خبراء يجمعون على أن اتفاق ترسيم الحدود بين مصر واليونان سيكبح البلطجة التركية
وقعت مصر واليونان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مؤخرا، وصفها دبلوماسيون مصريون سابقون بأنها انتصار كبير للجانبين ودول شرق المتوسط، مؤكدين بأنها ستوقف بلطجة تركيا، وستمنح إطارا قانونيا يقطع السبيل أمام أنقرة في الاستيلاء على غاز المتوسط.
ونقلت العين الإخبارية عن الدبلوماسيين قولهم إن توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية خطوة مهمة جدا في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط بالكامل، وليس فقط شرق المتوسط.
وقام كل من وزير خارجية مصر سامح شكري واليونان نيكوس دندياس، يوم أمس الخميس، بتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وقال وزير الخارجية المصري، خلال مؤتمر صحفي، بأن اتفاق ترسيم الحدود يتوافق مع قواعد القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، مضيفا: توصلنا لاتفاق تعيين الحدود البحرية مع اليونان بعد سلسلة من جولات التفاوض، بما يفتح آفاقا واعدة في مجال الطاقة.
ومن جهته، شدد نيكوس دندياس على أن الاتفاق مع مصر يحتذى به ويتوافق مع القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار، كما وصف هذا الاتفاق بالتاريخي، وشدد على أنه اتفاق عادل ويحقق المنفعة لدولتينا.
وقف البلطجة التركية
هذا وأكد السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان بأن التوقيت الذي تم فيه توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين القاهرة وأثينا مهم جدا بعد تجاوز جميع النقاط العالقة، وأيضا المشاكل الفنية بين الطرفين والتي استغرقت عدة سنوات.
كما اعتبر العرابي بأن توقيع هذه الاتفاقية في حد ذاته انتصار كبير للطرفين، وسط الظروف الخطيرة التي تعيشها منطقة البحر الأبيض المتوسط، نظرا لبلطجة تركيا وتحرشها بالدول الصديقة لمصر قبرص واليونان، مضيفا: تلك الدول، سوف تتحرك بسلام وشجاعة في الاستفادة من الثروات الطبيعية في المناطق الاقتصادية الخالصة.
وشدد أيضا عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب على أن الاتفاقية ستكبح الطريق في وجه أنقرة التي تقوم بممارسة بلطجة غير مسبوقة في المنطقة، ولا تهتم للقانون الدولي أو ميثاق الأمم المتحدة أو قانون البحار، وتعتقد بأن لديها الحق في التنقيب بمنطقة شرق المتوسط.
إلى ذلك، فقد نبه وزير الخارجية الأسبق إلى أن الاتفاقية تشكل صياغة سياسية قانونية تمهد للتعاون واستفادة الجانبين المصري واليوناني في إطار قانوني صرف، مضيفا: تضمن الاتفاقية لدول اليونان وقبرص ومصر، سلمية التحرك في المنطقة، وتعزيز التعاون بينها.
ترسيخ دعائم أمن واستقرار المنطقة
وقال من جانبه السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، بأن توقيع الاتفاقية خطوة مهمة جدا في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في منطقة المتوسط بالكامل، وليس فقط شرق المتوسط، موضحا بأن الاتفاقية خطوة مهمة ليست فقط على صعيد العلاقات بين الجانبين اليوناني والمصري بل في شرق المتوسط، وعلى صعيد التعاون بين الدول العربية والأورومتوسطية.
وأشار أيضا هريدي إلى أن الاتفاقية ستودع لدى الأمم المتحدة؛ من أجل استكمال شكلها القانون الدولي بحيث لا يمكن لأي دولة أخرى أن تقول بأنها لا تعترف بها، وتتمثل نتائج ترسيم الحدود بين القاهرة وأثينا على أن أي اعتداء على السيادة البحرية لكل من الدولتين على المنطقة الاقتصادية الخالصة لها، سوف يواجه بإجراءات تتفق مع ميثاق الأمم المتحدة.
ولفت كذلك الدبلوماسي المصري إلى أن ترسيم الحدود البحرية كان محل بحث وتفاوض بين مصر واليونان منذ فترة طويلة، وجاء تعيين الحدود في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، مضيفا بأن قانون البحار يحدد كيفية تعيين الحدود البحرية للدول، فيما لم توقع تركيا عليها.
الجدير بالإشارة أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتمادها عام 1982، بينما دخلت حيز التنفيذ في 16 نوفمبر 1994 بعد أن تمت المصادقة عليها من طرف 60 دولة، من بينها مصر، في حين لم تقم كل من تركيا وإسرائيل وأمريكا بالتوقيع عليها.
وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي قد كشف في نهاية يناير 2018، اعتماد بلاده ترسيما محتملا للحدود البحرية مع اليونان غير أنه لم يدخل بعد حيز التنفيذ، وقال خلال افتتاح حقل ظهر للغاز شمال شرقي البلاد: لو لم نكن رسمنا الحدود مع قبرص لما توفرت لنا الفرصة لاكتشاف حقل ظهر، كونها مناطق لها قواعد واتفاقيات تحكمها، ووافق السيسي في سبتمبر 2014، على اتفاقية بين بلاده وقبرص بخصوص التعاون في تنمية حقول الغاز في مياه البحر الأبيض المتوسط.
إن مصر وقبرص تجمعهما علاقات شراكة بدأت تظهر بشكل واضح منذ وصول السيسي إلى الرئاسة عام 2014 إذ قامت الدول الثلاثة بعقد العديد من القمم تدور حول زيادة التعاون في مجالات الطاقة والتنقيب عن الغاز ومكافحة الإرهاب وترسيم الحدود، وقام وزيرا خارجية اليونان وإيطاليا في أثينا في 9 يونيو المنصرم بتوقيع اتفاق يخص ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر الأيوني الذي يفصل البلدين المجاورين.