الشرق الأوسط

حرب غزة تدخل عامها الثالث: 7 محطات غيرت ملامح القطاع


مع دخول الحرب في قطاع غزة عامها الثالث، يظل الصراع محملا بمحطات دامية تركت أثرها المأساوي على المدنيين وأفق الصراع الإقليمي.

وفيما يلي، نستعرض أبرز 7 محطات شكّلت مسار هذه الحرب المستمرة منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

هجوم الفجر

فجر السبت الموافق السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تسلل مسلحون من حركة حماس إلى جنوب إسرائيل من قطاع غزة تحت غطاء وابل من الصواريخ، في خطوة باغتوا بها الجنود الإسرائيليين، عبر مقاتلين على متن طائرات شراعية وشاحنات وعناصر راجلة.

وأسفر الهجوم الذي استهدف بلدات حدودية عدة ورواد مهرجان موسيقي، عن مقتل قرابة 1200 شخص، وخطف 251 رهينة تم اقتيادها إلى قطاع غزة. وفق بيانات إسرائيلية رسمية.

وفي إقرار بـ”الفشل”، أقرّ جهاز الأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي، لاحقا، بأخطاء تقديرية في رصد قدرات حماس واستعداداتها للهجوم.

فقد قال الشاباك إنه أخطأ في اعتبار أن حماس كانت تركز حينها على “التحريض على العنف” في الضفة الغربية المحتلة، فيما اعترف الجيش بأنه قلل “بثقة مفرطة” من قدرات الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف 2007.

الحصار والانتقام

في غضون أيام، أمرت إسرائيل بفرض “حصار شامل” على قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني، ويخضع بالفعل لحصار منذ ١٦ عاما.

استدعت إسرائيل 360 ألف جندي احتياطي. ومنح الجيش أكثر من مليون شخص في شمال قطاع غزة مهلة 24 ساعة للإخلاء جنوبا. وفي حين استجاب مئات الآلاف للتحذير، ورفض آخرون المغادرة.

في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، شنت إسرائيل اجتياحا بريا. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن قد حذرت من أن هجوما شاملا قد يتسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين.

وبحلول 2 نوفمبر/تشرين الثاني، كانت القوات “تحاصر” قطاع غزة من “عدة محاور مختلفة”.

وأودت الحرب حتى اليوم بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني بينهم عائلات بأكملها. بحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة الصحة بالقطاع.

كما أسفرت الحرب عن مقتل عدد من قادة حركة حماس.

التقاط أنفاس ودفعات أسرى

في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، شهدت الحرب وقفا لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وتبادلا محدودا للرهائن، حيث تم إطلاق سراح 141 بينهم ثماني جثث.

ولا يزال 48 من الرهائن في غزة حتى اليوم، بينهم 20 على قيد الحياة.

في المقابل، أفرجت إسرائيل عن 240 أسيرا فلسطينيا، في تلك الفترة.

بعد أسبوع، وفي ديسمبر/كانون الأول، انهار وقف إطلاق النار واستؤنف القتال في جنوب وشمال القطاع. وتبادل كل طرف اللوم.

يناير 2025 والهدنة المبتورة

اتفقت إسرائيل وحماس على المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في منتصف يناير/كانون الثاني 2025. وبين المفاوضون أن الهدف هو عملية سلام من 3 مراحل.

على مدار 42 يوما، أطلقت حماس سراح 33 رهينة إسرائيليا وحاملي جنسيتين، بينما أفرجت إسرائيل عن حوالي 1800 سجين ومعتقل فلسطيني ووافقت على زيادة المساعدات إلى غزة.

كما سمحت إسرائيل للفلسطينيين بالعودة إلى الشمال، الذي شهد بعضا من أسوأ المعارك والدمار.

انتهت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في أوائل مارس/آذار، دون اتفاق على كيفية المضي قدما.

ثم منعت إسرائيل دخول جميع المساعدات إلى غزة، وانتهكت وقف إطلاق النار بشن غارات جوية واسعة النطاق على القطاع.

القتل و”المجاعة” و”الإبادة الجماعية”

أسفرت الحرب التي شنتها إسرائيل “للقضاء” على حماس و”إعادة الرهائن إلى ديارهم” عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

وقد دُمر أو تضرر ما لا يقل عن 78% من المباني، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، في وضع “غير مسبوق في التاريخ الحديث”، وفق الأمم المتحدة.

في حين نزحت الغالبية العظمى من سكان القطاع الفلسطيني البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة والذين حاصرتهم إسرائيل منذ بداية الحرب.

ولم تصل المساعدات الإنسانية إلا بشكل محدود.  وأكد خبراء شركاء للأمم المتحدة في أغسطس/آب الماضي، حدوث مجاعة في جزء من القطاع، لكن إسرائيل تنفي ذلك وتتهم حماس بنهب المساعدات.

والأسبوع الماضي، اتهمت لجنة تابعة للأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في غزة، في تقرير وصفته تل أبيب بأنه “متحيز ومضلل”.

وفي عام 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

صراع على جبهات عدة

لم تكن غزة هي الجبهة الوحيدة منذ اندلاع الحرب، إذ فتح حزب الله اللبناني جبهة ضد إسرائيل بإطلاق صواريخ.

وقد تصاعدت الأعمال القتالية وتحولت إلى حرب مفتوحة في سبتمبر/أيلول  2024، أسفرت عن مقتل قيادات الصف الأول في حزب الله وفي مقدمتهم الأمين العام حسن نصرالله، قبل التوصل إلى وقف إطلاق نار هش بعد شهرين.

كذلك، استهدف الحوثيون سفنا يتهمونها بالارتباط بإسرائيل قبالة سواحل اليمن، خصوصا في البحر الأحمر.

كما نفذوا هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل التي ردت بشن ضربات عدة على الحوثيين.

وفي منتصف يونيو/حزيران الماضي، قامت حرب استمرت 12 يوما بين إيران وإسرائيل.

وشنّت إسرائيل ضربات استهدفت مواقع عسكرية ونووية إيرانية.

في السابق، هاجمت إيران إسرائيل مرتين بشكل مباشر عام 2024 بصواريخ أو طائرات مسيّرة، ردا على غارة على مبنى تابع لقنصليتها في دمشق، ومقتل قادة من حماس وحزب الله، في طهران وبيروت.

السيطرة على مدينة “المليون”

في أغسطس/آب الماضي، وافقت إسرائيل على عملية تهدف إلى السيطرة على مدينة غزة، والتي تعتبرها آخر معاقل حماس، وفرض سيطرتها الأمنية على كامل القطاع، وتحرير الرهائن المتبقين.

وتقول صحيفة “واشنطن بوست” إن خطة احتلال مدينة غزة، تمثل تحولا جوهريا في الحرب المتواصلة.

وأثارت هذه العملية التي استدعت إسرائيل من أجلها 60 ألف جندي احتياط، إدانات عربية ودولية واسعة.

وأعلنت ألمانيا، أحد أقوى حلفائها، تعليق صادرات الأسلحة التي يمكن لإسرائيل استخدامها في غزة.

وتُعد غزة الواقعة في شمال القطاع والتي لحق بها دمار كبير على مدى نحو عامين، ميدان حرب المدن “الأصعب منذ عام 1945″، وفق الجنرال الأمريكي المتقاعد ديفيد بترايوس، أحد قادة قوات التحالف الدولي خلال حرب العراق.

وتحدث بترايوس في مدونة صوتية (بودكاست) في وقت سابق عن “تحديات (مواجهة) عدو (يتحرك) بلا زي موحد” و”كيلومترات من البنية التحتية والأنفاق والمقرات العسكرية وما إلى ذلك، كلها تحت الأرض، ومبان شاهقة”.

ومنذ أسابيع، بدأ الجيش الإسرائيلي تدمير مبانٍ شاهقة في مدينة غزة، متهما حماس باستخدامها لغايات عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة. وأعلن مطلع الأسبوع الماضي توسيع هجومه البري في المدينة .

ومدينة غزة هي الأكثر اكتظاظا بالسكان في القطاع. وكانت الأمم المتحدة قدّرت في أغسطس/آب عدد سكان المدينة ومحيطها بأكثر من مليون نسمة.

ووفق تقديرات الجيش الإسرائيلي، نزح أكثر من 350 ألفا منها في الفترة الماضية.

والإثنين، انطلقت مباحثات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل وحماس، في منتجع شرم الشيخ بمصر، ضمن المساعي التي تقودها مصر والولايات المتحدة وقطر لتنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة.

وأعلن ترامب، أن حركة حماس «وافقت على أمور مهمّة للغاية»، ملمّحاً إلى قرب التوصّل إلى اتفاق لوقف الحرب المستمرة منذ عامين»، والتي دخلت اليوم عامها الثالث.

ورغم طلب ترامب من إسرائيل تعليق عملياتها مؤقتاً لإتاحة الفرصة للمحادثات، وتراجع وتيرة القصف الإسرائيلي، فقد أفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل 19 شخصاً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ما يشير إلى استمرار العمليات العسكرية بوتيرة محدودة بالتوازي مع المحادثات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى