سياسة

دريدنوت تدخل الخدمة.. تعزيز الردع النووي البريطاني تحت البحر


كشفت بريطانيا النقاب عن مشروعها الطموح لبناء الغواصة النووية التي تُعد الأضخم والأكثر تطورًا في تاريخ البحرية الملكية.

وأُعلن بناء الغواصة الجديدة من فئة دريدنوت في مدينة بارو إن فورنيس، التي تُعتبر قلعة صناعة الغواصات البريطانية، بحضور رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في إشارة إلى الجهد الوطني المشترك الذي يمتد لعقد من الزمن.

ومن المتوقع أن تبحر هذه الغواصات النووية المهيبة في “أوائل ثلاثينيات القرن الحالي”، لكن المعلومات تشير إلى أنها لن تدخل الخدمة قبل عام 2032.

وستحل الغواصة الجديدة بديلا للغواصات من فئة فانغارد الحالية بدءا من أوائل ثلاثينيات القرن الحالي للحفاظ على سلامة المملكة المتحدة من خلال قوة الردع النووي.

مواصفات تقنية تُعيد تعريف الترسانة البحرية

يبلغ طول الغواصة 153.6 متر، بإزاحة تصل إلى 17,200 طن، مما يجعلها تفوق سابقاتها من فئة “فانغارد” التي دخلت الخدمة في تسعينيات القرن الماضي.

الغواصة البريطانية الجديدة من فئة دريدنوت

 

وصُممت “دريدنوت” لتحمل 12 صاروخًا باليستيًا من طراز “ترايدنت 2 D5” القادر على إطلاق رؤوس نووية متعددة بشكل مستقل، بالإضافة إلى 4 طوربيدات “سبيرفيش” متوسطة المدى. 

وتُبرز التقنيات المدمجة فيها تقدمًا ملحوظًا، مثل نظام الدفع الجديد من “رولز رويس” ودفات “إكس” الخفية التي تعزز قدرات التخفي، فضلًا عن أنظمة إنتاج الأكسجين والمياه العذبة ذاتيًا، مما يمكنها من البقاء في الأعماق لفترات تصل إلى 90 يومًا متواصلة.

استثمار ضخم وتحديات لوجستية

تقدّر تكلفة المشروع بأكثر من 30 مليار جنيه استرليني لبناء أربع غواصات، مع عمر تشغيلي متوقع يتراوح بين 35 و40 عامًا.

ورغم التكلفة الأولية الباهظة، يُعتقد أن العمر الطويل سيقلل من نفقات الصيانة الدورية. وتُشرف شركة بريتش إيرو سبيس على التصنيع، مستفيدةً من خبرتها في مشاريع دفاعية عملاقة، في حين تكشف الأرقام عن تعقيد هندسي غير مسبوق مثل 42.5 كم من الأنابيب، و347 كم من الكابلات، و13,000 قطعة كهربائية.

ستستوعب الغواصة طاقمًا مكونًا من 130 فردًا، بمن في ذلك طاقم طبي وثلاثة طهاة لتلبية الاحتياجات اليومية. ولضمان جودة الحياة خلال المهام الطويلة، زُوّدت بمرافق رياضية متطورة وقاعات دراسة، في خطوة تُعكس توجه البحرية الملكية لدمج الراحة النفسية مع الكفاءة التشغيلية.

السياق الجيوسياسي: تحالف غربي ضد التهديدات الروسية

الغواصة البريطانية الجديدة من فئة دريدنوت

يأتي الإعلان بالتزامن مع استضافة المملكة المتحدة اجتماعًا سريًا لـ”تحالف الراغبين”، الذي يضم قادة عسكريين غربيين، لوضع خطط لنشر قوة حفظ سلام محتملة في أوكرانيا.

ويُنظر إلى هذه الخطوة كجزء من استراتيجية أوسع لمواجهة النفوذ الروسي، خاصة مع عدم حسم المحادثات الهاتفية الأخيرة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين التوصل لوقف إطلاق نار.

إرث تاريخي وتحديات مستقبلية

لا تُعتبر “دريدنوت” مجرد سلاح متطور، بل استمرارًا لإرث بحري بريطاني يعود إلى غواصات “فانغارد” التي حملت راية الردع النووي خلال الحرب الباردة.

رغم ذلك، تظل التحديات قائمة، خاصة فيما يتعلق بضمان التوازن بين الردع النووي والضغوط المالية، وفي ظل مخاوف من سباق تسلح جديد مع روسيا، التي تعمل بدورها على تحديث ترسانتها البحرية.

تمثل “إتش إم إس دريدنوت” نقلة نوعية في القدرات الدفاعية البريطانية، لكنها تطرح تساؤلات حول مدى فاعلية الردع النووي في ظل تعقيدات الصراعات الحديثة.

وبينما تُعَد خطوة رمزية لقوة المملكة المتحدة التكنولوجية، فإن نجاحها سيعتمد على قدرة التحالفات الغربية على صياغة استراتيجية متكاملة تجمع بين القوة العسكرية والدبلوماسية في مواجهة التحديات الروسية المتنامية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى