سياسة

دبلوماسية تقديم الحبوب بالمجان تعزز شعبية روسيا في أفريقيا


أعلنت روسيا، الجمعة، البدء في توريدها الحبوب “مجانا” إلى ست دول إفريقية، تنفيذا لتعهدات سابقة ضمن مساعي موسكو لتوسيع نفوذها في القارة السمراء على حساب المستعمر الفرنسي القديم.  

وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف، في كلمة بمعهد موسكو للعلاقات الدولية إن “العمل بشأن توريد الحبوب الروسية إلى ست دول إفريقية قد بدأ بالفعل”.
وأوضح أن “كل من بوركينا فاسو وجمهورية إفريقيا الوسطى وإريتريا ومالي والصومال وزيمبابوي ستحصل على 50 ألف طن من الحبوب مجانا في الأشهر المقبلة”. وأضاف أن روسيا “ستدفع أيضا النفقات ذات الصلة”.

وتكثف موسكو نشاط دبلوماسيتها في العواصم الأفريقية، ولا سيما بعد اشتعال الأزمة الأوكرانية. وتشديد العقوبات الغربية على موسكو، بالتزامن مع ازدياد المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا. وعدم تمديد اتفاق البحر الأسود للحبوب. الذي حافظ على التوازن في الأسعار ومنع وقوع أزمة غذاء عالمية.

ولا يخفى الهدف الروسي من هذه “العطايا المجانية” وهو زيادة نفوذ موسكو في القارّة السمراء. خصوصا أن فرنسا تعيش اليوم أسوأ مرحلة في علاقتها بمستعمراتها السابقة. وتواصل خسارة نفوذها في عدد من هذه الدول. ويعتبر طرد سفرائها من هذه العواصم أبرز مثال على هذه حجم أزمتها الأفريقية.

كما أن معاناة بعض الحكومات الأفريقية من سوء إدارة وفساد وعزلة دولية. كلها عوامل مواتية لروسيا لاحتضان هذه الدول وإيجاد أسواق بديلة عن أوروبا والولايات المتحدة. بعد العقوبات الغربية الاقتصادية.
وتاريخيا. استخدمت الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، الحبوب كسلاح لاستقطاب دول أو ممارسة ضغوطا على أخرى، بهدف استقطاب موالين أو إخضاع الخصوم.

واليوم تميل الكثير من الدول الأفريقية إلى روسيا كونها لم تتوغل في أفريقيا استعمارياً سابقا. كما ساعدت الكثير من الدول لنيل استقلالها من الاستعمار وتدعم بناء المصالح أكثر من الهيمنة.

وكان الكرملين قد نشر في 23 يوليو، قبل أيام من القمّة الروسية الأفريقية، رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أكّد فيها عزمه تكثيف العمل في مجالات عديدة بما فيها التكنولوجيا والطاقة والاستكشاف الجيولوجي. إضافة إلى النووي والصناعات الكيمياوية واستثمار المناجم والمواصلات، واعداً أيضا بـ”توسيع شبكة السفارات والمكاتب التجارية” الروسية في أفريقيا.

وفي ختام القمة الروسية الأفريقية أعلن بوتين أن بلاده ستقدم الحبوب مجانا إلى ست دول أفريقية خلال ثلاثة أو أربع أشهر. وسط تعهدات بتعزيز الشراكة بين الجانبين في مجالات التجارة والأمن والغذاء والتكنولوجيا. وذلك عقب تعليق موسكو العمل باتفاقية نقل الحبوب مع أوكرانيا.

وكان اتفاق الحبوب قد سمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب من موانئها المطلة على البحر الأسود مع استمرار الحرب. مستهدفًا التخفيف من أزمة الغذاء العالمية، بيد أن موسكو رفضت تجديده على وقع العقوبات الغربية.

 وصرح بوتين إن “موسكو قادرة على تعويض صادرات الحبوب الأوكرانية إلى إفريقيا على أساس تجاري أو مجاني، خصوصا أننا نتوقع مجددا محصولا قياسيا هذا العام”. وتسعى روسيا إلى تعميق تعاونها التجاري والاقتصادي مع دول القارة الإفريقية. لكسر حاجز الـ20 مليار دولار وبلوغ مستويات أعلى تتوافق مع تلك العلاقات.

وتأتي عدة دول إفريقية وآسيوية على رأس الدول الأكثر اعتمادا على واردات القمح من روسيا وأوكرانيا، إذ تعتمد الصومال. وبنين بشكل كامل على الدولتين، في حين تستورد مصر نحو 82 بالمئة من احتياجاتها منهما، تليها السودان بنسبة 75 بالمئة، ثم الكونغو 69 بالمئة، والسنغال 66 بالمئة.

وقال متابعون أن روسيا تقدم حلولًا في تكنولوجيا قطاع الطاقة والتعدين والتعليم والطب والشق الأمني والعسكري. والتعاون التقني والبنية التحتية، وبإمكانها إفادة الدول الأفريقية في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة.

وكانت أكبر الدول المتلقية للحبوب الأوكرانية، قبل إلغاء اتفاق الحبوب. هي الصين وإسبانيا وتركيا وإيطاليا، في حين ذهب 57 في المئة إلى 14 دولة تصنف حاليا بأنها الأكثر تهديدا بالمجاعة ومنها دول القرن الأفريقي وأفغانستان واليمن الذي مزقته الحروب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى