سياسة

روسيا تغيّر قواعد اللعبة الجوية.. المسيّرات ترسم ملامح التفوق الجديد


منذ اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، أصبحت المسيرات نجما بازغا في ساحة معركة بدت كييف الأكثر تفوقا فيها.

وتعد الطائرات المسيرة الموجهة بالألياف الضوئية هي أكثر أسلحة روسيا فاعلية في الحرب الأوكرانية، وبعدما كانت تجربة غامضة، أصبحت هذه المسيرات أحد الأسلحة الرئيسية في ساحة المعركة في الأشهر الأخيرة فهي مقاومة للتشويش وقادرة على ضرب أهداف بعيدة خلف خطوط العدو بدقة مذهلة.

وفي حين كانت أوكرانيا، أول من ابتكر حرب الطائرات المسيرة يبدو أن روسيا هي التي أتقنتها في المرحلة التالية وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة “تليغراف” البريطانية.

وفي تصريحات للصحيفة، قال “جاكي”، وهو ضابط صف كبير في لواء الهجوم المنفصل الثالث الأوكراني: “لقد تجاوز الروس تفوقنا في مجال المسيرات الذي حافظنا عليه منذ عام 2023”.

وأضاف: “لقد بذلنا كل جهد ممكن لتطوير المسيرات كسلاح، لكننا لم نطوره بالسرعة الكافية على المستوى الصناعي ليكون له تأثير استراتيجي ملموس.. كنا بطيئين للغاية”.

تُمثّل هيمنة الطائرات المسيرة العاملة بالألياف الضوئية نقطة محورية في حرب المسيرات، ففي عام 2024، شهد الإنتاج الأوكراني والروسي للطائرات المسيرة التقليدية الموجهة لاسلكيًا ارتفاعًا كبيرًا لكنها اعتمدت على الترددات الراديوية، مما يعني أنها أصبحت أكثر عرضة للتشويش في الحرب الإلكترونية.

وبحلول نهاية العام الماضي، كان ما يصل إلى 75% من الطائرات المسيرة التي أطلقتها روسيا وأوكرانيا تتعرض للتعطيل بسبب التشويش، وذلك وفقًا للخبير العسكري بافلو ناروزني.

لكن الطائرات المسيرة العاملة بالألياف الضوئية، تمثل عودة سلكية إلى صواريخ الحرب الباردة المضادة للدبابات، مثل صاروخ TOW الأمريكي الصنع (الذي يتم إطلاقه من أنبوب، وتتبعه بصريًا وتوجيهه سلكيًا)، ولكن مع إعادة تصميمها للحرب الجوية الحديثة.

وتبدو الطائرات المسيرة عادية فهي طائرات رباعية المراوح مُجهزة بحمولات متفجرة لكن الفرق هو تثبيت بكرة أسطوانية كبيرة أسفلها، تقوم بتغذية سلكًا من الألياف الضوئية أثناء طيرانها ويعد هذا السلك هو الرابط المادي بين الطائرة المسيرة ومشغلها وهو أيضا ما يجعل من المستحيل تدميرها باستخدام التشويش.

وتستطيع الطائرات المسيرة المزودة بالألياف الضوئية التحليق في حظائر الطائرات، والمخابئ، والمناطق الحضرية الكثيفة، أو الأشجار دون فقدان الإشارة كما أن بث كاميراتها أكثر وضوحًا.

ولا تُصدر هذه المسيرات إشارات قابلة للكشف، مما يعني أن أجهزة الكشف عن الترددات الراديوية التقليدية لا تستطيع التقاطها والأهم أنها لا تكشف عن موقع المُشغل.

إنها رائعة حقًا عند الحاجة إلى التحليق داخل مبنى ما، مثل سقيفة كبيرة أو حظيرة طائرات، لإلقاء نظرة داخلها بحثًا عن أي شيء قادر على ضربه فورًا”،على ما يقول الخبراء.

ويمكن للمسيرات عادة قطع مسافة تصل إلى 25 كيلومترًا، وهو مدى يُضاهي مدى طائرات (FPV) المُتحكم بها عن بعد الأكثر شيوعًا، حيث يصل مدى النموذج الأولي الذي طورته “كتيبة المسيرات الضاربة 414” الأوكرانية إلى 41 كيلومترًا.

والتكنولوجيا نفسها ليست جديدة ففي الواقع، بدأت روسيا في نشر هذه المسيرات بعد التوغل الأوكراني في كورسك الروسية في أغسطس/آب الماضي لكن الأمر الخطير في نشر هذه هو الزيادة الأخيرة في إنتاجها.

وفي تصريحات لـ”تلغراف”، قال باشا، وهو مدرب أول في مركز تدريب المسيرات “دراغون سكاي” في كييف، “بالكاد يمكنك المشي عبر الحقول بعد أن تحلق طائرات الألياف الضوئية المسيرة”.

وتجلت زيادة نشر هذه المسيرات بوضوح خلال الحملة المكثفة الأخيرة لطرد القوات الأوكرانية من كورسك، في جهد قادته وحدة “روبيكون” الروسية للمسيرات.

وغالبا ما تكون المركبات المدرعة الأوكرانية والأسلحة الرئيسية الموجودة في عمق خط المواجهة، في مواقع يصعب على المسيرات التقليدية الوصول إليها بسبب التشويش وهنا تظهر المسيرات التي تعمل بالألياف الضوئية.

ورغم نجاحاتها فإن هذه المسيرات ليست حلاً سحرياً فهي باهظة الثمن وقد يصل سعر بكرة ألياف ضوئية واحدة إلى 700 دولار وهو ما يكفي لشراء طائرتين تقليديتين كما أنها أثقل وزنًا، وبالتالي غالبًا ما تكون أبطأ.

ويطور الجانبان تدابير مضادة حتى لو كانت بدائية مثل قطع الكابل واستخدام شباك صيد لالتقاطها وأفخاخ خشبية.

وهناك أنظمة رادار عالية التقنية قادرة على رصد مسيرات الألياف الضوئية المسيرة على مسافة تصل إلى 20 كيلومترًا، لكن تكلفة كل منها تزيد على مليون يورو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى