نظرة إلى العالم بأسره خلال عام كفيلة بخلق رؤية متجلية حول وضعه المغلف بالخوف من المجهول واليأس نتيجة الخسائر البشرية والمادية.
وضبابية الرؤية المستقبلية جراء ما خلفه وباء كورونا، ونظرة أعمق في محيطنا العربي تكشف عبرها بدون عناء الحالة الكارثية التي تعيشها دول المنطقة المتأزمة أصلاً في سياساتها واقتصادها وفسادها الإداري والمحاولات التخريبية الإرهابية التي معروف أصلاً مَن وراءها و من هم لاعبوها، ليكون الامتحان الأصعب “القدرة على التغيير”، لما فيه مصلحة الأوطان والإنسان، لا التغيير الذي يخدم أحزاباً وفئات بعينها.
“التغيير”.. حينما نتحدث عن مصطلح كهذا فلاشك أن أساليبه تختلف من نظام لآخر، فهناك أنظمة تؤجج أدوات التغيير لحاجة في نفس يعقوب، وأنظمة تقودها الحكمة لترى المصلحة الأعم والأشمل، التي يخرج من نطاقها المحدود نحو النطاق الجغرافي الأشمل وللبشرية جمعاء.
ولا يهم إن كان هناك من يشكك في النوايا، فهذا أمر طبيعي ومتوقع، وإن لم يكن كذلك لن يكون الدافع نحو إحداث الفرق أقوى وأشرس لمن يؤمن بمبدأ البقاء للأقوى وأكثر منافسة لمن سباقه قائم على مبادئ النبل الإنساني والغايات الشريفة.
اليوم ما أحوجنا كشعوب للأمل والتفاؤل والإيجابية مقارنة بأي وقت مضى، فلا شيء يدعو إلى النظرة المشرقة من حولنا، ولكن حينما يلمع صاروخ في السماء التي توحدنا رغم اختلافاتنا وانقساماتنا، يحمل اسماً واحداً “العربي”، ويتحقق حلم ظنه الكثيرون مستحيلاً، ندرك حينها أن العتمة لا بد وأن يأتي يوم وتنقشع بنور الأمل، كالأمل الذي صنعته الإمارات بنجاحها في شق طريق بين صفوف الكبار مع نجاح دخول مسبارها إلى مدار المريخ، فصنعت ذلك باسم العرب جميعاً .
صناعة الأمل أهم صناعة في الحياة، وليست سهلة على الإطلاق لأنها تحتاج إلى طاقة جمعية يؤمن بها شخص ويجمع لها النوايا المخلصة مئات بل آلاف الأشخاص حتى تتحقق، وهنا كان الرهان ناجحاً على شعب الإمارات وكل من آمن بقدرة الدولة على تحقيق هذا الإنجاز التاريخي الذي جعل منها أول دولة عربية والخامسة عالمياً بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وأوروبا والهند تطرق فضاء المريخ في مهمة علمية معروفة أهدافها ومقدمة بالشرح الدقيق على ألسن فريق إماراتي مكون من شباب وشابات مؤهلين أسهموا في كل مرحلة من مراحل هذا المسبار.
وكما هي العادة خرجت أصوات نشاز هنا وهناك تشكك في الغايات العلمية والإنسانية لهذا الإنجاز وتسيّسه لخدمة أجندات هدامة توجد بين دولنا العربية، لكن لا بأس، فالإمارات اختارت هذا الطريق الصعب، وهي مدركة أن من يريد خوض غمار الحياة المرفهة لا بد له أن يقود بلده نحو المستقبل برباطة جأش وبإيمان مطلق بأن عملية تمكين المجتمعات وطريق التغيير ليس معبّداً أو مفروشاً بالورود.