خطوة مثيرة للجدل.. تحالف الساحل ينسحب من الجنائية الدولية

تستعد دول تحالف الساحل الذي يضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر لإعلان انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية تمهيدا لإنشاء محكمة خاصة، احتجاجا على ما تصفه بـ”انحياز” أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، إلى الغرب، متهمة إياها باستهداف القادة الأفارقة.
وأفادت مصادر مطلعة بأن وزراء العدل في الدول الثلاثة اجتمعوا في نيامي خلال الأسبوع الجاري حيث أعلنوا عن خطتهم للانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، والعمل على إنشاء محكمة إقليمية بديلة تُعنى بالجرائم العابرة للحدود.
وانتقد المجتمعون “العدل الدولية” ووصفوها بأنها “أداة قمعية تستهدف الدول الإفريقية وقادتها”، فيما توقعت المصادر نفسها الإعلان عن الانسحاب خلال الأيام القادمة.
ويُعتبر هذا التوجه بمثابة رفض للوصاية الدولية ومحاولة من قبل هذه الدول لإثبات سيادتها على قراراتها القضائية والأمنية، في ظل ما تعتبره تدخلاً من القوى الغربية، فيما ينظر إلى هذا التحرك على أنها محاولة لحماية القادة العسكريين في بلدان الساحل من الملاحقة القضائية المحتملة من قبل المحكمة.
وأشارت تقارير إلى أن المشروع الجديد يهدف إلى معالجة قضايا الجرائم الدولية والإرهاب والجريمة المنظمة في المنطقة، بالإضافة إلى بناء سجن شديد الحراسة لاستيعاب المدانين.
ويعكس هذا التوتر تحولاً في التحالفات الدولية لبلدان الساحل، حيث تتجه إلى طي صفحة النفوذ الغربي، الذي يُنظر إليه على أنه مرتبط بالمحكمة الجنائية الدولية، والتقارب مع قوى أخرى ومن أبرزها روسيا.
واستثمرت موسكو حالة السخط والعداء ضد الغرب لتعزيز وجودها في المنطقة وأقامت علاقات قوية مع الأنظمة العسكرية في دول الساحل، وقدمت لها الدعم الأمني، كما عملت على إقامة شراكات اقتصادية ضمن مساعيها للبحث عن أسواق جديدة في مواجهة العزلة الدولية.
وأسست الدول الثلاثة في العام 2024 تحالفًا جديدًا يُعرف بـ”تحالف دول الساحل” بهدف تعزيز الدفاع المشترك والتعاون الأمني. ويُعتبر هذا التحالف بمثابة تحدٍ مباشر للنفوذ الغربي، كما أنه يمثل فك ارتباط بالمنظمات الإقليمية التقليدية ومن أبرزها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إكواس”.
بدورها علقت المحكمة الجنائية الدولية على هذه الخطوة عبر المتحدثة باسمها مارغو تيديسكو، مؤكدة أن المحكمة “لا تحل محل القضاء الوطني”، مشددة على أن “معظم قضاياها في إفريقيا جاءت بناء على إحالات من الدول الإفريقية نفسها”.
ويمكن أن يؤدي هذا التوتر إلى تعقيد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والجرائم الخطيرة في المنطقة، حيث يعتمد عمل المحكمة على تعاون الدول الأطراف.
وتضاف هذه الخطوة إلى تاريخ من التوترات بين المحكمة الجنائية الدولية والدول الأفريقية، حيث سبق أن انسحبت دول أخرى مثل جنوب افريقيا بوروندي وغامبيا في عام 2016 من الهيئة، بناءً على انتقادات مماثلة تتعلق بازدواجية المعايير.