المغرب العربي

رسالة الشعب المغربي لـحزب العدالة والتنمية


بدا واضحا حتى قبل انطلاق الانتخابات أن المزاج العام بالمغرب يتجه لمغادرة محطة “العدالة والتنمية” تاركا الحزب يلعق جراحا قد تكون مميتة.

وبضربة شعبية مغربية عبر صناديق الاقتراع، تلقى حزب العدالة والتنمية هزيمة نكراء في الانتخابات أنهت عقدا كاملا من رئاسة الحكومة بحلوله في ذيل الترتيب بـ13 مقعدا برلمانيا فقط.

زلزال مغاربي كانت أولى تبعاته سرعة استقالة أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية برئاسة سعد الدين العثماني، الخميس، من مناصبهم على خلفية الهزيمة النكراء بالانتخابات.

وبحسب مراقبين ومتابعين للمشهد في المملكة فإن الشعب المغربي وحده صاحب القرار الأول والأخير في إسقاط حكومة العثماني.

ويرى المراقبون أن انهيار حزب العدالة والتنمية تم بضربة انتخابية من الناخبين المغاربة، الذي نجح في إسقاط قوى التدين السياسي من خلال صناديق الاقتراع والعملية الديمقراطية.

وزادت قناعة المتابعين للشأن المغربي بأن الرهان الرابح في انتخابات سبتمبر/أيلول هو المملكة نفسها عبر عملية اقتراع حرة وتداول سلمي وديمقراطي للسلطة.

ولا يخفي هؤلاء المراقبون أن سقوط الإسلاميين في المغرب فقد جاء نتيجة لمزاج شعب المملكة وحده دون غيره.

وتتوافق تك الرؤية مع طيف واسع من المراقبين الذين اعتبروا أن الشعب المغربي أعاد تشكيل المشهد السياسي برمته وهز بنية الأحزاب التقليدية التي تنافست في انتخابات الأربعاء الماضي.

ضربة مؤلمة لـ”العدالة والتنمية” بعد حصوله على 13 مقعدا نيابيا بعد صعود مميز في الانتخابات البرلمانية السابقة بـ125 مقعداً ليهوى إلى القاع بترتيب هو الثامن بين الأحزاب أي متذيلا القائمة.

ليس هذا فحسب بل إن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني خسر مقعده في البرلمان بدائرة الرباط، وبعد الخسارة المدوية أعلن جميع أعضاء الأمانة للحزب استقالاتهم.

وهناك شبه إجماع سياسي وإعلامي على أن ما لحق بحزب العدالة والتنمية من هزيمة كاسحة، كان ضربة عقابية ثقيلة من الشعب المغربي للحزب الذي قاد الحكومة على مدى عقد كامل.

جنون العظمة

الأكاديمي المغربي حسن بلوان تحدث في وقت سابق عن أن “سقوط العدالة والتنمية كان مُتوقعاً، إلا الطريقة التي حدث بها هذا السقوط كانت غير مسبوقة”.

بلوان قال: “لحزب أخذه جُنون العظمة، وظن أن قاعدة مُريديه ستحميه من مُحاسبة صناديق الاقتراع، إلا أن إرادة المغاربة كانت فوق جميع الولاءات الأيديولوجية”.

وأكد الخبير المغربي أن العدالة والتنمية ظل إلى آخر اللحظات يُمني نفسه بـ”الولاية الثلاثة” على رأس الحكومة، مضيفا “لو استمع قليلاً لنبض الشارع، وأعلن انسحابه أو عدم مُشاركته في الانتخابات، لكان الأمر أكثر حفظاً لماء وجهه”.

وأوضح أن “نفس السيناريو يتكرر مرة أخرى، ونفس الخطأ يتكرر مرة أخرى، إذ يدفن الإخوان رؤوسهم بين مُريديهم، ويصمون آذانهم عن الانتقادات المُوجهة إليهم، ولا يقبلون الرأي الآخر، إلى أن يجدوا أنفسهم على هامش العملية الديمقراطية”.

وتابع “ما حدث في انتخابات الثامن من سبتمبر/أيلول حدث تاريخي يجب أن تستفيد منه الأحزاب والتنظيمات السياسية، حتى لا تنال نفس مصير إخوان المغرب”.وباتت التوقعات الأولية تشير إلى احتمال تشكيل ائتلاف من حزب الاستقلال الذي حصل على 81 مقعداً وحزب الأصالة والمعاصرة صاحب الـ82 مقعداً لتشكيل حكومة بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، وفقا لـ”شقلم”.

ولعل هذه الكيانات الحزبية الثلاثة قد ينضم إليها حزب آخر له مشتركات معها في برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بحيث يكون للحكومة العتيدة قوة داخل البرلمان تمكنها من تنفيذ نقلة شاملة في الحياة المغربية.

ولم يكن غريبا أن تصف قيادات في حزب العدالة والتنمية نتائج الانتخابات بكونها “صادمة وقاسية وغير منتظرة حتى من أكثر المتشائمين”.

ويرتقب أن يعيّن الملك محمد السادس خلال الأيام المقبلة رئيس وزراء من حزب التجمع يكلّف بتشكيل فريق حكومي جديد لخمسة أعوام، خلفاً لسعد الدين العثماني. وعلى مستوى الانتخابات المحلية، الخاصة بمجالس الجهوية والبلدية، فقد تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار النتائج أيضاً، وذلك بعد حصده 9995 مقعداً، يليه الأصالة والمعاصرة بـ 6210 مقاعد.

وجاء حزب الاستقلال ثالثا بـ5600 مقعد، مقابل 2415 للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، و1626 مقعدا لحزب الاتحاد الدستوري. أما حزب التقدم والاشتراكية فحصد 1532 مقعدا، مقابل 777 فقط لحزب العدالة والتنمية.

في المقابل، توزعت 1525 مقعداً على باقي الأحزاب الأخرى.

وبخصوص توزيع المقاعد الخاصة بمجالس الجهات، فقد انتزع حزب التجمع الوطني للأحرار 196 مقعدا وحزب الاستقلال 144 مقعدا، وحزب الأصالة والمعاصرة 143 مقعدا، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 48 مقعدا، وحزب الحركة الشعبية 47 مقعدا، وحزب الاتحاد الدستوري 30 مقعدا، وحزب التقدم والاشتراكية 29 مقعدا، وحزب العدالة والتنمية 13 مقعدا؛ بينما حصلت الأحزاب السياسية الأخرى على 23 مقعدا.

وكان عزيز أخنوش رئيس الوزراء المغربي المكلف، قد تعهد بتشكيل حكومة أغلبية منسجمة ومتماسكة، فور تسميته من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس.

ويُشكل موضوع “تماسك الأغلبية” أهمية كبيرة في المشهد السياسي المغربي، خاصة وأن التجربتين الحُكوميتين الماضيتين، عرفتا اتساعاً للفجوة بين مكونات الوزارة.

وتسببت الخلافات الكبيرة بين مكونات حُكومتي العدالة والتنمية، سواء الأولى التي قادها عبدالإله ابن كيران، أو الثانية التي ترأسها سعد الدين العثماني، في ملاسنات وتراشقات كلامية بين قيادات الأحزاب المشاركة فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى