جدل في العراق.. هل تهدد “المدونة الجعفرية” وحدة الأسرة وحقوق النساء؟

أثار إقرار البرلمان العراقي لـ”المدونة الجعفرية” في قانون الأحوال الشخصية جدلا واسعا، مع تحذيرات من تهديد نسيج الأسرة العراقية وتراجع حقوق المرأة.
وهذه الخطوة، التي جاءت استجابة لطلب من المرجعية الدينية العليا في النجف، تثير مخاوف حقوقية وقانونية كبيرة. إذ تعلي من شأن المذهب على حساب القانون الموحد الذي كان ساريا في البلاد منذ عقود.
وصوت مجلس النواب العراقي، الأربعاء، على “المدونة الشرعية للفقه الجعفري” كفقرة قانونية إضافية على قانون الأحوال الشخصية.
-
العراق يحرز تقدماً في تسوية أزمة نازحي سنجار
-
البرلمان العراقي يواجه الرفض الدولي: قانون الأحوال الشخصية في مرمى الانتقادات
وبحسب بيان الدائرة الإعلامية للبرلمان، فقد تم التصويت على المدونة بحضور 167 نائبا، وهي مسودة مشروع مرسلة من ديوان الوقف الشيعي”. مؤكدا ان “رئاسة المجلس رفعت الجلسة بعد التصويت على هذه الفقرة.
أوضح النائب مرتضى الساعدي خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان أن “المدونة تتضمن أكثر من 300 فقرة وتخص قانونا مهما طالبت به المرجعية من سنوات عدة”، على حد تعبيره.
وفقا لخبراء قانونيين، فإن المدونة عبارة عن نص فقهي وقانوني يعالج مسائل الأحوال الشخصية مثل الزواج، الطلاق، الميراث، والنفقة، وفق مبادئ الفقه الإمامي الاثني عشري.
-
كيف استغلت الجماعات الإرهابية النساء؟.. أبرز العوامل والتكتيكات
-
العراق.. المحكمة الاتحادية تحلّ هيئة الانتخابات بإقليم كردستان وتقضي بتوطين الرواتب
وتضمنت التعديلات المثيرة للجدل إسقاط حضانة الأم عند زواجها. وإلغاء شرط موافقة الزوجة الأولى لتعدد الزوجات، بالإضافة إلى إلغاء حق المرأة في الحضانة والنفقة إذا تركت بيت الزوجية.
وتصاعدت الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي. حيث حذر ناشطون من أن المدونة تهدد نسيج الزواج في العراق.
وكتب الناشط عدي العراقي، عبر حسابهعلى منصة إكس، “قانون الأحوال الجعفري. مؤكدا أنه يهدد نسيج الزواج في العراق مستقبلا. وأشار إلى أن هذا القانون سيؤدي إلى انقسام الأسر بقوانين متضاربة، وتمييز صارخ ضد المرأة في الطلاق والميراث والحقوق. كما أنه يعقد إجراءات الزواج والخلافات باختيار القضاء حسب المذهب، مما يهدد وحدة النسيج الاجتماعي بشرعنة الانقسام المذهبي.
-
تقاعس سلطات كردستان في حماية النساء يفاقم العنف
-
واشنطن: تقييد حقوق المرأة يجعل الاعتراف بحكومة طالبان شبه مستحيل
وفي تعليق آخر، انتقدت الناشطة هيام الغزاعي القرار. وكتبت أن “تشريع اغتصاب الأطفال في البرلمان العراقي، عار على الجميع”، في إشارة إلى القوانين التي قد تسمح بزواج القاصرات.
وعلقت ناشطة تدعى نورعلى القرار “البطولة الحقيقية لنساء العراق في هذهِ المرحلة هي أن يبْقَيْنَ على قيد الحياة !”
وعلى الصعيد القانوني، حذرت منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” من أن هذه التعديلات تمثل انتكاسة لحقوق النساء والفتيات، خاصة فيما يتعلق بسن الزواج وحقوق الحضانة والميراث.
ويرى الخبراء القانونيون أن هذه التعديلات تضع سلطة المذاهب ورجال الدين في مكانة أعلى من سلطة القضاء والقانون. مما يهدد بنسف أحد أهم التشريعات العراقية، وهو قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959.
وكان قانون الأحوال الشخصية الموحد قد أُقر في عام 1959 في عهد رئيس الوزراء آنذاك عبدالكريم قاسم، وكان يسري على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي.
ومع ذلك، فإن التعديلات الجديدة تمنح الأفراد الحق في اختيار المذهب الذي تطبق عليه أحكامه في مسائل الأحوال الشخصية. ينص مشروع القانون أيضًا على أنه في حال اختلاف الأطراف، يتم اعتماد “الرأي الشرعي”.
وقد أثار هذا التغيير تخوفات من زيادة حالات الطلاق. كما أشار المدون يوسف سيرجو. الذي كتب عبر حسابهعلى منصة إكس أن العراق قد يصبح في مقدمة الدول في عدد حالات الطلاق خلال مدة قصيرة بعد نفاذ القانون.
ولا تشير هذه الخطوة عن الانقسام المذهبي فحسب. بل تهدد وحدة النسيج الاجتماعي وتزيد من التحديات التي تواجهها المرأة العراقية.