الشرق الأوسط

سوريا على حافة الفوضى: ماذا بعد انسحاب القوات الأمريكية؟


بينما يدرس الرئيس دونالد ترامب تقليص القوات الأمريكية في سوريا إلى «الحد الأدنى»، تتجدد المخاوف من أن يفتح هذا القرار، ولو جزئيًا، نافذةً لعودة تنظيم «داعش»، الذي لا يزال يتربص في الظلال وينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض.

لكن حسابات ترامب التي تُبنى فقط على «حرمان إيران من سبل العودة مجددا لسوريا ومنع تنظيم داعش من الانتعاش مجددا، باعتبارهما المصلحة الأساسية للشعب الأمريكي هناك». بحسب مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، أثارت تساؤلات بشأن ما إذا كان خفض القوات الأمريكية سيوازن بين تقليص الالتزامات الخارجية واحتواء الأخطار الكامنة؟ أم أن الفراغ. الذي قد تتركه واشنطن سيكون بمثابة قبلة حياة لتنظيمات لم تمت بعد؟

وقبل أيام، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية. إن مسؤولي الدفاع الأمريكيين أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة تُخطط لبدء انسحاب تدريجي لقواتها من سوريا في غضون شهرين.

الأمر نفسه أكدته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، يوم الخميس، مشيرة إلى أن مسؤولا عسكريًا كبيرا، أكد أنه بينما لا يُنظر حاليًا في الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من سوريا. إلا أن التخطيط العسكري جارٍ لتقليص الوجود الأمريكي وتعزيزه.

المسؤول، أضاف في إشارة إلى المفاوضات بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني التي بدأت الأسبوع الماضي: «الأمور تسير على ما يرام. على الرغم من أنهم على الأرجح لن يُعلنوا عن أي شيء قبل محادثات إيران». ومن المقرر عقد جولة ثانية من المحادثات في روما نهاية هذا الأسبوع.

لكنّ مسؤولاً أمريكياً متخصصاً في المنطقة قال إن هناك توقعات بأن تُخفّض الإدارة عدد القوات «إلى الحد الأدنى… أعتقد أننا سنُقلّص عددنا إلى مكان واحد صغير جداً في الشمال الشرقي».

فما تأثير ذلك على عودة داعش؟

لم يتضح بعد مدى تأثر خطط الانسحاب الأمريكية بالأحداث الميدانية. ويزيد تنظيم «داعش» من هجماته في شرق سوريا، سعيًا منه لاستغلال أي فراغ قد يخلفه تقليص الوجود الروسي واحتمال رحيل الولايات المتحدة.

ومن بين الأهداف التي يضعها التنظيم الإرهابي نصب عينيه. معسكرات الاعتقال في شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية. والتي تضم حوالي 9000 عنصر من تنظيم داعش، و40 ألفًا من أفراد عائلاتهم.

إلا أن مسؤولا تركيا، رفضت «واشنطن بوست» الكشف عن هويته. قال: «على حد علمنا، تحاول الإدارة الأمريكية اتخاذ قرار بشأن البقاء في سوريا من عدمه».

وأضاف المسؤول أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أكد خلال محادثات مع مسؤولين أمريكيين أن دمشق، بدعم من تركيا. قادرة على كبح جماح تنظيم داعش، مع الاستغناء عن القوات التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.

وبحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، أظهر تنظيم داعش مؤخرًا مؤشرات على استعادة قوته في سوريا، حيث كثف من وتيرة عملياته واستقطب مسلحين جددا. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة ومسؤولين أمريكيين، مما يزيد من تعقيد المشهد في بلد لا يزال يتخبط منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

وفي اجتماع دولي عُقد في بروكسل الشهر الماضي. سلّم مسؤول متوسط المستوى في إدارة ترامب وزير الخارجية السوري الجديد قائمةً بثمانية خطوات لـ«بناء الثقة» يتعين على حكومته اتخاذها للنظر في رفع العقوبات جزئيًا.

تتضمن القائمة، التي اطلعت صحيفة «واشنطن بوست» على نسخة منها. مطالب لدمشق بإصدار إعلان رسمي عن دعمها لعملية العزم الصلب، وهي مهمة نحو 2000 جندي أمريكي متمركزين هناك ضد تنظيم «داعش».

مخاوف من عودة إيران

وسرعان ما تبدد نفوذ إيران وروسيا في ما كان يُعرف سابقًا بأضعف شركائهما الإقليميين. منذ أن أطيح بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

إلا أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، جيمس إي. ريش (جمهوري عن ولاية أيداهو)، في جلسة استماع عُقدت في فبراير/شباط: «إنّ الإفراط في التدخل في وقت مبكر قد يُفاقم المعضلات الأمنية. لكنّ عدم التدخل أو قلة التدخل سيمنح روسيا وإيران القدرة على ممارسة نفوذ كبير مجددًا».

ريش أضاف: «الوقت عامل حاسم هنا. الباب موارب، لكنه سيُغلق في وجوهنا إن لم نستغلّ وضعنا الحالي».

وبعد شهرين، لم تُقرر الإدارة الأمريكية بعدُ ما إذا كانت ستُغلق الباب في وجه الإدارة السورية الجديدة. وصرح دبلوماسي أوروبي. حثّ واشنطن على المشاركة في إعادة تأهيل سوريا، قائلاً: «الأمريكيون للأسف، يفتقرون إلى سياسة واضحة».

ورغم ذلك، أبدى كبير مفاوضي ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف. نظرةً متفائلة تجاه الحكومة الجديدة، قائلا في مقابلةٍ بثت الشهر الماضي. إن «تطبيع العلاقات مع سوريا قد يكون جزءًا من اتفاق سلام “ملحمي” في جميع أنحاء الشرق الأوسط».

وتتضمن المطالب الثمانية -كذلك- السماح للحكومة الأمريكية. بتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب على الأراضي السورية ضد أي شخص تعتبره واشنطن تهديدًا للأمن القومي.

كما يطلب القرار من الحكومة السورية «إصدار إعلان رسمي. عام يحظر جميع الميليشيات» على الأراضي السورية وترحيل أعضاء هذه المجموعات لـ«تهدئة المخاوف الإسرائيلية».

ماذا قال ترامب؟

منذ توليه منصبه، لم يُدلِ ترامب بتصريحات تُذكر بشأن سوريا. وعندما سُئل بعد تنصيبه بفترة وجيزة عما إذا كان سيسحب القوات الأمريكية – وهو ما قيل إنه أمر به ثلاث مرات خلال ولايته الأولى. قبل أن يُقنعه أحدٌ بالتراجع عنه – قال إنه «سيُقرر ذلك».

وأضاف أن سوريا «في فوضى بحد ذاتها. لديهم ما يكفي من الفوضى هناك. لا يريدون أن نتدخل في كل واحدة منها».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى