سياسة

سحر باريس يجذب زمام القيادة.. هل يصبح ماكرون “رجل أوروبا القوي”؟

باريس عاصمة الحب والنور وغيرهما من عناوين الحياة، لكن حالها تبدل بين ليلة وضحاها، إلى عاصمة "المسارات البديلة" بواقع جيوسياسي معقد.


وفيما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يخطو خطوة نحو صقيع موسكو. كانت عواصم أوروبا الأكثر دفئا ولو قليلا، تعاني موجة ثلوج غير تقليدية، وتبحث عن قيادة تفتح الطرق الموصدة.

هنا ظهر إيمانويل ماكرون وفرنسا، اللذين يعيشان ظروفا أفضل من بقية الدول القيادية في أوروبا؛ فالمستشار الألماني أولاف شولتز بات “بطة عرجاء” منذ تحولت حكومته لأقلية.وغرقت البلاد في تجاذبات انتخابات تشريعية لن تفرز واقعا أفضل، في ظل صعود الأحزاب الصغيرة. 

هكذا باتت فرنسا في موقع أفضل لتصدر المشهد في الاتحاد الأوروبي في ظل التقارب الروسي الأمريكي، وتخوف أوكرانيا من تركها وحيدة، ووقوف القارة الأوروبية أمام مشهد دفاعي جديد. خاصة مع غرق الطرف الأخر في قيادة التكتل الأوروبي، ألمانيا، في مشاكله الداخلية.

ولطالما نٌظر إلى ألمانيا وفرنسا كأقوى دولتين في التكتل الأوروبي، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. وأنهما يملكان القدرة على تحريك دفة القيادة والتغيير في أروقة المنظمة التي تعيش واقعا صعبا، وفق مجلة السياسة الدولية. أهم دورية في السياسة الخارجية في ألمانيا.

في المقابل، فقدت المملكة المتحدة كثيرا من التأثير في قارتها. بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وتقف إيطاليا في نقطة أقرب إلى الولايات المتحدة وترامب مقارنة بفرنسا وألمانيا وغيرهما من الدول التي تتصدر جهود دعم كييف. 

ماذا يحدث في باريس؟ 

ويستعد القادة الأوروبيون وزعماء آخرون لعقد قمة طارئة ثانية في باريس اليوم الأربعاء، مع تزايد الضغوط لصياغة رد متماسك على خطة دونالد ترامب المثيرة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وتقاربه مع موسكو.

جاء ذلك بعد 48 ساعة فقط من اجتماع مجموعة أصغر من القادة. بمن فيهم قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا والدنمارك والمملكة المتحدة، في العاصمة الفرنسية يوم الإثنين. لمناقشة نفس الملف، فيما تبدو تحركات غير معهودة على هذا المستوى، وبهذه الفترة الزمنية القصيرة للغاية، وفق مراقبين. 

وبالإضافة إلى الحاضرين يوم الإثنين، فإن دول الاتحاد الأوروبي ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا وجمهورية التشيك واليونان وفنلندا ورومانيا والسويد وبلجيكا بالإضافة إلى كندا والنرويج. وكلتاهما حليفة في حلف شمال الأطلسي، مدعوون إلى محادثات يوم الأربعاء، وفق ما نقلته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية. 

وتعثرت الجهود التي قادتها فرنسا يوم الإثنين لتقديم جبهة موحدة بشأن أوكرانيا في مواجهة المخاوف المتزايدة بشأن نوايا ترامب،.بعد فشل القادة في الاتفاق على إرسال قوات لمراقبة اتفاق سلام محتمل.

فيما عقدت الولايات المتحدة وروسيا محادثات ثنائية في المملكة العربية السعودية لمدة 4 ساعات ونصف، أمس الثلاثاء. حيث اتفق وزيرا الخارجية الأمريكي ماركو روبيو والروسي سيرغي لافروف على تشكيل فرق تفاوض رفيعة المستوى لمناقشة تسوية للحرب في أوكرانيا.

ماكرون يتصدر المشهد 

وتعليقا على هذه الجهود، كتبت وكالة “أسوشيتد برس” في تحليل نشرته على موقعها: “من خلال استضافة الاجتماعات في قصره الباريسي. عزز ماكرون سعيه ليصبح الصوت المهيمن على أوكرانيا والأمن الأوروبي”.

وتابعت: “مع ضعف شولتز الألماني سياسيًا واحتمال خروجه من منصبه قريبًا. وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وميل إيطاليا نحو ترامب، برز ماكرون كزعيم فعلي للتكتل في مساعيه للاستقلالية الاستراتيجية”.

الأكثر من ذلك، يمتلك ماكرون تفويضًا رئاسيًا حتى عام 2027، كما أن ترسانة فرنسا النووية تجعلها القوة الذرية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي. ويتناسب اقتراحه بشأن ”الضمانات الأمنية“ الأوروبية مع مسعاه الأوسع نطاقاً من أجل قارة أقل اعتماداً على واشنطن، ما يعزز موقعه كقائد للتكتل.

وقال المحلل السياسي الفرنسي جان إيف كامو، للوكالة: ”سعى ماكرون إلى فرض نفسه كرجل أوروبا القوي“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى