سياسة

حياد أوكرانيا.. موسكو ترفض أي انضمام للناتو


وسط جهود دبلوماسية، يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا يزال متمسكًا بشروط صارمة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وتعمل الإدارة الأمريكية على دفع موسكو لقبول وقف إطلاق النار وبدء محادثات سلام، لكن مطالب روسيا لا تزال بعيدة كل البعد عن أي تسوية مقبولة من أوكرانيا أو حلفائها، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.

وقف إطلاق النار والمخاوف الروسية

وأعلن بوتين مؤخرًا دعمه من حيث المبدأ لفكرة وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، وهو الاقتراح الذي قدمته الولايات المتحدة ووافقت عليه أوكرانيا. إلا أن الرئيس الروسي أبدى تحفظات بشأن تنفيذ هذا الاتفاق، متذرعًا بصعوبة التحقق من الالتزام به على طول خط الجبهة المترامي الأطراف.

كما أعرب عن مخاوفه من أن تستغل أوكرانيا هذه الهدنة لإعادة التسلح وإعادة تنظيم قواتها، مشيرًا إلى أنه قد يفرض شروطه الخاصة، مثل وقف إمدادات الأسلحة الغربية أو تجميد عمليات التعبئة العسكرية في أوكرانيا.

وهذه هي الشروط التي حددتها روسيا للتوصل إلى اتفاق سلام، وفق واشنطن بوست.

الأراضي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

تسيطر روسيا حاليًا على نحو خمس الأراضي الأوكرانية، وتسعى للاحتفاظ بها بل وربما توسيعها.

وأكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن المناطق التي ضمتها روسيا، مثل القرم، وسيفاستوبول، وخيرسون، وزاباروجيا، ودونيتسك، ولوهانسك، أصبحت جزءًا من الاتحاد الروسي وفقًا لدستور البلاد، مما يعني استبعاد أي احتمال لإعادتها إلى أوكرانيا.

كما أشار بوتين إلى أن روسيا ستوقف القتال فورًا إذا تخلت كييف عن مطالبتها بهذه المناطق وتراجعت عن نيتها الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو“، في خطوة تهدف إلى شرعنة السيطرة الروسية على الأراضي الأوكرانية المحتلة.

الناتو ووجود قوات حفظ السلام

الأكثر من ذلك، يعتبر بوتين انضمام أوكرانيا لحلف “الناتو” تهديدًا وجوديًا لروسيا، وقد جعل من وقف هذا التوسع، أحد أهداف عمليته في أوكرانيا.

في المقابل، يرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن الانضمام إلى الحلف يمثل ضمانًا حاسمًا لأمن بلاده.

ورغم ما أبداه مسؤولون أمريكيون، مثل وزير الدفاع بيت هيغسيث، من تشكيك في واقعية هذا الانضمام في المستقبل القريب، حذّر بوتين من “عواقب مأساوية” في حال نشر قوات تابعة لـ”الناتو” في أوكرانيا، مهددًا باللجوء إلى التصعيد النووي إذا اقتضى الأمر.

ورفضت روسيا أيضًا فكرة نشر قوات حفظ سلام أجنبية في أوكرانيا، وهو مقترح ناقشته بعض الدول الأوروبية كجزء من حل يضمن الاستقرار.

إذ أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن موسكو سترفض أي “تدخل خارجي”، مهددة بالرد بكافة الوسائل المتاحة.

كما شددت موسكو على رفضها القاطع لأي قوات حفظ سلام من دول “الناتو“، معتبرةً أن هذه الدول أعلنت العداء لروسيا ولا يمكن الوثوق بها في دور الوسيط.

العلاقات بين موسكو وواشنطن

تستغل روسيا الاتصالات المتجددة مع الولايات المتحدة لطرح قضايا أخرى تتجاوز الحرب في أوكرانيا، من بينها استعادة الممتلكات الدبلوماسية الروسية المجمدة في الولايات المتحدة منذ إدارة باراك أوباما.

وخلال محادثات جرت في إسطنبول أواخر فبراير/ شباط، طالبت موسكو باستعادة 6 مجمعات دبلوماسية تمت مصادرتها بين عامي 2016 و2018، إضافة إلى رفع القيود على البعثة الروسية في الولايات المتحدة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

في المقابل، ناقشت واشنطن مسألة تسهيل العمليات المصرفية واللوجستية لسفارتها في موسكو.

وأسفرت المحادثات عن تقدم محدود، حيث وافقت واشنطن على استقبال سفير روسي جديد هو ألكسندر دارشييف، وفق الصحيفة الأمريكية.

العقوبات الاقتصادية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا بعد الحرب في أوكرانيا عام 2022، ما أدى إلى إضعاف اقتصادها والحد من قدراتها العسكرية.

وبينما تشير بعض التقارير إلى أن إدارة دونالد ترامب قد تكون مستعدة لمناقشة تخفيف هذه العقوبات كجزء من أي اتفاق سلام محتمل، يصر الكرملين علنًا على أن جميع العقوبات المفروضة “غير شرعية” ويجب رفعها بالكامل.

وتركز موسكو بشكل خاص على تخفيف القيود المفروضة على المعاملات المالية الدولية وقطاع النفط والغاز، لا سيما تلك التي استهدفت أسطول ناقلات النفط الروسي.

ومن بين الإجراءات العقابية الأكثر تأثيرًا على روسيا، تجميد 300 مليار دولار من أصول البنك المركزي الروسي في الغرب.

فيما يعمل الاتحاد الأوروبي حاليًا على استخدام العوائد الناتجة عن هذه الأموال لدعم أوكرانيا، وهو ما وصفه بوتين بأنه “سرقة”.

بل اقترحت فرنسا استخدام هذه الأموال كضمانات، بحيث يتم مصادرتها في حال خرقت روسيا أي اتفاق مستقبلي لوقف إطلاق النار.

كما دفعت موسكو خلال المحادثات الدبلوماسية في إسطنبول لإعادة تشغيل الرحلات الجوية المباشرة بين روسيا والولايات المتحدة، وهي خطوة ستكون بمثابة تخفيف كبير للعقوبات، إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية لم تتطرق إلى هذا الأمر في بيانها حول المحادثات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى