دعوات إسرائيلية للتصعيد.. بن غفير يطالب باجتياح غزة بالكامل

دعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إلى احتلال “كامل” غزة وإعلان السيادة الإسرائيلية على القطاع ردّا على فيديوهات الرهينتين الاسرائيليين.
وقال بن غفير الذي دخل باحات المسجد الأقصى بمعية مستوطنين في ذكرى خراب الهيكل حسب التقويم العبري “يجب أن نوجه رسالة واضحة: يجب احتلال كامل قطاع غزة، إعلان السيادة الإسرائيلية على كامل القطاع”.
أثارت مقاطع مصوّرة من غزّة لرهينتين إسرائيليين بدا الوهن واضحا عليهما صدمة في إسرائيل وتنديدا من الاتحاد الأوروبي الذي طالب بالإفراج عن جميع الرهائن المتبقين في القطاع الذي يعاني أزمة انسانية حادة، وحيث قتل 26 فلسطينيا بنيران القوات الإسرائيلية الأحد.
وأظهرت ثلاثة فيديوهات بثتهما حركتا حماس والجهاد الإسلامي الرهينتين روم براسلافسكي وإفياتار دافيد، نحيلين ومتعبين، الأمر الذي أثار ضجّة في الشارع الإسرائيلي وأجّج الدعوات لضرورة التوصّل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن للإفراج عن الرهائن.
وأكدت الحركتان في مقاطع الفيديو أن الغرض منها تسليط الضوء على الوضع الإنساني الحالي في غزة المهدّدة بـ”مجاعة معمّمة” بحسب الأمم المتحدة.
واحتشد عشرات آلاف الأشخاص مساء السبت في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح الرهائن ودعما لعائلاتهم، بينما أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان عن “صدمة عميقة” من المشاهد الأخيرة للرهينتين.
واتهم حماس بأنها “تجوع عمدا سكان قطاع غزة، وتمنعهم من تلقي المساعدات”، داعيًا المجتمع الدولي إلى إدانة ما وصفها بـ”الانتهاكات الإجرامية النازية التي ترتكبها منظمة حماس الإرهابية”.
كما عبّر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزير الخارجية جدعون ساعر عن موقف مشابه. وأعلن الأخير عن دعوة لعقد جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي بشأن قضية الرهائن.
من جانبها، نددت مسؤولة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس الأحد بـ”الصور المروعة للرهينتين الإسرائيليين”، مطالبة بالإفراج “الفوري” عن جميع الرهائن في غزة.
وأضافت “على حماس إلقاء السلاح وإنهاء حكمها لغزة… في الوقت ذاته، يتعيّن السماح بوصول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع للمحتاجين” إليها في القطاع الفلسطيني.
وسلّطت الصحف الإسرائيلية الضوء على وضع الرهائن على صفحاتها الأولى الأحد.
ووصفت صحيفة معاريف الوضع بـ”الجحيم في غزة”، فيما أرفقت يديعوت أحرونوت صورة لإفياتار دافيد مع تعليق “هزيل، نحيل، ويائس”، بينما قالت صحيفة هآرتس اليسارية إن “نتانياهو لا يستعجل” في إنقاذ الرهائن.
ويُعد بريسلافسكي ودافيد من بين 49 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أشعل شرارة الحرب في قطاع غزة. ويقول الجيش الإسرائيلي إن 27 من هؤلاء لقوا حتفهم.
وتم إطلاق سراح معظم الرهائن الـ251 الذين خطفوا في الهجوم، خلال هُدنتين في الحرب، مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل.
مساعدات لا تصل لمستحقيها
وفي الأثناء، قتل 26 فلسطينيا على الأقل وأصيب العشرات بنيران الجيش الإسرائيلي في القطاع الأحد، بينهم 14 قرب مراكز لتوزيع المساعدات، على ما أعلن الدفاع المدني في غزة.
وقال الناطق باسم الجهاز محمود بصل إنه أحصى “تسعة شهداء وعشرات المصابين بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مركز المساعدات في شمال غرب رفح” حيث نقلوا إلى مستشفى “ناصر” في خان يونس. كما تمّ نقل “خمسة شهداء قرب مركز المساعدات قرب جسر وادي غزة” في وسط القطاع.
وبحسب شهود عيان، أطلق الجنود الإسرائيليون النار باتجاه مئات الأشخاص الذين اقتربوا من نقطة حراسة عسكرية قرب بوابة مركز مساعدات في شمال غرب رفح بجنوب القطاع.
وقال جبر الشاعر (31 عاما) إن الجنود أطلقوا النار “على الناس، أنا كنت هناك. لم يشكل أحد أي خطر على الجنود. إنهم فقط يريدون القتل، هم (الجنود) يعرفون أننا نريد مساعدات غذائية لنطعم أطفالنا”.
ومنذ أواخر مايو/أيار تتكرر بشكل شبه يومي التقارير عن مقتل فلسطينيين بإطلاق نار قرب مراكز توزيع تابعة لـ”مؤسسة غزة الانسانية” المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأعلن مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الجمعة أن 1373 فلسطينيا قُتلوا منذ 27 مايو/ايار، معظمهم بنيران الجيش الإسرائيلي، أثناء انتظارهم المساعدات.
وتفيد وكالات تابعة للأمم المتحدة وهيئات إغاثية ومحللون بأن معظم المساعدات التي تسمح إسرائيل بدخولها يتم نهبها من قبل عصابات أو الاستيلاء عليها بطرق أخرى وسط الفوضى، دون أن تصل إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها.
وأسفر هجوم حماس على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عن مقتل 1219 شخصًا، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة مستندة إلى أرقام رسمية.
وردّت إسرائيل بحرب مدمّرة وعمليات عسكرية لا تزال متواصلة في قطاع غزة، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 60839 فلسطينيا معظمهم من المدنيين، وفق أرقام وزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
وأدان الأردن الذي يشرف على المقدسات الإسلامية في القدس “اقتحام” بن غفير للأقصى، معتبرا في بيان للخارجية أنه يمثل “خرقا فاضحا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستفزازا غير مقبول وتصعيدا مدانا”.
كما نددت السلطة الفلسطينية وحركة حماس بخطوة الوزير اليميني المتطرف. واعتبر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن “اعتداءات المستوطنين الاستفزازية على المسجد الأقصى المبارك، تصعيد خطير”.
ورأت حماس أن ما شهدته باحات الأقصى من “اقتحامات واسعة لقطعان المستوطنين وفي مقدمتهم الوزير الإرهابي المتطرف بن غفير… جريمة متصاعدة بحق المسجد، وإمعان في العدوان الممتدّ على شعبنا الفلسطيني وأرضه ومقدّساته”.
والمسجد الأقصى هو في صلب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ويعتقد اليهود أنّه بُني على أنقاض هيكلهم الثاني الذي دمّره الرومان في عام 70 ميلادي، ويطلقون على الموقع اسم “جبل الهيكل” ويعتبرونه أقدس أماكنهم الدينية.
وبموجب الوضع القائم بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية وإعلان ضمها في 1967، يمكن لغير المسلمين زيارة المسجد الأقصى في أوقات محدّدة بدون الصلاة فيه، وهي قاعدة يعمل اليهود المتشدّدون على خرقها.
وفي سياق متّصل، شدد مكتب نتنياهو في بيان على أن “سياسة إسرائيل في الحفاظ على الوضع القائم” في الحرم القدسي “لم تتغير وستظل كما هي”.