خطط فرنسية لإعادة إعمار مرفأ بيروت
طرح مسؤولون لبنانيون وفرنسيون خطة لإعادة إعمار المرفأ وإعادة تنظيمه. بعد مرور ثلاث سنوات ونصف على اشتعال نترات الأمونيوم المخزنة بطريقة غير سليمة في مرفأ بيروت وحصول انفجار ضخم لم تنجح السلطات اللبنانية في محاسبة المسؤولين عنه وبقيت عاجزة عن المضي قدما في إعادة إعماره بسبب ما تعانيه من أزمات اقتصادية.
ومولت الحكومة الفرنسية تطوير الخطة التي قدمتها شركتان هندسيتان فرنسيتان هما “أرتيليا” و”إيجيس”، والتي ستركز على إعادة بناء الأرصفة التي تضررت في الانفجار، وإعادة تنظيم تخطيط الميناء لتسهيل حركة المرور، وتحويل المنشأة للعمل بالطاقة الشمسية. وأجرت وكالة عامة فرنسية تقييمًا، يتضمن توصيات لتحسين الأمن في الميناء.
وأعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عن الخطة أمام الصحافيين الأربعاء، بحضور السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو إلى جانب ممثلين عن الشركات الفرنسية.
وقال ميقاتي للصحافيين إن لبنان وفرنسا تربطهما “علاقات تاريخية قوية نعتز بها”، في إشارة إلى العلاقات التي تعود إلى الفترة التي كانت فيها الدولة العربية الصغيرة محمية فرنسية بعد الحرب العالمية الأولى حتى الاستقلال عام 1943. وأضاف “إننا نعتبر دعم فرنسا للبنان ذا أهمية خاصة لأنه يمثل قلب المجتمع الدولي”.
وأكد ميقاتي أن “ورشة النهوض بمرفأ بيروت من جديد وإعادة إعماره ونفض غبار الحرب عنه، تبقى أولوية وطنية واقتصادية، لكون هذا المرفأ هو الشريان الحيوي الأبرز على البحر الأبيض المتوسط وإلى العمق العربي”.
بدوره صرح ماغرو إن إعادة بناء مرفأ بيروت هي إحدى “أولويات فرنسا في دعمنا للبنان”. وأضاف “إن الاقتصاد اللبناني يحتاج بالفعل إلى مرفأ بيروت مُعاد بناؤه وحديث وآمن”.
وذكّر السفير الفرنسي بما قامت به بلاده منذ اليوم الأول للانفجار، من انتشار الجيش الفرنسي خلال شهر أغسطس/آب 2020 للمساعدة في تأمين منطقة الكارثة وفرز وجمع الأنقاض الرئيسية، إلى تمويل إزالة وإعادة تدوير الحبوب من الصوامع المنتشرة حول الميناء، وتمويل دراسة لتقدير قيمة الحطام الذي يجب إزالته.
كما قدمت باريس جهاز مسح لمرفأ بيروت، الذي لا يزال هو الوحيد العامل حتى اليوم، إضافة إلى حشد إحدى الشركات الفرنسية العديد من الخبراء الفنيين لمساعدة المرفأ على تحديث إدارته وسلامته وأمنه. ولفت إلى أن فرنسا تعمل بشكل خاص على استعادة قدرات تكنولوجيا المعلومات الجمركية ووضع استراتيجية لإدارة المخاطر، مؤكداً أن ميناء مرسيليا ملتزم بالكامل إلى جانب ميناء بيروت، على النحو الرسمي في اتفاقية التعاون الموقعة في يونيو/حزيران 2022.
وسيحتاج لبنان إلى توفير مبلغ يتراوح بين 60 و80 مليون دولار أميركي لاستكمال إعادة الإعمار. ولم تتطرق الخطة المقدمة إلى مصير صوامع الحبوب الضخمة في المرفأ، والتي امتصت جزءًا كبيرًا من صدمة الانفجار، مما ساهم في حماية الجزء الغربي لبيروت من الانفجار.
وأعلن السفير الفرنسي عن تقديم إنجازين مهمين على أنهما دليل على هذا التعاون من ناحية تقديم مقترحات لتنظيم الميناء، بالإضافة إلى الوثائق الفنية التي ستمكن من إطلاق دعوات لتقديم العطاءات بشأن أعمال البنية التحتية ذات الأولوية، إضافة إلى تقييم أمن المرفأ ويتضمن إجراءات عملية لتهيئة الظروف الأمنية في مرفأ بيروت بما يتوافق مع المعايير الدولية. وهذا أمر ضروري، ولكنه يمثل أيضاً ميزة اقتصادية وتجارية على المدى الطويل.
وكانت الحكومة اللبنانية قد خططت في مرحلة ما لهدم الصوامع المتضررة، لكنها قررت عدم القيام بذلك بعد أن احتج أهالي ضحايا الانفجار والناجون من الانفجار، مطالبين بالحفاظ عليها كنصب تذكاري، ولاحتمال احتوائها على أدلة مفيدة للتحقيق القضائي.
وأسفر الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 عن مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة وتشريد الآلاف وتدمير أحياء كاملة من المدينة.
ومنذ وقوع الانفجار، توقف التحقيق في أسبابه، وتوقفت عملية إعادة إعمار المناطق المتضررة إلى حد كبير بتمويل خاص، في حين أن الأموال الدولية التي وُعد بتوفيرها لإعادة الإعمار، كانت مرهونة إلى حد كبير بالإصلاحات السياسية التي لم تتحقق أبدًا.
وفي عام 2021، تعثرت مقترحات طُرحت لإعادة إعمار الميناء وإعادة تطويره، بما في ذلك خطة طموحة طرحتها مجموعة من الشركات الألمانية لإعادة تطوير الميناء، إلى جانب مشاريع تجارية وسكنية جديدة.
وفي عام 2022، فازت “مجموعة سي. أم. إيه. سي. جي. أم.” الفرنسية العملاقة للشحن البحري، بعقد مدته 10 سنوات لتشغيل محطة الحاويات في الميناء.