اخترنا لكم

سوق التكنولوجيا العالمي


عند الحديث عن نظام عالمي جديد، فإن ذلك لا يمكن إتباعه بنظام إنساني محملاً بثقل فكري وفلسفي وحضاري جديد دفعةً واحدةً.

سيما أن العقل البشري لا ينفك يتوارث تاريخاً وحضارةً وثقافة.. قد تتبدل وتستحدث، لكن يبقى فيها الشيء الكثير من الرواسب التقليدية والموروثة المعوزة لوقت منصف. 

وفي سياق الحداثة العالمية، الحكومية والاقتصادية، لا يمكن فرض نموذج بعينه على الجمع البشري ذي الشعبويات السياسية والقومية والاقتصادية، والمراجع الفكرية الموجِّهة في كافة المجالات، مما يعني أنه لا بد من البحث عن سبيل تشاركي تعاوني يحترم التنافسية العالمية، وفي الوقت ذاته يسعى لتحقيق أهداف تنموية أكثر تفوقاً، وبخاصة أن المنافسة العالمية تضيق وتتسع فجوتها عند الحديث عن الإمكانات الموجودة، ومقارنتها بأوزان الدول وقوتها على أرض الواقع، الأمر الذي يزيد من وتيرة الانقسام الجديد، الذي بات لا يصنَّف جيولوجياً بقدر ما هو معتمد على مستوى التطور الإبداعي والتكنولوجي والقدرة الاقتصادية. 

إن ما قامت به الحكومات من عقد مؤتمرات كبرى، والخروج بقرارات وتوصيات، بدأ يأخذ مجراه الصحيح عبر إتْباعه بالإجراءات، كتوقيع العديد من مذكرات التفاهم مع بكين، بما يتعلق بطريق الحرير الرقمي، سيما أن الاقتصاد الرقمي يكاد يقف بين الصين والولايات المتحدة كقوتين عظميين، ليكون هو الأساس والطرف الثالث الثابت بينهما، سواء بقيت هذه القطبية على شكلها أم تغيرت. 

وعليه، فيمكننا التحدث عن الآليات المستحدثة، لزيادة المشاركة العالمية في السوق التكنولوجي الرقمي، دون الإرهاص بالحديث عن ضرورتها ولزوم مواكبتها، سيما أنه السبيل الأكثر جدوى في تنظيم سلسلة العلاقات الاقتصادية بين دول العالم، وهو يعالج في الوقت ذاته التحديات الرقمية الاقتصادية التي لم تحظَ بالاهتمام اللازم فيما سبق من الاحتكار التكنولوجي، من خلال قنوات المعلومات العملاقة والأساسية، مثل “جوجل” و”أمازون”، التي تعتبر أكبر منافس وبفارق بعيد تماماً عن إمكانية التفوق عليها.

وهذه واحدة من المفارقات الضخمة في العالم الرقمي.. فرغم النجاح الباهر لهذه القنوات المعلوماتية الضخمة، فهي تمثل صمام الخطر في حالات الاختراقات وانقطاع الخدمات والأعطال الأخرى.

فيكفي الوقوف على الحقيقة التي تفيد بأن ما نسبته 47% هي لصالح “أمازون ويب”، من ضمن مجمل البنية التحتية السحابية، لتأتي بعدها كبريات الشركات المعروفة، مثل “مايكروسوفت أزور وعلي بابا وجوجل”.. بحسب “فوربس”.

كما أن “خدمات أمازون ويب”، هي إحدى أهم المنافذ التي أنفقت على منصتها السحابية أموال طائلة من قبل عدة جهات هامة ومعروفة عالمياً، مثل “نتفليكس وفيسبوك ولينكد إن وأدوبي”، وغيرها من الجهات المتعلقة بالأمن والصحة والمعلوماتية، مثل وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة ناسا وشركات الأدوية الكبرى. 

وبحسب تصريحات خبراء الأسهم العالمية، فإن الرقمنة -رغم كل تطوراتها- لا تزال في الطريق، وهناك الكثير من المعطيات التي ستطرح على طاولة السيناريوهات الجديدة للحكومات على مستوى العالم.

إن إسهاب النظام العالمي الجديد في إنجازاته ذات الاعتماد “شبه الكلي” على معطيات التطور والتحديث التكنولوجي، لا بد له من مضمار منسق، يحدد أولوياته وينظم مساقاته، ويستثمر فرصه بذكاء، ويتجاوز تحدياته دون تأخر، وبخاصة أنها ستشكل أداة حكومية بكل ما تعنيه الحكومة من مهام ومسؤوليات، الأمر الذي يعني ضرورةَ تشكيل خطط استباقية تقيس مدى انتشار وتأثير التكنولوجيا في كل دولة، ومدى الاعتماد عليها، والاطلاع على الإجراءات الواضحة في أوقات الطوارئ، ومدى فاعلية مواجهتها على وجه الدقة.

نقلا عن الاتحاد الإماراتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى