرت الجولة الثانية يوم الجمعة الماضي عن فوزه على منافسه المتشدد سعيد جليلي.

ومما عزز تلك الفرضية هو ما ذكره بزشكيان، السبت الماضي، خلال زيارته إلى مرقد مؤسس النظام الراحل روح الله الخميني بالقول: “لولا خامنئي لما خرج اسمنا من صندوق الانتخابات”.

مجلس صيانة الدستور يتحمل الخسارة

وهاجم النائب عن محافظة قم عن التيار المتشدد محمد منان رئيسي مجلس صيانة الدستور، وحمّله مسؤولية فوز مرشح الإصلاحيين مسعود بزشكيان بالانتخابات.

وقال منان رئيسي: “عندما يمرر مجلس صيانة الدستور مرشحاً من طيف سياسي معين (الإصلاحيين) أمام عدة مرشحين (المحافظين) فهذه خطوة ليست صحيحة وهي التي تسببت بخسارة الأصوليين المحافظين لهذه الانتخابات”.

واعتبر النائب رئيسي وهو ممثل محافظة قم في البرلمان، أن “استثناء مجلس صيانة الدستور من أي نوع من المساءلة والانتقاد لا يتوافق مع النظام الجمهوري”.

وعن تأييد أهلية مرشح إصلاحي وهو مسعود بزشكيان، أمام 5 مرشحين أصوليين، قال منان رئيسي: “هذا خطأ قام به مجلس صيانة الدستور، وكان من الواضح أنهم إذا وافقوا على شخص واحد فقط من طيف سياسي (إصلاحي)، عن قصد أو عن غير قصد، فإنهم يركزون جميع أصوات ذلك الطيف على ذلك الشخص الواحد”.

واستغرب تأييد أهلية بزشكيان وعدم تأييد صلاحية عدد كبير من الشخصيات البارزة من الإصلاحيين، منتقداً مجلس صيانة الدستور، وقال: “يجلس بسهولة ودون تفكير في العواقب، خلال خمسة أو ستة أيام لمراجعة أهلية المرشحين، خلف الطاولة وتحت رياح البرودة ودون التحليل اللازم، يسلمنا تركيبة في عملية غير شفافة، لا سبيل لها”.

وأضاف قائلا: “لكني آمل أن يفكروا على الأقل لأنفسهم بأمانة.. إذا كان الأمر يتعلق بهندسة الانتخابات (ولو عن غير قصد) لصالح الأصدقاء الإصلاحيين، فهل كان من الممكن الإعلان عن أمر الانتخابات”.

المتشددون لم يستوعبوا صدمة الخسارة

بدوره، نفى رحمة الله بيغدلي، أحد المقربين من حملة الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان، صحة الأخبار التي تُرَوَّج عبر وسائل الإعلام، بشأن تسهيل خامنئي مهمة فوز بزشكيان في الانتخابات، مبينا أن “هذا ما يروج له إعلام المتشددين الذين خسروا الانتخابات”.

ويعتقد بيغدلي أن “التيار الأصولي المحافظ (المتشدد) لم يعد يستوعب صدمة الخسارة المدوية للانتخابات، وهذا ما نلاحظه من تراشق الاتهامات بين المحافظين محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي”.

وعند سؤاله عن وجود لقاء بين خامنئي وبزشكيان قبل إجراء الانتخابات قال: “هذه معلومات كاذبة ولم يلتق خامنئي مع بزشكيان أو أعضاء في مكتبه قبل الترشح للانتخابات الرئاسية“.

وأضاف: “هناك طيف من المتشددين بدأ يردد ما ذكره مؤسس النظام الراحل روح الله الخميني من أنه ومهما كان رأي الأغلبية في الانتخابات فهي صحيحة، حتى لو كان ذلك على حساب أنفسهم أو بضررهم”.

لولا الإصلاحيون لاهتزت شرعية النظام

ومن جانبه، قال النائب السابق والسياسي الإصلاحي محمود صادقي، إنه لولا مشاركة التيار الإصلاحي، ودفعه لأنصاره بالمشاركة في الانتخابات لأصبحت شرعية النظام في موقف محرج.

 وقال صادقي: “لو كان خامنئي هو من سمح لبزشكيان بالترشح أو سهل عملية فوزه فلماذا لم يتكرر هذا الموقف مع علي لاريجاني الذي اعترض خامنئي على استبعاده في الانتخابات الرئاسية عام 2021″.

وأضاف: “خامنئي أعلن صراحة في عام 2021 أن استبعاد لاريجاني الذي تولى منصب رئاسة البرلمان لمدة 12 عاماً وحالياً مستشاره، يكتنفه الغموض وعلى مجلس صيانة الدستور توضيح الأسباب”.

ويرى صادقي أن “سماح النظام لمرشح إصلاحي واحد للمشاركة بالانتخابات كان بهدف إضفاء الشرعية؛ لأنه يعتقد أن جمهور الإصلاحيين لم يعد يشارك بالانتخابات السابقة منذ إقصائهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية”.

وتابع: “لولا مشاركة الإصلاحيين لكانت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات الرئاسية تتراوح ما بين 20 إلى 26%، وهذا سوف يتسبب باهتزاز شرعية النظام محلياً ودولياً، لكن النظام تفادى المشكلة”.

خامنئي كان يريد رئيسا محافظا

من جانبه، قال قيادي كبير في التيار المتشدد إن “ما نلاحظه من مواقف وخطابات خامنئي نرى أنه كان يبحث عن رئيس ثوري على نهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي“.

وذكر القيادي مشترطاً عدم الكشف عن هويته بأن “خامنئي طالب في بيان له بزشكيان بعد تهنئته بضرورة السير على نهج رئيسي، وهذا ما يعزز فرضية أن خامنئي كان يبحث عن رئيس ثوري حتى لا تحدث مشاكل بين مؤسسات الحكم والنظام كما حدث في عهد الرئيس الأسبق حسن روحاني”.

وأضاف: “خامنئي لا يتدخل بالانتخابات ولكن يرسم الخطوط العامة للإيرانيين بشأن الرئيس المقبل والمهمة تقع على عاتق الشعب والقوى السياسية”، مشيرا إلى أن “من يتحمل مسؤولية خسارة هذه الانتخابات قاليباف وجليلي، فلم يتوصلا إلى اتفاق قبل الجولة الأولى”.

كيهان: جليلي مرشحنا المفضل

وفي سياق متصل، قالت صحيفة “كيهان” التابعة لمكتب خامنئي، في تقرير لها الإثنين: “نحن، معجبي الدكتور جليلي، أحببنا حقًا مرشحنا المفضل الذي اعتبرناه المرشح المناسب للرئاسة”.

 وأضافت: “لسنا نادمين على ما وصلنا إليه، ونحمد الله تعالى أن تمكنا من القيام بواجبنا، كنا مسؤولين عن المهمة وليس النتيجة، لقد شهدت ثورتنا الكثير من الصعود والهبوط، وهذا كتاب آخر من قصص الثورة المريرة والحلوة”.

كما انتقدت الصحيفة دعم أنصار المرشح المستبعد الأصولي المعتدل مستشار خامنئي “علي لاريجاني”  لبزشكيان، وقالت: “تم تشكيل المقر الانتخابي لبزشكيان لأول مرة من قبل أشخاص مثل علي عبد العلي زاده ومصطفى مولوي، ولكن بعد أيام قليلة، انضم بعض أنصار علي لاريجاني إلى هذا المقر تحت عنوان الأصوليين”.

ووصفت الصحيفة الإصلاحيين بـ”الراديكاليين”، مضيفة: “الإصلاحيون الراديكاليون وبعض أعضاء حكومة روحاني دعموا الحملة الانتخابية لبزشكيان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى