جنوب لبنان بين نفي سلام والحديث عن منطقة عازلة أميركية

نفى رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام اليوم السبت، وجود مقترح أميركي لإقامة منطقة عازلة جنوبي لبنان، وسط معلومات عن توجه دولي بعدم التجديد لقوة حفظ السلام الأممية “يونيفيل”، فيما يبعث هذا النفي برسالة مفادها أن أي حلول للصراع بين تل أبيب وبيروت يجب أن تكون نتاج مفاوضات شاملة تحترم السيادة اللبنانية وتراعي مصالح جميع الأطراف، وليس فرض حلول أحادية الجانب.
كلام سلام جاء عقب لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيروت، وذلك ردا على سؤال لأحد الصحفيين بشأن صحة الأنباء عن “منطقة عازلة في جنوب لبنان تطالب بها فرنسا والولايات المتحدة”.
ويعتبر لبنان، كدولة ذات سيادة، أن أي منطقة عازلة داخل أراضيه دون موافقته التامة تمثل انتهاكًا لسيادته، كما أنه قد يُنظر إليها على أنها تقسيم فعلي للأراضي اللبنانية أو إضعاف لسلطة الدولة على جزء من ترابها الوطني، وهو ما يرفضه البلد بشدة.
وفي وقت سابق من اليوم السبت، نقلت صحيفة “اللواء” اللبنانية الخاصة عن مرجع سياسي “بارز” لم تسمه، قوله إن “لبنان تبلغ في اليومين الماضيين توجها أميركيا حاسما لعدم التمديد لليونيفيل، في مقابل إقرار صيغة جديدة تقوم على نشر قوات ثلاثية أميركية – فرنسية – بريطانية في الجنوب كبديل لها”.
وذكرت الصحيفة أن “الموفد الأميركي توماس باراك حاول خلال لقائه شخصية لبنانية رفيعة جدا، لم تسمها، طرح صفقة شاملة تتضمن إقامة منطقة عازلة خالية من المدنيين تمتد على شريط واسع من الأراضي اللبنانية المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة، وتُوضع تحت وصاية دولية كاملة بإشراف أميركي مباشر”.
وأضافت “بحسب باراك فإن هذه التسوية الأمنية إذا تم التوافق عليها، تضمن التزام إسرائيل بوقف العدوان نهائيا على لبنان وإعادة الإعمار وتحرير الأسرى وضخ استثمارات هائلة، إلى جانب ترتيبات سياسية جديدة من ضمنها سلاح حزب الله ودوره وموقعه في الدولة.
ويمتلك لبنان تاريخًا طويلًا مع مناطق “أمنية” أو “عازلة” فرضتها إسرائيل في الماضي (مثل الشريط الحدودي المحتل من 1978 إلى 2000)، والتي جلبت مزيدًا من عدم الاستقرار والصراع، ما يجعل البلد حذرًا للغاية من أي اقتراحات مماثلة.
وتأتي هذه التطورات وسط تصاعد التوتر على الجبهة الجنوبية، وتكرار الغارات الإسرائيلية التي تستهدف مناطق مدنية رغم اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ أواخر 2024.
والسبت، التقى سلام بري في مكتبه، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئاسة مجلس النواب. وقال المصدر نفسه إن “رئيس الحكومة اللبنانية أطلع نبيه بري رئيس البرلمان على نتائج زيارته الرسمية إلى باريس ولقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وما تخلّلها من تأكيد على دعم لبنان في مختلف المجالات، بالإضافة إلى التعهد بالعمل على التجديد لقوات اليونيفيل في إطار الحفاظ على الاستقرار في الجنوب”.
وأواخر يونيو/حزيران الماضي، قالت وزارة الخارجية اللبنانية إنها طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تجديد ولاية اليونيفيل لمدة عام بدءاً من 31 أغسطس/آب المقبل.
وتأسست البعثة بقرار من مجلس الأمن في مارس/آذار 1978 عقب الاحتلال الإسرائيلي للبنان آنذاك. وتؤدي القوة الأممية، البالغ عدد أفرادها 11 ألفا منهم 10 آلاف عسكري، دورا مهما في المساعدة على تجنب التصعيد من خلال آلية اتصال، وتقوم بدوريات جنوب لبنان لمراقبة ما يحدث على الأرض بشكل محايد، والإبلاغ عن أي انتهاكات عسكرية، فضلا عن دعم الجيش.