سياسة

صراع المناهج في شمال سوريا من يسيطر يحدد ما يتعلمه الجيل القادم


 أثار الإجراءات التي اتخذتها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ضد المدارس الخاصة التابعة للمكوّن المسيحي في شمال وشرق سوريا، موجة غضب واسعة بعد اقتحام وإغلاق عدد منها في الحسكة والقامشلي، وطرد طلابها وكوادرها التدريسية، حيث تتبدل مناهج التعليم في هذه المنطقة بحسب القوة المسيطرة من الحكومة السورية الى داعش ثم الإدارة الذاتية الكردية حاليا.

وطالبت أبرشية الجزيرة التابعة لكنيسة الاتحاد المسيحي الإنجيلية قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، بالتدخل لإلغاء قرار فرض مناهج “الإدارة الذاتية” التعليمية على المدارس في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، محذّرة من الآثار السلبية على مستقبل عشرات الآلاف من الطلاب.

وأشارت الأبرشية في رسالة رسمية إلى أن المناهج السورية المعتمدة في المدارس ليست مرتبطة بأي نظام سياسي، بل تعتبر منهاجاً معترفاً به دولياً، مؤكدين أنهم سيكونون من أول الداعمين لمنهاج “الإدارة الذاتية” في حال اعترف به رسمياً.

وتضمنت الرسالة دعوة واضحة إلى التراجع عن قرار الاستيلاء على مبنى جامعة الفرات في دير الزور، مشددة على أن هذا القرار سيجبر آلاف الطلاب على الدراسة خارج المحافظة، ما يترتب عليه آثار اقتصادية ومعنوية كبيرة على الطلاب وعائلاتهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

ونقلت شبكة شام الإخبارية عن مصادر إعلامية محلية أن عناصر “قسد” اقتحموا الاثنين الماضي خمس مدارس مسيحية في ‎القامشلي (مار قرياقس، السلام، ميسلون، فارس الخوري، الاتحاد) وأغلقوها بالقوة بعد طرد الإداريين والطلاب، وسط تعرض المعلمين لإهانات وعبارات مسيئة ودون أي إشعار مسبق أو سند قانوني.

وأثارت الخطوة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وجاء في تعليق:

وسلط ناشطون الضوء على أزمة التعليم في المنطقة وتغيير المناهج بحسب سلطة الأمر الواقع التي مرت على المنطقة:

وأكد مغرد أن المناهج الجديدة غريبة على أهل المنطقة وباتت وسيلة للتجنيد وغسل عقول الأطفال.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية، قد قررت سابقا فرض منهاجها على جميع المدارس في الحسكة، بما فيها المدارس الخاصة ومدارس السريان والمدارس التي كانت تديرها الدولة قبل سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، ومنعت تدريس المنهاج الحكومي الرسمي، ما أدى إلى عزوف نسبة كبيرة من الطلاب عن الالتحاق بالمدارس.

وعلى إثرها، أصدرت “كنيسة الاتحاد المسيحي الإنجيلية في سوريا ولبنان” بياناً موجهاً إلى الإدارة الذاتية وإدارة التربية والتعليم التابعة لها، دعت فيه إلى التراجع عن قرار فرض المناهج التعليمية الخاصة بالإدارة الذاتية على المدارس قبل الحصول على الاعتماد الرسمي.

وأكد البيان أن فرض هذه المناهج “سيترك تبعات قاسية على مستقبل عشرات الآلاف من الطلاب”، مشيراً إلى أن المنهاج المعتمد حالياً “ليس مرتبطاً بجهة سياسية محددة، بل هو منهاج رسمي ومعترف به دولياً”، وأن الكنيسة ستكون “أول الداعمين” لمناهج الإدارة الذاتية عند حصولها على الاعتراف اللازم.

كما أعربت الكنيسة عن رفضها لقرار الاستيلاء على مبنى جامعة الفرات في محافظة الحسكة، محذرة من أن هذا القرار “سيدفع آلاف الطلاب إلى مغادرة المحافظة لمتابعة دراستهم في مناطق أخرى، الأمر الذي يحمل تبعات اقتصادية ومعنوية ثقيلة عليهم”.

وباتت المناهج التعليمية مادة للسجال السياسي بين حكومة دمشق والإدارة الذاتية، حيث أصدرت هيئة التربية والتعليم لدى الأخيرة في مناطق شمال شرق سوريا، بياناً دعت فيه وزارة التربية في دمشق إلى الإسراع في المصادقة على الاتفاق المعلن بين الطرفين وإطلاق العملية الامتحانية بما يضمن نجاحها وتخفيف المعاناة عن الطلاب.

وجاء في البيان أن قطاع التربية والتعليم في المنطقة يعاني منذ سنوات ما خلف آثاراً نفسية واجتماعية على الطلاب وأولياء الأمور، وزاد من القلق تجاه مستقبل الأجيال.

وأوضح البيان أن توقيع الاتفاقية بين الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد قوى سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، منح فرصة لإصلاح العملية التعليمية، بالتعاون مع منظمة اليونيسف، وبمشاركة ممثلين عن وزارة التربية السورية.

وتضمن الاتفاق عدة بنود أبرزها، تسهيل إجراءات التسجيل وإعادة قيد الطلاب، وتمكين الطلاب من أداء الامتحانات في مناطقهم دون معاناة التنقل.

وتشكيل لجنة مشتركة لإدارة العملية الامتحانية وفق مناهج وزارة التربية والتعليم في دمشق واستمرار التعليم وفق المناهج المعتمدة في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية.

وتحدثت عن استعدادها الكامل لتنفيذ الاتفاق فور التصديق عليه من الجهات العليا، مشددةً على التزامها بتأمين مستقبل الطلاب وضمان حقوقهم، رغم ضيق الوقت واقتراب موعد الامتحانات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى