دبي تدفع لتجاوز الخلافات بشأن التخلص من الوقود الأحفوري
حث سلطان الجابر رئيس مؤتمر كوب28 للمناخ الدول المجتمعة في دبي على الخروج من “مناطق راحتها” والعمل معا من أجل التوصل لاتفاق قبل انتهاء أسبوعي المؤتمر.
وينتظر المشاركون في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين الجمعة نشر نص تفاوضي جديد يتضمن صيغًا جديدة بشأن الوقود الأحفوري، مع انهماك الوفود في العمل مع بدء المرحلة النهائية من المفاوضات، مع تبقي خمسة أيام فقط على انتهاء المؤتمر في 12 ديسمبر/ كانون الأول.
وقال الجابر في افتتاح الجلسة العامة مع دخول القمة أصعب مراحل المفاوضات “أرجوكم فلننجز هذه المهمة… أود منكم أن تقدموا المساعدة وأحتاج منكم أن تتخطوا مناطق راحتكم”.
ولم يتم التوصل إلى حل بعد لكيفية تعامل ما يقرب من مئتي دولة مشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) مع مسألة الوقود الأحفوري، وهو المصدر الرئيسي للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري العالمي.
وتطالب 80 دولة على الأقل بالتوصل إلى اتفاق في كوب28 يدعو للتخلص نهائيا من استخدامه. وسيكون اتخاذ مثل هذا الموقف غير مسبوق بعد ثلاثة عقود شهدت مؤتمرات للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ ولكنها لم تتناول قط الدور المستقبلي للوقود الأحفوري.
ويتفاءل ستيفن جيلبو وزير البيئة الكندي بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق. وقال جيلبو “أثق بأننا يجب أن نغادر دبي وكوب28 ببعض الاتفاقات بشأن الوقود الأحفوري… حتى وإن كانت أقل من مستوى الطموح الذي يريده البعض، فستظل لحظة تاريخية”.
ووجه سايمون ستيل الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ نداءا مفعما بالحماس إلى البلدان إذ قام بتذكيرهم أن العلم يدعم هدف العالم المتمثل في الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الثورة الصناعية.
وقال ستيل، وهو مواطن من جرينادا “الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة ضمن 1.5 درجة مئوية هو حد واقعي من وجهة نظر الكوكب وليس مجرد اختيار”.
وتابع “تجاوز 1.5 درجة يعني أننا سنفقد على الأرجح الصفائح الجليدية بشكل لا رجعة فيه” وارتفاع مستوى سطح البحر 10 أمتار وزوال الشعاب المرجانية التي تدعم الثروة السمكية في العالم. وأضاف أن درجات الحرارة قد تصل إلى مستويات متطرفة لدرجة أن “ملياري شخص سيعيشون في مناطق… تتجاوز حدود القدرة البشرية وتشكل تهديدا للحياة”.
من المتوقع أن يفضي “التقييم العالمي” إلى خطة إجراءات السياسة العامة المستقبلية من الحكومات لمحاولة منع تفاقم تغير المناخ إلى حدود متطرفة.
بدوره، قال جون كيري المبعوث الأميركي للمناخ الأربعاء “شاركت في الكثير من مؤتمرات الأطراف. وأشعر بطاقة مختلفة هنا. إحساس مختلف بضرورة التحرك الطارئ وإنجاز المهمة”.
في الوقت نفسه، تعمل دول شرق أوروبا جاهدة على حل مشكلة مكان عقد قمة (كوب29). العام المقبل بعد أن قالت روسيا إنها ستمنع أي عضو في الاتحاد الأوروبي من تولي رئاسة مؤتمر الأطراف. وبحلول الجمعة، انضمت أذربيجان إلى المرشحين وعرضت استضافة الحدث. وعرضت مولدوفا وصربيا أيضا تولي الرئاسة الدورية للمؤتمر.
وأشاد الجابر في كلمة في وقت متأخر الأربعاء بوفود نحو 200 دولة. لاتفاقها في اليوم الافتتاحي من القمة التي تستمر أسبوعين على صندوق “الخسائر. والأضرار” لمساعدة الدول المنكوبة بكوارث مرتبطة بالمناخ.
وتعهدت دول وشركات ومؤسسات خيرية بجمع تمويلات للمناخ بقيمة 83 مليار دولار. وهو ما قال الجابر عنه للوفود إنه “يمكنه فقط الارتقاء بالمعايير”.
وتابع الجابر “ما حققناه جميعا في أسبوع فقط، في نظري، لا يقل عن كونه تاريخيا. خلال سبعة أيام، أظهرنا أن تعدد الأطراف ناجح حقا ويبلي بلاء حسنا”.
وبينما ساد الهدوء منطقة القمة الخميس لتعليق المفاوضات رسميا لوجود “يوم راحة” في جدول القمة، عملت الوفود على التوصل إلى اتفاق نهائي في كوب28 بحلول الموعد المقرر لختام المؤتمر. ومن المتوقع أن يضع الجابر خطة العمل للأسبوع الثاني. بما في ذلك هدف إنهاء القمة مثلما هو مخطط.
وسيكون ذلك إنجازا لم تحققه محادثات مناخ الأمم المتحدة منذ كوب9 في ميلانو بإيطاليا قبل 20 عاما. وأفادت بيانات وأخبار من موقع (كربون بريف). الإلكتروني بأن ثمانية اجتماعات كوب من أصل الاجتماعات العشرة الأخيرة امتدت وقتا إضافيا بواقع 24 ساعة على الأقل. بما في ذلك كوب27 العام الماضي في مصر وكوب26 الذي سبقه في جلاسجو.
وفي المرحلة الأخيرة من كوب28 ستركز المفاوضات على بعض أصعب قضايا هذا العام. ولأول مرة، تضطلع الدول بمهمة ضخمة هي تقييم التقدم المحرز في مسألة المناخ حتى الآن وما يتبقى فعله. ومن المتوقع أن يفضي العمل المعروف باسم “التقييم العالمي”. إلى خطة إجراءات السياسة العامة المستقبلية من الحكومات لمحاولة منع تفاقم تغير المناخ إلى حدود متطرفة.
وتظهر مسودات النصوص حتى الآن العديد من خيارات خطط المناخ الوطنية التي يمكن قبولها. ما يعني أن الوزراء لا بد أن يحلوا مسألة غياب الإجماع.
وقالت المراقبة كيريسا كاسبشيك “لا يزال أمامهم كثير لينجزوه من أجل تقديم العلامات السياسية التي ستصحح المسار نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ .وإبقاء الدرجة ونصف مئوية في المتناول”. وكاسبشيك مديرة سياسات المناخ لدى كونزيرفيشن إنترناشونال.
وتريد الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، وعددها 27 دولة. وتشيلي وغيرها أن يتضمن الاتفاق النهائي لكوب28 دعوة صريحة إلى التخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري من دون استخدام .لغة من شأنها تمكين دول من الاعتماد بقوة على التقاط الكربون واحتجازه في ذلك الهدف.
وحثت وزيرة البيئة التشيلية مايسا روخاس. وهي أيضا عالمة مناخ، نظراءها من دول أخرى على عدم إرجاء القضية للأعوام المقبلة.
وقالت روخاس عن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري “إنه ضروري بكل تأكيد. نعلم ذلك منذ وقت طويل”.
ويبحث المفاوضون عن صيغة بديلة للإشارة إلى الاستعاضة عن الوقود الأحفوري حتى العقد الرابع من الألفية الجديدة. وأصبحت صيغة “الخفض التدريجي/التخلص التدريجي” .بؤرة خلاف بالنسبة لدول تنتج النفط أو الغاز أو الفحم.
وذكر مراقب للمفاوضات أن ترينيداد .وتوباجو العضو بتحالف الدول الجزرية الصغيرة اقترحت أن تكون الصيغة “التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بما يتماشى مع أفضل العلوم المتاحة .ووسائل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ومبادئها وبنود اتفاق باريس”.
واستطاعت الولايات المتحدة والصين تجنب المصطلحات برمتها. إذ وافقتا خلال قمتهما الثنائية في نوفمبر/ تشرين الثاني في منتجع صني لاندز بولاية كاليفورنيا على مضاعفة توليد الطاقة المتجددة ثلاثة أمثال “لتسريع استبدال توليد الفحم والنفط والغاز وخفض الانبعاثات المطلق .الجاد في قطاع الكهرباء في هذا العقد الثالث الحرج”. وقالت كاترين أبرو مؤسسة منظمة (ديستينيشن زيرو) غير الحكومية “أتوقع أننا سنرى بعض التلاعب اللفظي الإبداعي”.
ومنذ تبني اتفاق صندوق الخسائر والأضرار في 30 نوفمبر تشرين الثاني. قال الجابر إن الدول جمعت أكثر من 726 مليون دولار لضخ رأس مال في الصندوق .ويُتوقع ضخ المزيد في الصندوق بحلول ختام قمة كوب لهذا العام.
لكن التقدم المحرز في التكيف مع المناخ توقف. إذ يحتاج الوزراء إلى حل مأزق متعلق بالتزامات الدول الغنية مقابل الدول الفقيرة لتمويل الصندوق. وسيحتاجون أيضا إلى تناول كيفية تعزيز تمويلات المناخ.
ولا تزال التعهدات المقطوعة في كوب28 أقل بكثير من مئات الملايين اللازمة سنويا لمساعدة الدول النامية في التكيف مع ظروف العالم الآخذ في الاحترار. بما في ذلك ارتفاع مستويات أسطح البحار وتزايد خطورة الموجات الحارة.
وتحتاج الدول النامية أيضا إلى تمويلات سنوية بمليارات. ما لم يكن تريليونات الدولارات للتحول إلى الطاقة النظيفة.
وذكرت تيريزا أندرسون، التي تقود عمل العدالة المناخية بمنظمة (أكشن إيد إنترناشونال) غير الربحية، “مسألة التمويل مهمة على وجه التحديد لأن الدول النامية مترددة .كما هو متوقع إزاء إرهاقها بأهداف عالمية لا تملك ما يكفي لتنفيذها”.