علاقة إيران بالإرهاب متأصلة..التفاصيل
الحديث عن علاقة إيران بتنظيم قاعدة الجهاد لا يحمل أي جديد إلا فيما كشفته صحيفة “معارف” منذ فترة عن تهريب الأولى لشحنة من اليورانيوم المخصب إلى ميلشيا الحوثي في اليمن فسقطت أجزاء منه في أيدي تنظيم “القاعدة”!
وهنا لا بد أن نتوقف عند نقطتين مهمتين يتعلقان بالخبر المنشور، أولهما، هو دعم إيران المباشر لميلشيا الحوثي بمادة اليورانيوم وتهديد ذلك للأمن والسلم داخل اليمن السعيد والمنطقة بأكملها، وثانيهما الدعم غير المباشر لتنظيم “قاعدة الجهاد”.
الحوثي حركة انقلابية تنتهج العنف سبيلًا لها منذ نشأتها، تزويدها بهذه المواد يأتي متسقًا مع ما تقوم به طهران من دعم بعض الميلشيات المسلحة في المنطقة العربية بهدف إحداث نوع من الفوضى تستفيد منه طهران.
هدف إيران من وراء دعم الحوثي بهذه الشحنة هو إيصال جزء منها وفق ما أشارت “معاريف” إلى تنظيم “القاعدة”.
وهذا دليل جديد على تهديد إيران للسلم في منطقة الشرق الأوسط وخطرها المتنامي على أمن جيرانها، فضلًا عن دعمها للتنظيمات الدينية المتطرفة، وهو ما يُهدد أمن العالم ويستلزم مواجهة للحد من هذا الخطر ثم القضاء عليه بشكل كامل.
وهنا يمكن القول،: إن علاقة إيران بالإرهاب متأصلة، أي أنها ترى مصلحتها السياسية في دعم جماعات وتنظيمات العنف حتى ولو كان مشروعها السياسي يبدو أنه مخالف لها في التوجه، فهي تستخدم هذه التنظيمات ثم تنقلب عليها فضلًا عن الخلاف والإختلاف الشكلي والرمزي الذي لا يُعبر عن حقيقة العلاقة القوية بينهما.
فإيران تجيد صناعة الحلفاء حتى ولو كانوا مختلفين عنها بعض الشيء، كما أنها تجيد صناعة الأعداء أيضًا، فليس لديها مانع من أن تضع يدها في يد الخصوم حتى تحقق كامل أهدافها الرامية إلى صناعة بؤرة من العنف والتوتر في المنطقة العربية تهدد من خلالها أمن كل الجيران!
وهذا قد يكون سبب دعمها لتنظيم “القاعدة” و”داعش” رغم أنهما من خلفية سنية. هناك مشتركات بينها وبين التنظيمات الأكثر تطرفًا في الإتجاه السني. تتفق معها في تحقيق الفوضى ولا مشكلة لديها في أن تنقلب عليها فيما بعد لتحقيق مشروعها الخاص.
وهنا تبدو خطورة إيران التي لا تتورع في دعم الإرهاب في أي بقعة من العالم. فإذا كان المجتمع الدولي جادًا في مواجهة هذا الإرهاب فعليه أولًا مواجهة الدول الداعمة له. فلا أهمية في مواجهته طالما غض الطرف عن الدول. التي تقدم له دعمًا مباشرًا وغير مباشر وإيران من أولى هذه الدول وأخطرها.
إيران لم تنف ما نشرته الصحافة العالمية في وقتها. بخصوص تهريب شحنة يورانيوم إلى الحركة الحوثية ولن تنفيه في المستقبل. فهي مازالت تتباهى في العلن بعلاقتها بـ”القاعدة” وداعش وكل تنظيمات العنف والتطرف. ولعل هذه التنظيمات لا ترى بدًا من الإعلان عن المشتركات مع إيران الخميني. فكل منهما يسعى إلى ثورة إسلامية في المنطقة من خلال الفوضى. فالقاعدة وداعش يتهم كل منهما الآخر بعلاقات قوية وممتدة في الخفاء.
قد تكون هذه هي المرة الأولى التي يتم التطرق. فيها إلى تزويد إيران للحركة الحوثية بهذا النوع من الأسلحة بخلاف المعدات العسكرية .التي من بينها تصنيع الصواريخ البالستية والطيران المسير.
الحديث عن تزويد الحركة الحوثية لشحنات من اليورانيوم، يسلتزم من المجتمع الدولي القيام بدوره فيما يتعلق بمواجهة إيران ومنع امتلاكها للسلاح النووي وأيضًا بالوقوف أمام الحركات الإنقلابية والميلشيات المسلحة المدعومة من إيران مثل حركة الحوثي. فما يجري على القاعدة من مواجهة المجتمع الدولي له لا بد أن يجري على هذه الحركة.
ما زالت إيران تدعم الحركة الحوثية وسط صمت دولي. ومازال المجتمع الدولي مقصرًا في مواجهته هذه الحركة .أو في الضغط عليها أو على الأقل في فك إرتباطها بإيران المزعزعة للإستقرار. وهنا تبدو أهمية المواجهة .وتقليل خطر الدعم الإيراني المزعزع للأمن في المنطقة والعالم.
كان الحديث في وقت سابق من أن إيران. كانت تحتوي تنظيم القاعدة من خلال استضافة قياداته على أراضيها وأنها مازالت تستضيف الملقب بسيف العدل. بعد مقتل أيمن الظواهري انتظارًا لتنصيبة، أما الآن فقد تطورت العلاقة بحيث باتت تقدم طهران دعمًا للتنظيم. ولعل عداء كل منهما للولايات المتحدة أحد أهم الأهداف المشتركة.
وهنا تواجه طهران واشنطن من خلال تقديم أسلحة نوعية لتنظيم “القاعدة”. وقد تأتي شحنة اليورانيوم المهربة جزءاً من هذا الدعم المخفي في بعض جوانبه. وهنا تبدو الإزدواجية في مواجهة “القاعدة” دون مواجهة إيران التي لا تتورع في دعم التنظيمات .والميلشيات المسلحة. سواء أكانت ذات خلفية سنية أو حتى شيعية.
لا فرق بين الحركة الحوثية و”القاعدة” و”داعش“. ولا بد أن يتعامل المجتمع الدولي مع خطر هذه الميلشيات بشكل يقترب من حقيقتها. التي نجحت في خلق جسور تواصل فيما بينها وعمدت جميعًا إلى خدمة بعضهم البعض وتهديد أمن المنطقة والعالم. وهنا تبدو أهمية مواجهة الميلشيات المسلحة المدعومة من إيران من واقع خطرها المتنامي إذا كنّا نريد أمنًا واستقرارًا للمنطقة والعالم.