عناصر المرتزقة تمارس أعمالها الإجرامية في ليبيا على غرار ما فعلت في سوريا
إن عمليات النهب والسلب التي حدثت في مدينة ترهونة الليبية ليست بالجديدة على المرتزقة السوريين الذين يقاتلون في صفوف الميليشيات المتطرفة في ليبيا برعاية تركية إذ أنها كانت تمارس باستمرار في سوريا، غير أن هذه العمليات تمنح إشارات عدة في الحالة الليبية، وفق ما ذكر محللون.
وقد وثقت مقاطع فيديو وصور ما تقترفه عناصر الميليشيات والمرتزقة الموالية لحكومة السراج من جرائم في المدينة، حيث ظهر عدد من المتورطين وهم يسرقون الأماكن التجارية والمنازل في مدينة ترهونة، ولم يترك هؤلاء، وبعضم من المرتزقة السوريين شيئا بتاتا وسرقوا حتى الأغراض البسيطة مثل الغسالات والأدوات المنزلية.
بينما اعترفت منظمة الأمم المتحدة بعدد من هذه الأحداث، حيث قالت بأن عددا من التقارير كشفت عن وقوع ما وصفتها بأعمال عقاب وانتقام في كل من الأصابعة وترهونة، ونبهت إلى تبعات ما يحصل على النسيج الشعبي في البلاد.
وتسمى عمليات النهب تلك في سوريا بالتعفيش نسبة إلى قيام العناصر المسلحة بالاستيلاء على عفش (أثاث ومقتنيات المنازل) عند دخولهم في المناطق المدنية.
بناء الدولة؟
لقد قوبلت تلك الجرائم باستنكار شديد بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي والذين نددوا من جهتهم بحكومة السراج التي تتحدث عن الثورة وبناء الدولة المدنية في الوقت الذي تستعين فيه بميليشيات متورطة في الإجرام بشتى الأنواع.
وفي محاولة منها التخفيف من فضيحة النهب، فقد زعمت حكومة فايز السراج في طرابلس بأن من تورطوا في الممارسات الشنيعة تلك سيتعرضون للمحاسبة وسيتلقون العقاب، غير أن الباحث وأستاذ القانون الدولي الليبي، محمد الزبيدي، اعتقد في حديث له مع موقع سكاي نيوز عربية بأن حديث السراج هو مجرد رفع عتب وإخلاء مسؤولية لا أكثر.
وأضاف الزبيدي إلى أن سيناريو ترهونة قد جرى من قبل عند اقتحام مدينة صبراتة، من طرف الميليشيات الليبية والمرتزقة السوريين، موضحا بأن هؤلاء أخرجوا كل المجرمين الجنائيين في أحد سجون المدينة.
ثقافتهم إجرامية
وقال ومن جانبه مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في حديث له إلى موقع سكاي نيوز عربية بأن المرتزقة السوريين لا يستطيعون إخفاء ممارساتهم، فالشيء الذي مارسوه في سوريا سوف يمارسوه في ليبيا، ووصف هؤلاء المسلحين بجماعة مرتزقة بلا أخلاق وهذه ثقافتهم.
ضوء أخضر تركي للجراد
وقال أيضا عبد الرحمن بأن تركيا تسيطر على هؤلاء لكنها تطلق العنان لهم ويفعلون ما يريدون حتى لا يخرجوا عن طوعها، مضيفا بأنه حتى لو كان هناك أموال تقدم لهذه الفئة، فثقافتهم تقوم على الإجرام والإرهاب، فشاهدناهم في عفرين، عندما دخلوا إليها قاموا بنهبها كالجراد، وقد سرقوا كل شيء يسرق ولا يسرق.
هذا ولم يستغرب عبد الرحمن ممارسات هذه الميليشيات الموالية لتركيا في ليبيا، وتابع القول: قد تكون هناك ممارسات قتل بحق الليبيين، والأمر الذي يمكن أن يمنعهم فقط من التمادي هو وجود مجتمع قبلي في ليبي.
ليست مجموعات عشوائية
ووفق نفس المتحدث، فلم يذهب أحد من سوريا إلى ليبيا بشكل عشوائي إذ أن الجميع منضوون تحت لواء ما يسمى الجيش الوطني الذي هو ميلشيات موالية لتركيا.
وشهدت مدينة عفرين السورية، في مارس 2018، عمليات نهب وسلب ارتكبها مسلحي الميليشيات التابعة لأنقرة بعد ساعات من سيطرتها مع القوات التركية على المدينة بعد قتال شرس مع المقاتلين الأكراد.
نددت في ذاك الوقت قيادات في المعارضة السورية وشخصيات كردية بعمليات النهب التي عرفتها مدينة عفرين السورية، حيث نعتوا تلك التصرفات بالمسيئة والمقيتة وسقوط أخلاقي.
الميليشيات الليبية على نفس النهج
ويظهر جليا بأن سلوك الميليشيات الليبية متطابقا مع سلوك المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانبهم، إذ يقول الباحث وأستاذ القانون الدولي الليبي، الزبيدي، بأن عمليات السلب والنهب التي تعرضت لها ترهونة لا تعتبر جديدة على الميليشيات، وتابع بأن ما حدث في المدينة هو ديدن الميليشيات المتمثل بالسلب والنهب والحرق، منذ أن جثمت على بلادنا.
وقال أيضا بأن الأمر الذي يثير الاستغراب هو أنهم عندما يدخلونا منطقة ما لا يعيثون فيها فسادا، كما أشار إلى نزوح السكان عن كل المناطق التي توشك الميليشيات على اقتحامها، وهذا يدل على أن تجربة الليبيين مع هذه الميليشيات تجربة قاسية ومريرة.
وفي الأخير، قال الزبيدي بأن الميليشيات سواء أكانت ليبية أو سوريا فهي إجرامية، وشدد على أن الميليشيات الليبية لا تقل إجراما عن المرتزقة السوريين وربما تفوقهم، خاصة في جرائم السلهب والنهب والتدمير.