جنوب أفريقيا والجزائر: تحالف اقتصادي وسياسي لمنافسة المغرب
يستفيض الإعلام الجزائري بالاحتفاء بزيارة رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا إلى الجزائر والحديث عن شراكة استراتيجية وتعزيز المصالح و”دعم الشعوب”، في حين أن الوقائع تشير إلى مخاوف البلدين من منافسة اقتصادية مع المغرب، وضعف سياستهما في دعم الطروحات الانفصالية خصوصا أن الزيارة جاءت بالتزامن مع قرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة جدَّدت من خلاله تأكيد دعمها للعملية السياسية لحل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
-
الإحباط واليأس يدفعان شباب الجزائر نحو الهجرة السرية
-
دور بوليساريو في الإرهاب: خبير مصري يكشف النقاب عن الحقائق
وتأتي زيارة رامافوزا إلى الجزائر في سياق توليه الرئاسة الدولية لمجموعة العشرين، لتصبح جنوب أفريقيا أول دولة أفريقية تترأس المجموعة التي رفضت طلب الانضمام الجزائري سابقا، وفي ظل فشل الجزائر وجنوب افريقيا في دعم الطرح الانفصالي مع تقلص عدد الدول التي كانت تدور في فلكهما في دعم بوليساريو واستمرار قاطرة الاعترافات المتواترة بمغربية الصحراء من قبل دول العالم.
ويرأس رئيسا الدولتين الدورة السابعة للجنة الثنائية للتعاون بين جنوب أفريقيا والجزائر، التي تهتم بالمصالح المشتركة بينهما ومن ضمنها قضية الصحراء المغربية التي تقحم بريتوريا نفسها بها، ويتفقان على موقف معطل للحل بدعم جبهة بوليساريو الانفصالية، وهو موقف وإن كان ظاهره شعارات رنانة بشأن حق تقرير الشعوب لمصيرها إلا أنه في الواقع ترجمة لمخاوف من المنافسة التي بات يفرضها المغرب على جنوب إفريقيا على الصعيد القاري، حيث أصبح قوة اقتصادية صاعدة في القارة السمراء، ويسعى إلى لعب دور أكثر فاعلية فيها؛ فيما تخشى بريتوريا أن يؤدي هذا إلى تراجع نفوذها في المنطقة.وتلتقي مصالح الجزائر وجنوب افريقيا من منطلق عداءهما للمغرب ووحدة أراضيه، ولعل التصريحات التي ادلى بها وزير الخارجية أحمد عطاف تختصر النوايا الحقيقية للتقارب بين البلدين وهي إجهاض الحل السياسي لقضية الصحراء خصوصا مع توالي الخسائر الدبلوماسية لها باستمرار اعتراف الدول بمغربية الصحراء وسيادة المملكة على كامل أقاليمها الجنوبية.
-
أزمة جديدة تلوح في الأفق: اعتقال صنصال يشعل الخلاف بين الجزائر والاتحاد الأوروبي
-
مبادرة الأطلسي: دعامة للاستقرار العالمي وفقاً لتقرير دولي جديد
تصريحات عطاف تختصر النوايا الحقيقية للتقارب مع جنوب افريقيا وهي إجهاض الحل السياسي في الصحراء خصوصا مع توالي الخسائر الدبلوماسية للجزائر
وانساقت بريتوريا مع الجزائر محاولات خلط القضايا ببعضها لإكسابها شرعية زائفة عبر جمع القضية الفلسطينية بقضية الصحراء ونزاعها المفتعل، بغرض كسب التعاطف الشعبي. حيث ذكر عطاف خلال اشرافه على الاجتماع الوزاري للدورة السابعة للجنة الثنائية العليا للتعاون بين الجزائر وجنوب افريقيا، برفقة رونالد لامولا، وزير العلاقات الدولية والتعاون بجمهورية جنوب إفريقيا، “بالموقف الثابت للجزائر إزاء قضايا التحرر الوطني وحقوق الشعوب وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وقضية الصحراء”. مشيرا الى أن “الجزائر وجدت في جنوب إفريقيا “خير سند لكسر جدار الحصانة التي طالما احتمى بها الاحتلال الصهيوني الاستيطاني للإفلات من أي محاسبة أو مساءلة أو معاقبة”.
-
الجزائر: أزمة المياه تتفاقم والاحتجاجات تكشف الفشل الحكومي
-
يقظة المغرب تفشل محاولة تسلل بوليساريو إلى اجتماع ‘تيكاد’ بوثائق جزائرية
وأشار عطاف الى الاتحاد الافريقي قائلا “نرافع بصوت واحد من أجل قضايا قارتنا السياسية منها والتنموية، ونعمل في مسعى موحد من أجل تحصين منظمتنا من التجاذبات والانقسامات والتدخلات الخارجية بمختلف أشكالها، مثلما نواصل جهودنا المشتركة لتفعيل حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية”.
وتناول “أهمية تكثيف الجهود لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجزائر وجنوب إفريقيا، وضرورة تحديد أولويات التعاون والتركيز على المجالات التي توفر مقومات التكامل بين البلدين، إلى جانب خلق بيئة ملائمة لتكثيف التواصل بين المتعاملين الاقتصاديين وتحفيزهم على استكشاف فرص التعاون”. كما دعا إلى رفع مستوى الاستثمارات البينية والمبادلات التجارية إلى أرقام تعكس الطموحات المشتركة للشراكة الاقتصادية.
وكما هو متوقع جدد وزير الخارجية الجنوب افريقي موقف بلاده الداعم للجزائر الذي تفرضه المصالح الاقتصادية للبلدين، وقال لامولا في كلمته خلال الاجتماع، أن قضية الصحراء المغربية ستظل من بين “الأولويات السياسية والدبلوماسية العليا لكل من جنوب إفريقيا والجزائر”، مضيفا أنه يدعم “الحاجة إلى حوار مباشر بين جبهة بوليساريو والمملكة المغربية. حيث يجب السماح للشعب الصحراوي بتحديد مصيره من خلال استفتاء تشرف عليه الأمم المتحدة، وفقا لأحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 690 الصادر في 29 أبريل 1991″.
-
تقرير أممي يكشف عن تعرض مهاجرين في ليبيا للابتزاز والتعذيب
-
فرنسا والجزائر: بن مهيدي كرمز لتجاوز الماضي المتأزم
وأضاف لامولا أن بلاده والجزائر تلعبان أيضا دورا “محوريا” في تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، مشيرا الى أن “التنفيذ الناجح لهذه المبادرة التنموية القارية النبيلة سيساهم في خلق فرص عمل والحد من الفقر وتقليل التفاوتات في بلدينا وبقية القارة الإفريقية”.
ويظهر هذا التصريح المخاوف غير المعلنة من الدبلوماسية المغربية التي حققت نجاحات متواصلة في علاقاتها مع الدول الافريقية.
وأصدر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مرسوماً رئاسياً يستدعى بموجبه البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معاً يوم 6 ديسمبر/تكانون الأول، للاستماع إلى خطاب رئيس جمهورية جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا.
وتعد هذه المرة الأولى منذ سنوات، التي يلقي فيها رئيس دولة أجنبية خطابا أمام البرلمان الجزائري.
-
الجزائر ترفع دعوى قضائية ضد نائبة فرنسية لانتقادها صرف المساعدات التنموية
-
بعد فشل تعزيز نفوذها في أفريقيا الجزائر تغرق في بحر نظرية المؤامرة
ويرى متابعون للمشهد أن خطاب الرئيس الجنوب أفريقي أمام البرلمان الجزائري بغرفتيه سيتعرض لموقف بلاده المؤيد للطرح الجزائري بشأن الصحراء. وسيأتي ردا على خطاب مماثل من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في البرلمان المغربي بغرفتيه. حيث أعلن صراحة دعم بلاده لسيادة المغرب على كامل تراب الصحراء.
وتجاهلت التصريحات الرسمية القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة،.يوم الأربعاء الماضي، وجدَّدت من خلاله تأكيد دعمها للعملية السياسية الحالية التي يشرف عليها بشكل حصري مجلس الأمن الدولي لتسوية النزاع في الصحراء. ويدعو هذا القرار جميع الأطراف المعنية إلى التعاون الكامل مع الأمين العام للأمم المتحدة بهدف الوصول إلى تسوية سياسية ومقبولة تستند إلى قرارات مجلس الأمن.
وتشدد هذه القرارات على مركزية آلية “الموائد المستديرة”، التي تضم إلى جانب المغرب وجبهة بوليساريو كلا من موريتانيا والجزائر. ولا لم تذكر جنوب افريقيا التي تقحم نفسها في القضية. في حين أن حليفتها الجزائر ترفض الآلية الأممية. مدعية أنها ليست طرفا في النزاع حول الصحراء؛ وهو ما يعيق التقدم نحو حل شامل ويزيد من تعقيد الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق تسوية دائمة لهذا الملف.
ويؤكد القرار يؤكد أن مجلس الأمن هو الهيئة المختصة والقادرة على إدارة هذا الملف الشائك بما يضمن انسجام الجهود الدولية. وهذا يعكس، من منظور جيوستراتيجي، إدراك المجتمع الدولي لأهمية احتواء النزاعات الإقليمية ضمن آليات الأمم المتحدة لتجنب أي تصعيد قد يهدد الاستقرار الإقليمي أو الأمن الدولي.