عودة دمشق إلى الاتحاد المتوسطي.. اقتصاد يتأهب لفرص استثمارية كبرى
عادت سوريا إلى “الاتحاد من أجل المتوسط” بعد 14 عاما من تعليق عضويتها، عبر مشاركتها في المنتدى الإقليمي العاشر الذي عقد في مدينة برشلونة الإسبانية فيما يكشف ذلك عن عودة تدريجية لدمشق للمشاركة في المؤتمرات والندوات الإقليمية والدولية وبالتالي فك عزلتها ما يتح المجال لتعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول المطلة على البحر المتوسط.
وأفادت وزارة الخارجية السورية، في بيان لها، أن دمشق شاركت ممثلة بمدير إدارة الشؤون الأوروبية في الوزارة محمد براء شكري، في أعمال المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد.
سوريا تشارك بمؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط بنسخته العاشرة pic.twitter.com/vaTFbFRSa8
— وزارة الخارجية والمغتربين السورية (@syrianmofaex) November 30, 2025
وبينت أن هذه المشاركة تأتي “كأول حضور لسوريا على المستوى الوزاري في إطار الاتحاد من أجل المتوسط بعد استعادة عضويتها الكاملة عقب أربعة عشر عاما من تعليقها” قائلة إنها “خطوة رحب بها الاتحاد رسميا باعتبارها استعادة لدور سوريا في الحوار الإقليمي وفرصة لتعزيز التعاون الشامل في المنطقة”.
وعلّق النظام السوري المخلوع عضوية البلاد في الاتحاد من أجل المتوسط أواخر عام 2011، رداً على العقوبات الأوروبية التي فرضت عليه آنذاك.
وأضافت “خلال الفعاليات، شارك الوفد السوري في إطلاق ميثاق المتوسط الجديد الذي يشكل إطارا استراتيجيا للتعاون بين دول الاتحاد والضفة الجنوبية” لافتة الى أن الميثاق “يعيد صياغة العلاقة على أساس شراكة متوازنة ومسؤوليات مشتركة في مجالات التنمية والطاقة والمناخ والهجرة والربط الاقتصادي”.
وركزت مداخلات سوريا على “جعل الميثاق والرؤية الجديدة استجابة عملية لاحتياجات دول الجنوب”. كما ركزت على “توظيف هذه العودة في فتح مسارات تعاون ملموسة في قطاعات التعليم والاقتصاد والطاقة والنقل، بما يدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار ويعزّز الاستقرار في حوض المتوسط”، وفق البيان ذاته.
وتشير الخطوة السورية الأخيرة للانخراط مجددًا في الاتحاد من أجل المتوسط إلى تحول ملموس في نهج دمشق تجاه علاقتها بالمجتمع الإقليمي، إذ لم تعد العودة محصورة في رمزية دبلوماسية بحتة، بل أصبحت مرتبطة مباشرة بملفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية. ويعكس هذا التوجه إدراك السلطات الجديدة لأهمية بناء روابط عملية ومستدامة مع دول المنطقة وشركائها الأوروبيين، بعد سنوات من الانعزال السياسي والاضطراب الداخلي.
ويوفر الانضمام إلى الاتحاد لسوريا منصة لتعزيز حضورها الإقليمي، وعرض أولوياتها الوطنية، وفتح قنوات تعاون فعّالة في مجالات الاستثمار والبنية التحتية والتقنية. ومن شأن هذه الخطوة أن تسرّع جهود إعادة الإعمار وتسهّل الحصول على دعم مالي وتقني من شركاء دوليين وإقليميين، ما يعزز قدرة البلاد على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة.
على الصعيد السياسي، تحمل هذه العودة دلالات واضحة بشأن نية المجتمع الدولي إعادة دمج سوريا في مسار العمل الإقليمي، ما يتيح لها الفرصة لتكون طرفًا فاعلًا في ملفات استراتيجية مشتركة، مثل الطاقة والمناخ وإدارة الهجرة. كما يعكس التركيز على تلبية احتياجات دول الجنوب في إطار الميثاق الجديد رغبة دمشق في أن تكون لاعبًا مؤثرًا، وليس مجرد متلقٍ للسياسات والقرارات الخارجية، وهو ما يعزز موقعها في المعادلات الإقليمية.
وبالتالي تمثل المشاركة السورية خطوة استراتيجية مزدوجة: من جهة، رمزية سياسية تؤكد عودة سوريا إلى الساحة الإقليمية، ومن جهة أخرى، أداة عملية لتطوير التعاون الاقتصادي والاجتماعي. هذه المبادرة تمثل نقطة انطلاق لإعادة بناء علاقات دمشق الإقليمية ودعم جهود التعافي الداخلي، بعد فترة طويلة من العزلة والتحديات الاقتصادية والسياسية.
