إيران

صراع البقاء: السوريون بين الوجود الإيراني والمخاوف اليومية


 يعيش سكان دمشق هاجس الاستهداف الإسرائيلي لمنازلهم ومناطقهم السكنية، التي يقطن فيها إيرانيون أو عراقيون أو لبنانيون خصوصا في المناطق ذات الإيجارات المرتفعة وسط العاصمة. حيث يدفع هؤلاء مبالغ ضخمة كانت تمثل اغراء كبيرا لأصحاب الشقق لكنهم اليوم يرفضونها.

ونقل موقع “تلفزيون سوريا”، عن مصادر محلية أن الإيرانيين يتّبعون خلال وجودهم في سوريا، سياسة تغيير الأماكن بين الحين والآخر، وعدم البقاء في مكان واحد مدة طويلة. ولا سيما في الآونة الأخيرة بعد الغارات الإسرائيلية التي طالت مقارهم في مختلف المحافظات، خاصة دمشق.

وتؤدّي هذه السياسة غالباً إلى وقوع ضحايا مدنيين من جراء الغارات التي تشنها اسرائيل على أهداف إيرانية في دمشق، كما حدث في حي المزة عدة مرات مؤخّراً. حيث نعت صفحات محلية طبيبة شابة قُتلت في مكان إقامتها قرب منزل يقطنه قيادي في الميليشيات الإيرانية. كما قتل بعد يومين ثلاثة أشخاص في نفس الحي.

وذكر موقع التلفزيون المعارض أن العديد من أصحاب المنازل في الأماكن الراقية خصوصا في دمشق، يتعرضون لضغوط من قبل أجهزة الأمن لدفعهم لتأجير شققهم. رغم خشيتهم على أملاكهم وحياة عائلاتهم حيث أن أغلبهم يقطنون في نفس الأبنية السكنية.

ويفضل ضباط الحرس الثوري الإيراني التخفي في المناطق المأهولة في سوريا، وإن كان ذلك لم يحل دون أن تطال الأيادي الإسرائيلية العشرات منهم. وكشف تحقيق استقصائي عن شبكة من السماسرة السوريين الذين يعملون لصالح الميليشيات الإيرانية في دمشق في قطاع العقارات. لتأمين شقق سكنية للشخصيات الإيرانية في ظل امتناع كثير من السكان عن التعامل معهم خوفا من خسارة منازلهم.
ووسط استياء متزايد من السكان ارتفعت الأصوات في دمشق تطالب بإخراج القياديين الإيرانيين وأتباعهم من قياديي الميليشيات العراقية واللبنانية، وجاء في تعليق:

وتحدث آخرون عن تنكر قياديين من الحرس الثوري على هيئة رجال أعمال، للتمويه عن أدوارهم العسكرية.

وعمّقت إيران قبضتها على القطاعين المدني والاقتصادي في سورية. بهدف جعل مهمة دفع إيران إلى الخروج من سورية في أعقاب الحرب مستحيلة.

كذلك تستولي الشركات الإيرانية تدريجيًا على الأسهم في سوق العقارات بدمشق، من خلال شبكات المؤسسات الإيرانية، وتجار العقارات، والبنوك المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني. وتقدّم طهران قروضًا مريحة لأعضاء الميليشيات الراغبين في شراء عقارات في سورية. حيث تحول المقاولون ورجال الأعمال وأعضاء الميليشيات الإيرانيون في الأعوام الأخيرة إلى شركات عقارية، في مواقع استراتيجية في دمشق كما تبني إيران أيضًا مركزًا تجاريًا في دمشق، من المفترض أن يستضيف 24 شركة إيرانية.

وتمكنت إيران من ترك بصمتها على جانبين مهمين من جوانب المجتمع السوري: الدين والتركيبة الديموغرافية. منذ بداية تدخلها في سورية.
حاولت اكتساب النفوذ ضمن المجتمع العلوي وتقريبهم من فرع الشيعة الإمامية (الإثني عشرية)، وهو الشكل المهيمن من المذهب الشيعي في إيران. وكجزء من هذا الجهد، قامت ببناء مزارات شيعية في سورية، واستخدمتها كمراكز للتلقين والتوجيه.

كما سعت إيران إلى زيادة حجم وثقل المجتمع الشيعي في البلاد من خلال منح الجنسية السورية للشيعة الأجانب، ومعظمهم من الأفغان، وإنشاء أحياء محددة لهم في دمشق. وبالإضافة إلى ذلك، شجعت أسر مقاتلي الحرس الثوري على الهجرة والاستيطان في محافظة دمشق. ونتيجة لذلك، أصبحت الأحياء الشيعية معاقل مؤيدة لإيران في قلب العاصمة السورية، ذات طابع خاص ينعكس في أحداث عديدة منها عاشوراء. وقد لاقى هذا التطور انتقادات من سكان هذه الأحياء القدماء. واستخدم البعض وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد “بالتوسع الإيراني في دمشق” و “محاولات إيران للتلاعب بالتركيبة السكانية (الديموغرافية) لكثير من أحياء دمشق لصالحها”.

وفي عام 2019 تم اتخاذ قرار ببناء شبكة للسكك الحديدية من غرب إيران إلى ميناء اللاذقية في سورية عبر العراق هو التعبير الأكثر بروزًا وأهمية في هذا السياق: فقد حددت إيران بوضوح الأهمية الاستراتيجية لميناء اللاذقية، الذي سيوفر لصادرات النفط الإيرانية الوصول المباشر إلى البحر الأبيض المتوسط. والواقع أن الشركات الإيرانية كانت تسعى إلى الحصول على مصالح إدارية في الميناء من قبل التوقيع على هذا الاتفاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى