أمريكا

زيارة نتنياهو لأمريكا: تأثيرها على جهود وقف النار في غزة


في الوقت الذي تتقدم فيه المفاوضات لإنهاء حرب غزة، مع عدم وجود اتفاق فوري في الأفق، جاءت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة، لتضع المزيد من التحديات على الاتفاق الذي لم يتبلور بعد.

وتستمر مصر وقطر والولايات المتحدة في دفع إسرائيل وحماس نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على مراحل من شأنه أن يوقف القتال ويحرر الرهائن، في جهود كان آخرها، ما أشار إليه مصدر رفيع المستوى، لقناة «القاهرة الإخبارية»، المقربة من السلطات، قائلا إن اجتماعًا رباعيًا يجمع المسؤولين المصريين ونظرائهم الأمريكيين والقطريين، بحضور رئيس المخابرات الإسرائيلية، سيعقد في العاصمة الإيطالية روما يوم الأحد المقبل، للوصول لاتفاق هدنة في غزة.

وأوضح المصدر، أن مصر أكدت لكل الأطراف المشاركين باجتماع روما تمسكها بضرورة الوصول لصيغة اتفاق تقضي بوقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية لغزة، وحرية حركة المواطنين بغزة، والانسحاب الكامل من الجانب الفلسطيني لمنفذ رفح.

إلا أن تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ«النصر الكامل» في غزة وسط تصفيق مدو من الكونغرس يوم الأربعاء من شأنه أن يؤدي إلى تأجيج التوترات مع حماس في وقت تتسم فيه المحادثات بالحساسية.

ورغم ذلك، تعرض (نتنياهو) لضغوط متزايدة من جانب الولايات المتحدة لحمله على الانخراط بصدق في جهود وقف إطلاق النار. ويقول المنتقدون إن نتنياهو يماطل أثناء المفاوضات حتى يتمكن من إطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية.

وأرجأت تلك أبيب إرسال فريق المفاوضين الإسرائيليين الذي كان من المقرر أن يسافر إلى قطر لإجراء جولة أخرى من المحادثات، يوم الخميس، فيما من المتوقع أن يعاد إرساله الأسبوع المقبل، لكن إلى روما.

فكيف تؤثر زيارة نتنياهو لأمريكا على المحادثات؟

تقول وكالة «أسوشيتد برس»، إن نتنياهو بدا خلال الرحلة وكأنه يتجنب التطرق علناً إلى محادثات وقف إطلاق النار، الأمر الذي أثار غضب أسر الرهائن في إسرائيل الذين شعروا بأن محنتهم قد تم تجاهلها.

وتتزايد الضغوط المحلية من أجل التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يعيد الرهائن الـ110 المتبقين إلى ديارهم، لكن نتنياهو يواجه أيضاً معارضة من شركائه في الحكم من أقصى اليمين لأي اتفاق لإنهاء الحرب.

ولم يتطرق خطابه أمام الكونغرس يوم الأربعاء إلى قضية الرهائن إلا قليلا. وقال مكتبه إن التوصل إلى اتفاق ليس سوى واحد من عدة بنود في قائمة ملفاته التي يناقشها مع المسؤولين الأمريكيين.

ومع ذلك، فإن الزيارة فتحت المجال أمام نتنياهو للضغوط المباشرة من جانب الحليف الأكبر لإسرائيل، الذي تعتمد عليه للحصول على الدعم العسكري والمحلي الحاسم.

وقال الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس إنهما في اجتماعاتهما مع نتنياهو في واشنطن يوم الخميس، أعطيا الأولوية لسد الثغرات في صفقة الرهائن.

وفي بعض تصريحاتها الأكثر قوة، قالت هاريس إنها أخبرت نتنياهو أن الوقت حان لإنهاء الحرب وإعادة الرهائن.

تأخير الاتفاق؟

لكن مع حرص نتنياهو على مراقبة شركائه في الائتلاف الحاكم ــ الذين يشكلون مفتاح بقائه السياسي ــ فإن الرحلة قد تكون أيضا جزءا من تكتيك أوسع نطاقا لتأخير التوصل إلى اتفاق.

وكتب الكاتب السياسي عاموس هاريل في صحيفة هآرتس اليومية الإسرائيلية الليبرالية: «بينما يتأرجح ائتلافه بسبب التوتر مع أحزاب أقصى اليمين، يتعمد نتنياهو تأخير المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن»، مضيفا أن نتنياهو «هندس» رحلة طويلة.

وأضاف هاريل أن التطورات السياسية المتغيرة بسرعة في الولايات المتحدة قد تشتت انتباه القادة هناك عن الضغط على محادثات وقف إطلاق النار بشكل عاجل.

توترات مع حماس

وأدت زيارة نتنياهو وخطابه أمام الكونغرس إلى تأجيج التوترات مع حماس، في وقت يجلس فيه مفاوضو الجماعة المسلحة على طاولة المفاوضات.

وردت حركة حماس بغضب على وجود نتنياهو في الولايات المتحدة، ووصفت تعهداته بإعادة الرهائن بأنها غير صادقة، قائلة في بيان لها بعد الخطاب: “هو من أحبط كل الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب وإبرام صفقة إطلاق سراح الأسرى”. ووصفت حديث نتنياهو عن تكثيف الجهود لإطلاق سراح الرهائن بأنه “كذبة كاملة” لتضليل الرأي العام.

وقال المتحدث باسم حركة حماس جهاد طه، الخميس، إن الحركة لا تعتقد أن الزيارة – التي تلقى خلالها نتنياهو ترحيبا حارا من الكونغرس – ستؤدي إلى ممارسة ضغوط كافية عليه للتأثير على الموقف التفاوضي الإسرائيلي.

وأضاف “إذا كانت الإدارة الأمريكية جادة فعليها الضغط على بنيامين نتنياهو لوقف هذا العدوان”.

لكن حماس امتنعت عن الانسحاب من المحادثات بسبب الزيارة، في إشارة إلى أن المحادثات قد تستأنف. ولا تزال هناك فجوات في المحادثات

وتأتي زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة في وقت تواجه فيه المحادثات بالفعل تحديات.

وتنص خطة وقف إطلاق النار على مرحلة أولية مدتها ستة أسابيع، حيث تفرج حماس عن بعض الرهائن ـ بما في ذلك النساء وكبار السن والجرحى ـ في مقابل انسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة بالسكان. وسيتمكن المدنيون الفلسطينيون من العودة إلى ديارهم. كما سيتم تكثيف المساعدات الإنسانية.

ومن المفترض أن يستخدم الجانبان فترة الأسابيع الستة للتفاوض على اتفاق بشأن المرحلة الثانية، والتي سوف تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء المتبقين، بما في ذلك الجنود الذكور، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة إلى جانب وقف دائم للحرب. لكن الجانبين يبدوان متباعدين للغاية في المرحلة الثانية.

وأشار القادة الإسرائيليون إلى أنهم يهدفون إلى التوصل إلى اتفاق من مرحلة واحدة لتحرير بعض الرهائن، وبعد ذلك سيستأنفون حملتهم لتدمير حماس.والإبقاء على القوات في أجزاء من المنطقة على المدى الطويل.

وتحدث نتنياهو عن التوصل إلى اتفاق “جزئي”. وقبل يوم واحد من وصوله إلى الولايات المتحدة، قال لقواته في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب غزة. إن إسرائيل تطالب بالإفراج عن “أقصى عدد من الرهائن” في المرحلة الأولى.

عودة إلى القتال؟

وفي يوم الثلاثاء، قال وزير الدفاع يوآف غالانت إن إسرائيل تسعى إلى التوصل إلى اتفاق للإفراج عن “عشرات الرهائن. وبعد أن تنتهي هذه القضية، سنعرف كيف نعود إلى القتال”.

وهذا هو السيناريو الذي رفضته حماس. فقد تخلت عن مطلبها بأن تلتزم إسرائيل بشكل مسبق بإنهاء الحرب بشكل كامل. لكنها سعت إلى الحصول على ضمانات من الوسطاء بأن المفاوضات ـ ووقف القتال ـ سوف تستمر إلى أن يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

ويقول الوسطاء إنهم لا يريدون تكرار تجربة الهدنة قصيرة الأمد في نوفمبر/تشرين الثاني التي أدت إلى إطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين. لكن أعقبها هجوم إسرائيلي متجدد مستمر منذ ثمانية أشهر.

ويبدو أن الوسطاء يحاولون الآن ترتيب أكبر قدر ممكن من المرحلة الثانية، بما في ذلك تشكيل حكم في غزة بعد الحرب بدون حماس.

وفي الأسبوع الماضي، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في أسبن بولاية كولورادو: “هناك تفاصيل ينبغي العمل عليها”. وأضاف سوليفان أن هذه القضايا تشمل ما سيبقى من الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة، والمساعدات الإنسانية، وخطة اليوم التالي لحكم غزة.

ولم يذكر مكتب نتنياهو موعد إرسال فريق التفاوض الإسرائيلي مرة أخرى لإجراء محادثات. وفي الكونغرس، قال نتنياهو إن إسرائيل “منخرطة بنشاط في جهود مكثفة” لتأمين إطلاق سراح الرهائن وأنه “واثق من نجاح هذه الجهود”. لكنه تعهد أيضًا “بالنصر الكامل” في الحرب مع حماس.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى