سياسة

طرد الصدر لـ”أزهريون”.. هل هو عملية تطهير للتيار أم استباق لتمرد داخلي؟


أعاد قرار مقتدى الصدر زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) قبل يومين بطرد مجموعة ‘أزهريون’ من سرايا السلام الجناح العسكري للتيار، تسليط الضوء على وضع التيار الصدري وتشكيلاته وعلى تحرك الصدر ذاته لحماية تياره من الانشقاقات ومن الانفلاتات الداخلية التي قد تشوش على عودته للساحة السياسية.

ويرغب الصدر الذي يقدم نفسه زعيما وطنيا في إعادة ترتيب البيت الداخلي لتياره وضبط المجموعات المنفلتة كما يسعى لإظهار أنه لن يتسامح مع كل من يسيء أو يعتدي على أمن العراق والعراقيين وهي خطوة مهمة تحفظ له هيبته وشعبيته وترسخ لدى أتابعه ومناصريه أنه “زعيم وطني” لا قائد ميليشيا في خضم صراع معلوم مع منافسيه من قادة الإطار التنسيقي.

ولا يمكن النظر لقرار طرد ميليشيا ‘أزهريون’ خارج السياقات السياسية العامة وحالة الصراع والاستقطاب الكامنة والناشئة في مشهد ملتبس سياسيا وأمنيا على وقع تنافس محموم على انتزاع مكاسب شعبية قبل الانتخابات التشريعية سواء عقدت في موعدها أو جرى تقديم موعدها وهو أمر يدفع له بعض خصوم التيار الصدري.

وكان زعيم التيار الوطني الشيعي قد وجه يوم الجمعة تحسين الحميداوي المسؤول عن سرايا السلام بطرد تشكيل “أزهريون” من الـ”سرايا” ومقاطعتهم.

ونشر صالح محمد العراقي المعروف باسم “وزير الصدر” منشورا على حساباته على منصات التواصل الاجتماعي نقلا عن مقتدى الصدر، قال فيه “على الأخ تحسين الحميداوي طرد كل المنتمين للمليـشيا الوقحة (أزهريون) من تشكيلات سرايا السلام”، مضيفا “بل وعلى التيار الوطني الشيعي مقاطعتهم وتبليغ الجهات الأمنية عنهم وعن أفعالهم المشينة التي تزعزع أمن الوطن”.

ويرجح أن القرار جاء بعد اعتداءات منسوبة لتشكيل ‘أزهريون’ وتصرفات خارج إطار الضوابط التي وضعها الصدر لسرايا السلام المكلفة بحماية مصالح التيار والتي يقدمها الصدر ذاته على أنها قوة حماية لا قوة معتدية.

ويشير التطور في توقيته إلى توجس الصدر من حالة انفلات داخلي قد تؤثر على مسار عودته للمشهد السياسي واستعداداته لخوض الانتخابات التشريعية القادمة ويريد أيضا أن لا تنسب لسرايا السلام في ذروة حراكه السياسي أي أفعال مشينة تهدد الأمن والاستقرار.

ويعتقد أيضا أن التيار الوطني الشيعي يريد تفادي سيناريو انشقاقات داخلية على غرار ما حدث سابقا، حين انشق قيس الخزعلي الزعيم الحالي لعصائب أهل الحق، عن جيش المهدي التي غير لاحقا اسمه إلى سرايا السلام  وهو الذي كان مقربا من الصدر وناطقا باسم تياره.

وتحولت عصائب أهل الحق إلى رقم صعب في معادلة المصالح والنفوذ وأصبحت بعد فترة من تشكيلها واحدة من أقوى الميليشيات المسلحة ومنافسا شرسا للتيار الصدري الذي ولدت من رحمه.

ووصف الصدر تشكيل ‘أزهريون’ بالميليشيا الوقحة وهي الصفة ذاتها التي أطلقها في انتقادات سابقة لميليشيا عصائب أهل الحق والميليشيات الشيعية الأخرى المنافسة والموالية لإيران.

سرايا السلام تصدر قرار بتنفيذ توجيهات الصدر بحق أزهريون وقائدها
سرايا السلام تصدر قرار بتنفيذ توجيهات الصدر بحق أزهريون وقائدها

ويبدو قرار الطرد أيضا استباقا لتحول ‘أزهريون’ إلى قوة نافذة داخل التيار وأيضا لإظهار قدرة الصدر على تحجيم دور التشكيلات الصغيرة الطامحة لانتزاع موقع في المشهد العام بالعراق، سواء أمنيا أو سياسيا.

وأظهر الصدر من خلال توجيهه بطرد ‘أزهريون’ حزما يتناغم مع ما يسوقه كمواقف وطنية تروم حماية الأمن والاستقرار وتقطع مع الانفلاتات الميليشاوية التي طبعت سنوات من الفوضى في العراق.

ولا تتوافر معلومات دقيقة عن ‘أزهريون’، لكن قرار الطرد من سرايا السلام أعاد تسليط الضوء على هذه المجموعة الصغيرة، بما يشير إلى أن لها طموحات أكبر من البقاء تابعة للسرايا وهو ما يفسر إلى حد ما فرضية تمرد محتمل وهو أمر غير مستبعد على ضوء شواهد سابقة.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى