رؤية ملكية تعيد تشكيل الصحراء المغربية كمحور استراتيجي في المنطقة
تحوّلت الأقاليم الجنوبية للمملكة، خلال العقدين الأخيرين، إلى فضاء ديناميكي يجسّد رؤية ملكية متبصّرة ربطت الوحدة الترابية بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. فالمغرب، الذي أطلق منذ سنة 2015 النموذج التنموي الخاص بهذه الربوع، لم يكتفِ بترميم الماضي، بل صنع مستقبلاً جديداً يجعل من الصحراء المغربية قطباً اقتصادياً استراتيجياً على الصعيدين الإقليمي والدولي.
-
دي ميستورا يستطلع آراء الأطراف المعنية في نزاع الصحراء المغربية
-
توترات داخلية في جنوب أفريقيا بسبب دعمها لقضية الصحراء المغربية
ومن أبرز ملامح هذه الرؤية الملكية مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يوشك أن يتحوّل إلى منصة محورية للتجارة البحرية واللوجستيك العابر للقارات. هذا الميناء، بما يحمله من رهانات اقتصادية وجيو–استراتيجية، يكرّس موقع الداخلة كبوابة مغربية نحو إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا، ويؤهّل الأقاليم الجنوبية للانخراط الفاعل في سلاسل القيمة العالمية.
وفي السياق ذاته، تأتي المبادرة الملكية للتعاون الأطلسي لتفتح آفاقاً جديدة أمام دول إفريقيا الغربية والساحل، من خلال تمكينها من منفذ استراتيجي على المحيط الأطلسي. هذه المبادرة تعكس، ليس فقط طموح المغرب في تعزيز التعاون جنوب–جنوب، بل أيضاً مكانته كفاعل مسؤول يسعى إلى بناء فضاء أطلسي متكامل قائم على التنمية المشتركة والاستقرار.
-
بريطانيا تؤكد: لا قيود على الاستثمار في الصحراء المغربية
-
في خطوة لافتة.. لارشيه يزور الصحراء المغربية لتعزيز الشراكة مع الرباط
هذا التحوّل التنموي العميق في الأقاليم الجنوبية يتقاطع مع البعد السياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء. فالمغرب، عبر هذه المشاريع المهيكلة، يثبت للعالم أن التنمية هي أفضل جواب على دعاوى الانفصال. وهنا يبرز مقترح الحكم الذاتي، الذي تقدّم به المغرب سنة 2007، باعتباره الحل الواحد والأوحد لإنهاء هذا النزاع. فالمبادرة المغربية للحكم الذاتي ليست مجرد وثيقة سياسية، بل مشروع متكامل يجمع بين السيادة الوطنية والتدبير المحلي الديمقراطي، ويحظى بدعم متزايد من المجتمع الدولي، بما في ذلك دول وازنة داخل مجلس الأمن.
إن تراكم هذا الدعم الدولي يعكس اقتناعاً متنامياً بأن بدائل الانفصال أو الجمود أصبحت خارج التاريخ. وحده الحكم الذاتي يقدّم الحل الواقعي والعملي، لأنه يزاوج بين الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية، ويمنح ساكنة الأقاليم الجنوبية فضاءً رحباً لممارسة حقوقها ضمن السيادة المغربية الكاملة.
-
الاستثمار الفرنسي في الصحراء المغربية: إشارات دعم دبلوماسي واقتصادي لمغربية الأراضي
-
موقف فرنسا من ملف الصحراء المغربية يُوتر العلاقات مع الجزائر
اليوم، لم تعد الأقاليم الجنوبية مجرّد مجال للدفاع عن الشرعية التاريخية والسيادة الوطنية، بل أصبحت مختبراً حيّاً لمستقبل المغرب كقوة إقليمية صاعدة. من ميناء الداخلة الأطلسي إلى المبادرة الأطلسية، ومن النموذج التنموي المتجدّد إلى مقترح الحكم الذاتي، يقدّم المغرب للعالم سردية متماسكة: الصحراء ليست مشكلة تبحث عن حل، بل هي حل في حد ذاتها، نموذج في الوحدة الوطنية والتنمية المشتركة.
