خيرسون تحت القصف.. حين يكون الصمت أكثر رعبًا
خيرسون الأوكرانية التي كانت يوما ما تعج بالحياة، أصبحت اليوم أشبه بمدينة أشباح.
فالمدينة الواقعة على خط المواجهة بين روسيا وأوكرانيا، تعيش حالة من الهدوء المخيف، هكذا وصفت شبكة “سي إن إن” المشهد في خيرسون.
هذه المدينة عانت لثمانية أشهر قبل أن تتحرر في نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٢.
في يوم التحرير، خرج السكان مبتهجين حاملين الأعلام الأوكرانية الزرقاء والصفراء، يعانقون الجنود ويغنون وسط أصوات أبواق السيارات. لكن اليوم، اختفى الفرح وحل محله صمت ثقيل.
كانت لذلك الانتصار رمزية كبيرة، على اعتبار أن خيرسون كانت أول مدينة كبيرة والعاصمة الإقليمية الوحيدة التي سقطت بين أيدي الجيش الروسي، منذ اندلاع الحرب في فبراير/شباط 2022.
ومدينة خيرسون مهمة استراتيجيا بشكل استثنائي لروسيا، لأنها تضم قناة تمد شبه جزيرة القرم بالمياه العذبة.
-
وثيقة سرية تكشف عن أهداف روسيا في أوكرانيا
-
“كورسك الروسية”… تحول استراتيجي يعيد تشكيل الصراع والهدنات في أوكرانيا
وتشكل منطقة خيرسون أهم مكون في “الجسر البري” الممتد من البر الرئيسي الروسي إلى شبه جزيرة القرم، الذي كان الرئيس فلاديمير بوتين يريد تشييده منذ ضم شبه الجزيرة عام 2014.
على الجانب الآخر
وتتمركز القوات الروسية على الجانب الآخر من نهر دنيبرو، على بُعد أقل من ثلاثة أميال من القوات الأوكرانية والسكان المُحاصرين الذين تُكلف بحمايتهم.
أما المتاجر في المدينة فتحميها حواجز خشبية. وكبار السن هم الأكثر ظهورا في الشوارع، حيث يسرعون لشراء الاحتياجات اليومية قبل العودة إلى منازلهم التي أصبحت ملاذهم الوحيد.
فيما تحمل المباني ندوب سنوات من الصراع. نوافذ محطمة، وحطام متناثر في كل مكان.
وتبقى المستشفيات هي الأماكن القليلة التي ما تزال تعج بالحركة، حيث يعالج الأطباء الجرحى، معظمهم من المدنيين الذين سقطوا ضحايا لضربات الطائرات المسيرة.
-
صفقة أوكرانيا على طاولة ترامب.. جدول زمني يمتد من ساعات إلى شهور
-
تحولات استراتيجية في أوكرانيا.. تعزيز روسي واستعداد أوكراني للتفاوض
الاتصال المنتظر
وفي تقريرها تقول “سي إن إن”، إنه مع استعداد الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين لمناقشة إنهاء الحرب في أوكرانيا، يبقى مصير هذه المدينة وشعبها على المحك.
رومان موروتشكو، عمدة خيرسون، يعمل من قبو تحت الأرض هربا من خطر الطائرات المسيرة. يقول إن ما يصل إلى 100 طائرة مسيرة يمكن أن تُطلق نحو مدينته يوميا.
“الكثير منها يتم اعتراضه، لكن بعضها يصل إلى هدفه ويصيب مدنيين”، يشرح موروتشكو، مضيفا أن الروس يستخدمون خيرسون كساحة تدريب لطائراتهم المسيرة، في ما يصفه بـ”مطاردة المدنيين”.
واتُهمت روسيا مرارا وتكرارا باستهداف المدنيين الأوكرانيين طوال الحرب، لكنها نفت هذه الاتهامات جملة وتفصيلا.
-
قبضة روسية على توريتسك.. أوكرانيا في اختبار صعب على جبهة الإمداد
-
أوكرانيا بلا دعم أمريكي.. ما السيناريوهات المحتملة في مواجهة روسيا؟
“رعبٌ يستحيل وصفه”
“من المستحيل وصف مدى الخوف الذي نشعر به”، تقول أولينا فاسيليفنا شيغاريفا، التي تعالج في المستشفى من إصابات في ركبتها وساقها بسبب شظايا.
“تطير الطائرة وتصدر أزيزا، لا تراها. وعندما تكتشفها، تتوقف وتبدأ في ملاحقتك أينما ذهبت”.
شيغاريفا تروي كيف كانت تمشي مع امرأة أخرى عندما استهدفتهما طائرة مسيرة، في ما يسميه بعض سكان خيرسون “رحلة صيد” أو “سفاري”.
وتضيف “كانوا يرون أننا نساء، ولسنا جنودا. لم نفعل لهم شيئا. إنه رعب بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.
-
معادن أوكرانيا الثمينة.. هل تشكل محور اهتمام ترامب؟
-
أوكرانيا تدعم “زيلينسكي الشجاع” وسط صدمة وغضب من الانتقادات
وتحدث معظم هجمات الطائرات المسيرة، في الضواحي الشرقية المكشوفة للمدينة، مما يجعل السكان محاصرين فعليا.
ويُعد الصباح الباكر هو الوقت الأكثر أمانا للخروج، حيث يخرج المتطوعون لتوزيع صناديق المساعدات الغذائية من شاحناتهم.
وبعد دقائق فقط من بدء التوزيع، تأتي الأنباء عن إطلاق طائرات مسيرة من الجانب الروسي للنهر.
أوضاعٌ تجعل الخروج في شوارع مدينة الأشباح، “مغامرة محفوفة بالمخاطر”، وفق وصف التقرير.
-
إنذار جوي شامل.. الصواريخ الباليستية تبث الرعب في أوكرانيا
-
إنذار جوي في أوكرانيا بعد إطلاق صواريخ «كروز» الروسية في السماء
-
روسيا تترقب تنصيب ترامب: ننتظر خطوات واضحة حول أوكرانيا
-
الحرب بدون واشنطن.. هل تصمد أوكرانيا أمام هذا السيناريو؟
-
روسيا تغير مجريات الحرب في أوكرانيا باستخدام “الهاتف اللعبة”
-
شبح بيجر في أوكرانيا.. تكنولوجيا التجسس تدخل الحرب