عمامة الغرياني ترفع راية التمكين.. والإخوان يتحركون لاختراق وعي الليبيين

محاولة جديدة من تنظيم الإخوان، للسيطرة على المجتمع الليبي، وإنشاء جيل جديد من أتباعه في بلد يعاني منذ عقد ونصف من الفوضى والاقتتال.
المخطط الجديد ظهرت ملامحه خلال لقاء وزير التعليم العالي بحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، عمران القيب، مع مفتي الجماعات الإرهابية في ليبيا، الصادق الغرياني، لبحث أوضاع الكليات الدينية وسبل دعمها وتطويرها، وفقا لبيان الوزارة.
ورغم أن البيان تحدث عن تعزيز جودة التعليم الديني، والتأكيد على دور هذه المؤسسات في ترسيخ القيم الدينية والوسطية، إلا أن خبراء أكدوا أنها محاولة لأخونة التعليم العالي، وإنشاء جيل إخواني جديد قادر على التغلغل في أوساط الليبيين، وزراعة الأفكار التكفيرية في محاولة لبقاء الإخوان في الحكم أطول فترة ممكنه.
محاولة التوسع
ويرى المحلل السياسي والعسكري الليبي محمد الترهوني أن هذه الخطوة خطيرة جدا وتدل على أن جماعة الإخوان أصبحت لا تكتفي بدورها فقط في إدارة المؤسسات أو أن تلعب دور حكومة الظل للسلطة في طرابلس، بل تحاول إنشاء وزرع فكرها المتطرف في الأجيال القادمة والسيطرة على مؤسسة التعليم، التي تعتبر مفصلا خطيرا من مفاصل الدولة.
وقال الترهوني إن هذا الاجتماع “يدق ناقوس خطر ما لم ينتبه الجميع، وإلا فستنزلق ليبيا لمنزلق خطير عبر زرع هذا الفكر في الأجيال القادمة كبداية ونواة لإنشاء باكورة كبيرة من هذا التنظيم الخطير الذي يعد الأساس الفكري والتنظيمي لكل الجماعات المتطرفة في العالم”.
تهديد الأمن القومي
وأضاف أن تنظيم الإخوان يحاول إعادة تنظيم نفسه في ليبيا التي وجد فيها مناخا خصبا بعد أن بدأ يتلاشى في دول كثيرة، وقد تكون هذه الخطوة علامة فارقة في ولادة جيل جديد من التنظيم في ليبيا، لتصبح طرابلس موطنا للجماعات والعناصر الفارة من مختلف دول العالم، بما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومي الليبي ودول الجوار.
أخونة الأئمة
ويتفق رئيس حزب “ليبيا الكرامة” وأستاذ العلوم السياسية الدكتور يوسف الفارسي، مع الترهوني في أن هذا اللقاء من المستحيل أن يكون لقاء علميا بحتا بل هو “لقاء لتلقي تعليمات من المرجعية الفكرية للتنظيمات الإخوانية الإرهابية لزراعة الفكر الإخواني في جيل جديد من خريجي الكليات الدينية الذين سيتولون مناصب الأئمة والخطباء وسيضمنون بذلك أوسع انتشار لفكرهم الإخواني”.
وتابع أن الصادق الغرياني ذو توجه متطرف واضح لا يخجل من الإعلان عنه، ودائما ما يحرض ضد الدول الداعمة لاستقرار ليبيا، بل ويدعو للتظاهر والإضرار بالوضع الأمني والاقتصادي في الداخل الليبي في المناطق التي تحررت من براثن التنظيمات التكفيرية، وإشعال الفتنة بين الليبيين شرقا وغربا وقبائل ومدن.
ونوه إلى أن هذا اللقاء لا يمكن فصله عن النطاق العام لمساعي تنظيم الإخوان الساعية للسيطرة على مفاصل الدولة والكليات العلمية، والسلطة التنفيذية، وهو ما لا يشكل خطرا على مستقبل العملية التعليمية في ليبيا فقط بل في بقاء الدولة الليبية.
مخطط دولي
من جانبه، أكد الخبير في شؤون التنظيم الدولي للإخوان، عمرو فاروق، أن الإخوان في أي دولة عربية كانوا دائما ما يخترقونها من خلال المؤسسات التعليمية، وهو الطريقة التي اتبعها إخوان مصر في اختراق دول مثل سوريا واليمن وغيرهما، من خلال المدرسين الذين يحملون التوجه الإخواني، حيث حولوها إلى بؤر للاستقطاب والتجنيد، كما حاولوا السيطرة على الجانب الإداري، للسيطرة على الإطار الإيديولوجي والفكري.
وقال فاروق إن ما يفعله الإخوان في ليبيا، يتماشى مع هذا المنهج، في محاولة السيطرة على العقل الجمعي الليبي، خاصة أنهم في حالة سقوط على مستوى المنطقة العربية، ولذلك يلجأ للأجيال الجديدة التي ربما لم تر بعينها عنف الإخوان، ولم تتأثر بالحالة الإعلامية التي أسقطت النقاب عن جرائم الإخوان، الفكرية والأدبية والتنظيمية.
إطار فكري
ونوه فاروق إلى أن الإخوان في العالم حاليا يتم إدارتهم من خلال التنظيم الدولي، ولذلك قد تتشابه خطواتهم في العديد من الدول، خاصة مع استدعاء عدد من الخطط والمناهج الجاهزة التي تصلح لإعادة تطبيقها بشكل مباشر، دون حتى الحاجة لإعادة هيكلة.
وأضاف “هم لديهم كتب جاهزة في مسألة تربية النشء والتوجهات الفكرية للجيل الجديد، ولديهم بيوت خبرة متخصصة في هذه الأمور”.
وشدد على أن الصادق الغرياني يعد مرجعية إخوانية ليبية مهمة جدا، وهو يعمل على أن يكون التوجه الجديد ضمن الإطار الفكري دون الإطار التنظيمي للإخوان، أي الانتقال إلى من مرحلة التنظيم الى مرحلة التيار الفكري.
وأكد أن الخطورة تكمن في تحويل توجه الدولة وهويتها الفكرية إلى أفكار التنظيم، ما سيسمح بنشأة أجيال متأثرة بأدبيات الإخوان على المستوى الفكري دون حتى الحاجة إلى الانتماء للتنظيم.
وأردف أن الأمر الذي لا يمكن إغفاله أن إخوان ليبيا متطرفون بالطبع ولديهم أكثر من 30 مليون قطعة سلاح خارج سيطرة الدولة، مما يعني أن كل واحد منهم يعد قنبلة موقوتة بمفرده.
وسطية متشددة!
بدروه، يرى الخبير في شؤون الجماعات الإسلاموية هشام البقلي، أن اللقاء بين الغرياني والقيب، ليس بريئا ولا لقاء أكاديميا بحتا، بل هو جزء من عملية سياسية أوسع تهدف إلى إعادة تموضع الإسلاميين داخل مؤسسات الدولة الليبية.
وأضاف البقلي أنه حين يتم فتح ملف التعليم عبر مفتي مثير للجدل وداعم للتنظيمات المتطرفة وموضوع على قوائم الإرهاب بدول عربية عدة، فإن ذلك يثير القلق بشأن المناهج وخطاب الكليات ومدي تمشيها مع المعايير الأكاديمية العالمية، ويفتح الباب أمام سيطرة الجماعة على أهم منظومة داخل الدولة.
وأشار إلى أن دعم التعليم الديني بوجهة نظر الغرياني لا يعني فقط تعزيز الوسطية بل قد يكون وسيلة لفرض الايدلوجية الإخوانية على منظومة التعليم، منوها إلى أن استخدام مصطلح الوسطية الذي جاء فى البيان، أصبح مفرغا من معناه ومضمونه الحقيقي وبات يستخدم فى الخطابات السياسية لتبرير وتمرير إيدولوجيات متشددة.
وشدد على أن “المؤسسات في ليييا إذا لم تضبط المنهج العلمي المستقبلي ستكون نواة لخروج كوادر غير مندمجة في المنظومة المدنية والاقتصادية للدولة تحت مسمى الوسطية التي يتبناها الغرياني، وهي في الأصل متطرف”.