«حماس» وإيران.. أي علاقة بين فصيل ودولة؟
رغم أنه لا يوجد أي مسؤول في «حماس» ينفي علاقة الحركة بإيران، فإن الروابط بين الطرفين، تبقى في الكثير من الأحيان، غامضة.
فمسؤولو حماس أكدوا في أكثر من مناسبة تلقيهم، خاصة الجهاز العسكري للحركة، المساعدة المالية وحتى التقنية من إيران.
ومع ذلك، يصر المسؤولون في «حماس» على أن طهران لا تتدخل في قرارات الحركة وإن كان التنسيق بين الطرفين يجري على قدم وساق خصوصا في لبنان وزيارات مسؤولي الحركة إلى طهران.
“تاريخية لكن ليست استراتيجية”
يقول الخبير الفلسطيني فراس ياغي إن “العلاقة بين حماس وإيران تاريخية، فمنذ ان تأسست حماس في العام 1987 كانت هناك اتصالات مع الجانب الإيراني، لكن لم تكن علاقات استراتيجية، فقد تلقت بعض الدعم من طهران باعتبار أن حماس حركة تحرر ومقاومة إسلامية”.
ويضيف ياغي أن “العلاقة مع إيران تطورت في عام 1994 أي بعد اتفاق أوسلو، وبدأت عملية تدريب عناصر من الجهاز العسكري لحركة حماس داخل إيران”.
وتابع أن “حسن سلامة الذي كان مسؤولا عن الكثير من التفجيرات التي حدثت في إسرائيل تحدث عن هذا الموضوع بأنه تدرب لمدة 3 شهور في إيران”.
وخلص: “وبالتالي، بدأت إيران بدعم حماس كجهاز سياسي وعسكري لكن ليس بشكل كبير لأنه كان هناك تخوف في قيادة حماس من أن يؤثر هذا الدعم على مواقف الحركة وبالتالي تضطر لدفع ثمن لهذه العلاقة”.
وأشار ياغي إلى أنه “بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين والقيادي عبد العزيز الرنتيسي عام 2004، جددت العلاقة وتوثقت مع إيران وأصبح هناك دعم مالي للجهاز العسكري وحتى للجهاز السياسي”.
واستدرك: “حدثت إشكاليات عام 2011 نتيجة موقف حماس من التطورات التي حدثت داخليا في سوريا واضطرت الحركة لأن تخرج من سوريا فتم تخفيض الدعم الإيراني لكن فقط عن الجهاز السياسي وليس العسكري”.
وبحسب الخبير، فإن “العلاقات تطورت لاحقا في العام 2014 بعد معركة الصواريخ بين حماس وإسرائيل إذ أثبتت كتائب القسام (الجناح العسكري للحركة) قدرتها على مواجهة إسرائيل”.
ومضى يقول: “ولذلك بدأت إيران بتقديم دعم ممنهج وكامل للقسام في قطاع غزة من حيث إعادة بناء الأنفاق بشكل جيد وهندستها وتكنولوجيا الصواريخ التي أعطيت لحماس وتطويرها، وتعمق التحالف الإيراني مع القسام وأصبح هذا الجناح اليد العليا في حركة حماس بالسنوات الأخيرة”.
وأضاف ياغي: “يبدو أنه تم لاحقا فتح غرف عمليات مشتركة تشمل حماس وحزب الله“.
وأشار في هذا الصدد “بالتالي، فإن العلاقات ليست جديدة وإنما قديمة حيث يتلقى الجهاز العسكري لحماس الدعم المالي والمعرفة التسليحية من إيران”.
وتابع: “طبيعة حماس تجعل لها استقلالية في بعض المفاهيم السياسية ولديها أيضا مجال للمناورة السياسية التي تستند إلى المواقف تحت مفهوم إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، ولكن دون الاعتراف بإسرائيل وهذا ما عبر عنه عدد من قادة الحركة بمن فيهم إسماعيل هنية وخالد مشعل”.
تساؤلات وتصريحات
منذ بداية حرب غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، برزت تساؤلات عن دور إيران في الهجوم غير المسبوق على البلدات والقواعد الإسرائيلية في غلاف القطاع، لكن لم يتم تأكيده من الولايات المتحدة الأمريكية أو تل أبيب.
وفي حين أن الجهات المرتبطة مع إيران، بمن فيها حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن والجماعات الإيرانية في العراق وسوريا، نفذت هجمات ضد أهداف إسرائيلية منذ بداية الحرب، فإنهم لم يدخلوا، ولا إيران، الحرب فعلا.
كما علت تصريحات لمسؤولين في حركة “حماس” في بداية الحرب لامت إيران على عدم التدخل في الحرب، ومع ذلك فقد بقيت العلاقات بين الطرفين قائمة.
لكن “حماس” نفت تصريحات المتحدث بلسان الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف بأن يكون هجوم “طوفان الأقصى” هو جزء من الرد على اغتيال واشنطن للقائد السابق لفيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني.
ولوحظ أن النفي من قبل “حماس” جاء سريعا ربما لضمان استمرار الدعم الشعبي حول العالم للفلسطينيين ضد الحرب على غزة.
والتصريح الذي أدلى به شريف جاء مخالفا لموقف كبار المسؤولين الإيرانيين الذين أصروا على عدم علمهم المسبق بهجوم “حماس” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتم الكشف لاحقا بأن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لم يعلم عن الهجوم إلا قبل نصف ساعة من وقوعه.
وطبقا لتقرير لوزارة الخارجية الأمريكية في 2020، فإن إيران تقدم سنويا 100 مليون دولار لمنظمات فلسطينية على رأسها “حماس“.
ولا تكشف “حماس” عن قيمة المساعدات التي تتلقاها، ولكن يلاحظ أن طهران لا تشارك في جهود إعادة الاعمار في غزة أو مساعدة الفقراء بالقطاع.
“زواج مصلحة”؟
ويقول المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إنه قد لا تكون إيران وراء هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل بشكل مباشر، لكن طهران عملت منذ فترة طويلة على تعزيز جماعات مثل حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني”.
وأشار المركز في دراسة إلى أنه “منذ بدايتها، كانت العلاقات الإيرانية الفلسطينية بمثابة زواج مصلحة (..) واليوم، تقدم إيران الدعم لعدد من الجماعات الفلسطينية، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني على وجه الخصوص. ومع ذلك، فإن هذه الجماعات ليست دمى، وعلاقتها بطهران تتطور باستمرار”.
وأوضح: “لقد عكست الهجمات التي قادتها حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حساباتها المستقلة”.
واعتبر أنه “رغم أن تلك الهجمات لم تكن لتحدث دون تقديم الدعم الإيراني طويل الأمد، إلا أن الهجمات جاءت على الأرجح بمثابة مفاجأة غير مرحب بها بالنسبة لطهران التي تجنبت خلال الشهرين الماضيين تقديم الدعم الكامل للفصائل الفلسطينية”.
ومع ذلك، يتابع، فإن “بقاء حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين متحالفين بشكل وثيق مع إيران، سيعتمد على نتيجة الحرب في غزة والديناميكيات الأوسع في الجغرافيا السياسية المتقلبة في الشرق الأوسط”.
بعين إسرائيلية
تقول سيما شين، الباحثة في مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: “كجزء من تقسيم العمل على جبهة المقاومة، قادت إيران حملة دبلوماسية منذ اليوم الأول للحرب تهدف إلى إنقاذ حماس، خاصة أثناء محاولتها فرض وقف إطلاق النار”.
وأضافت في دراسة أن “إيران تمارس ضغوطًا دبلوماسية على دول العالم، وعلى رأسها الدول الإسلامية، لتكون جزءًا من النشاط الشامل لوكلائها في المنطقة. ومع مرور الوقت واستمرار القتال، يزداد الإحباط في طهران، وكذلك الضغوط التي تمارسها على دول المنطقة للتحرك ضد إسرائيل”.
واعتبرت أنه “على الرغم من أن الإيرانيين يكررون ويصرون على أن الميليشيات المختلفة – حزب الله، والميليشيات العراقية، والحوثيين – تتصرف من تلقاء نفسها ودون توجيه إيراني”.
ومستدركا: “إلا أن بيان المرشد الأعلى الإيراني تم سماعه كتوجيه واضح عندما أكد على أن مهمة الدول الإسلامية هي قطع الشريان الحيوي لإسرائيل ومنع شحنات البضائع والطاقة”.
وبحسب الدراسة، “يرتبط هذا الكلام بتصريح قائد الحرس الثوري قبل نحو أسبوع، حيث تسيطر إيران على مضيقين بحريين ويمكنها إظهار القوة هناك. وعلى إثر ذلك، أعلن الحوثيون مهاجمة السفن الإسرائيلية”.