حال تعثرت مفاوضات بوزنيقة.. خيارات قليلة أمام الليبيين
في أعقاب إعلان رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي، في فبراير الماضي عن مبادرة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في البلاد خلال عام 2023.
اعتبر العديد من المراقبين للشأن الليبي أن مبادرته هي بمثابة الفرصة الأخيرة لمجلسي “النواب” و”الدولة” لإنجاز القوانين الانتخابية لكن مراقبين يرون وجود حلول اخرى رغم محدوديتها.
ورغم معارضة مجلس النواب الليبي الصريحة لمبادرة المبعوث الأممي وانقسام المجلس الأعلى للدولة بشأنها، سارع المجلسان لإقرار والمصادقة على التعديل الدستوري وتشكيل لجنة 6+6 المشتركة لوضع قوانين الانتخابات.
ووفق اتفاق المجلسين، فقد كلفت لجنة “6+6” بإعداد قوانين انتخابية “توافقية” تجري عبرها انتخابات تحل أزمة صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع عام 2022، وحكومة الوحدة الوطنية والتي يرأسها عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم الحكم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.
غير أن مسارعة مجلس الدولة الليبي في المصادقة على التعديل الدستوري تمهيدا لإقرار قوانين الانتخابات، وهو التعديل الذي أقره أيضا مجلس النواب الليبي، دفع المبعوث الأممي للتراجع عن مبادرته إلى الوراء بشأن تشكيل لجنة رفيعة المستوى للانتخابات تتولى وضع قاعدة دستورية وصياغة قوانين الانتخابات، وتحديد خريطة طريق.
وبدا واضحا أن باتيلي فوجئ بهذا الاتفاق بين مجلسي النواب و”الدولة” حيث أنهما فشلا طوال سنوات في الاتفاق على قاعدة دستورية للانتخابات، لكنهما بمجرد علمهما برغبة باتيلي في إحداث آلية بديلة لهما، صدّقا بسرعة على تعديل الإعلان الدستوري، حتى لا يتم تجاوزهما، ما أربك المبعوث الأممي.
وعلى الرغم من إعلان اللجنة المشتركة 6+6 خلال مؤتمر صحفي في مدينة بوزنيقة المغربية، توقيع أعضائها على القوانين الانتخابية والتي أنجزتها عقب مباحثات استمرت لأسبوعين إلا أن بعض بنود تلك القوانين أثار جدلا في البلاد ولاقت معارضة عدد من النواب بالمجلسين وأحزاب سياسية طالبت بتعديلها، إلا أن اللجنة أعلنت أن قوانينها “نهائية ونافذة”.
غير أن رئيسي مجلسي النواب والدولة الليبيين عقيلة صالح وخالد المشري لم يوقعا عليها بعد كما كان مقررا رغم وجودهما آنذاك بالمغرب وسط أنباء عن عدم رضاهما عن المخرجات.
وعقب ذلك، قال المشري عبر حسابه بتويتر “على الرغم أنه يعتبر عمل اللجنة نهائيا وملزما إلا أننا نأمل زيادة التفاهم حول بعض النقاط من خلال اللجنة نفسها في لقاءات قادمة”.
وفي السياق ذاته طالب عقيلة صالح كذلك ، بإعادة التشاور من جديد للخروج بقوانين انتخابية “توافقية” خلال جلسة لمجلس النواب عقدت الثلاثاء الماضي.
ومع تصاعد الخلافات حول القوانين الانتخابية التي أنجزتها اللجنة المشتركة 6+6 وفي المغرب برزت العديد من المسائل منها البدائل الممكنة لإجراء الانتخابات الليبية في حالة تعذر إصدار القوانين الانتخابية من قبل مجلسي النواب والدولة؟.
ويقول المحلل السياسي فرج فركاش “في حال فشل المجلسين في التوصل إلى قوانين توافقية وقابلة للتطبيق على أرض الواقع فهناك عدة سيناريوهات يمكن أن يلجأ إليها المبعوث الأممي، وهو اللجوء إلى الخطة ب والمتمثلة في الاعتماد على لجنة ليبية عليا رفيعة المستوى يشكلها لصياغة قوانين توافقية تذهب بنا إلى انتخابات على الأقل تشريعية لتجديد الشرعية السياسية”.
وأضاف فركاش “أرى أن اللجنة العليا رفيعة المستوى ستعمل على إعادة صياغة القوانين الانتخابية وتحت مظلة وإشراف المجلس الرئاسي الذي يعطيه الإعلان الدستوري المؤقت صلاحيات دستورية”.
وأوضح فركاش أن مجلسي النواب والدولة لديهم خيار أخر هو أن يمدد لهم المبعوث الأممي مهلة أخرى وهذا احتمال ضعيف ويعتمد على مدى دعم القوى الخارجية لباتيلي في حال اختار السيناريو الأول والاعتماد على المجلس الرئاسي.
وبحسب المصدر نفسه فإن “السيناريو الأول سيصاحبه ربما دفع ودعم دولي وخاصة أميركي أوروبي اتجاه توحيد السلطة التنفيذية من خلال إعادة هيكلة بعض الوزارات في حكومة الدبيبة لاستيعاب القوى المعارضة خاصة في الشرق الليبي والمتمثلة في القيادة العامة ومن يناصرها”.
وأشار إلى أن “مجلسي النواب والدولة إذا عارضا هذا السيناريو فسيجدوا أنفسهما حتما خارج اللعبة تماما، لكن ربما التقارب المصري التركي سيساهم في إقناع عقيلة صالح وخالد المشري بالقبول بحلول بديلة”.
من جانبه، رأى رئيس حزب التغيير الليبي جمعة القماطي أنه اذا فشل التوافق على القوانين التي تم الاتفاق عليها في المغرب أتوقع ان يكون هناك ضغوطات على مجلسي النواب والدولة من قبل القوى السياسية الليبية ومن قبل البعثة الأممية والمجتمع الدولي لمحاولة التوافق على إصدارها وتحويلها إلى المفوضية العليا للانتخابات.
ومتفقا مع طرح فركاش، أضاف القماطي في حديثه “بأنه في حال فشلت كل الضغوطات وفشل خيار توافق مجلسي النواب والدولة فإن أمام الأمم المتحدة بديل وحيد وهو تشكيل لجنة ليبية رفيعة المستوى لإقرار القوانين الانتخابية وتحويلها إلى المجلس الرئاسي لإصدارها في شكل مراسيم رئاسية على أن يدعم مجلس الأمن هذه الخطوة”.