الشرق الأوسط

عودة شبح الإرهاب.. نشاط متزايد لتنظيم داعش في مناطق النزاع بسوريا


بدأ تنظيم داعش المتطرف بتكثيف نشاطه في سوريا الذي شمل زيادة عدد الهجمات وتجنيد مقاتلين جدد، ما أعاد إشعال المخاوف من زعزعة استقرار بلد لم يتعافَ بعدُ من أزمات عقد كامل من الحرب والاضطرابات السياسية.

وفي خطوة استباقية للحد من خطر التنظيم الارهابي، ضاعفت الولايات المتحدة من وجودها العسكري في سوريا، ليصل إلى نحو 2000 جندي. كما نفذت عدة ضربات جوية استهدفت أوكار التنظيم في مناطق صحراوية. إلا أن المحللين يرون أن هذه التحركات لن تكون كافية إذا لم يتم التعامل مع التهديد من جذوره، لا سيما أن التنظيم لا يزال يحتفظ بكنز استراتيجي. يتمثل في آلاف المقاتلين المتشددين المحتجزين في سجون شمال شرقي سوريا.

وتحذر التقارير من أن التنظيم يسعى لتحرير ما بين 9 آلاف و10 آلاف سجين من مقاتليه. بالإضافة إلى نحو 40 ألفاً من أفراد عائلاتهم المحتجزين في مخيمات. ما قد يمنحه دفعة معنوية ودعائية كبرى، ويعزز صفوفه بشدة.

ووصف كولين كلارك مدير السياسات والبحوث في مجموعة صوفان. المتخصص في شؤون الإرهاب والأمن الدولي، هذه السجون بأنها خزان بشري قادر على إعادة تشكيل التنظيم بوجه أكثر صلابة.

وأضاف إن “التحدي الأمني الأول الذي يواجه الحكومة السورية الجديدة، هو بسط هيمنتها على استخدام القوة داخل أراضي سوريا السيادية”.

وجاء في تقرير للاستخبارات الأميركية، عُرض أمام الكونغرس مؤخراً، أن التنظيم قد يستغل أي فراغ أمني يخلّفه تفكك النظام السوري أو انشغال خصومه. ليشن عمليات تهدف إلى إطلاق سراح عناصره واستعادة قدراته السابقة في التخطيط وتنفيذ الهجمات.

وقبل سقوط نظام الأسد كان التنظيم يشن هجماته في صحراء البادية السورية. وبينما كان يستهدف الأرتال العسكرية التابعة لـ”الجيش السوري” هناك كان ينفذ ضربات أمنية داخل مناطق النفوذ المختلفة.

والآن لا يبدو لداعش أي كتلة واحدة تتموضع في بقع جغرافية بعينها على الخريطة السورية. إلا أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة، وفق مراقبين أن خطره غاب تماما، وبالتالي أصبح من الماضي.

وتبرز المخاوف من قدرة الجماعات المعارضة للنظام. مثل “هيئة تحرير الشام”، على ملء الفراغ الأمني. فرغم استجابة الهيئة لمعلومات استخباراتية أميركية أفشلت عدة مخططات إرهابية في دمشق، فإن حوادث العنف الطائفي الأخيرة كشفت عن محدودية سيطرتها على بعض القوى التابعة لها.

ووسط هذا المشهد المعقد، تظهر المؤشرات أن التنظيم المتطرف. المنبثق عن تنظيم “القاعدة” في العراق، لم يعد مجرد خطر من الماضي. ففي عام 2024 وحده أعلن مسؤوليته عن نحو 294 هجوماً في سوريا، مقارنة بـ121 هجوماً في العام السابق. فيما قدرت لجنة المراقبة الأممية العدد بنحو 400، ما يعكس تصاعداً خطيراً في أنشطته.

ويعزز هذا التصعيد القلق من تكرار سيناريوهات دامية. خصوصاً أن التنظيم استعاد زخمه سابقاً مستغلاً فوضى الحرب الأهلية السورية. ليعلن دولته التي امتدت على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وارتكب فيها فظائع وثقتها منظمات دولية.

وفي الشمال الشرقي من سوريا. حيث تُشرف قوات سوريا الديمقراطية على تأمين سجون ومخيمات مقاتلي التنظيم، يتعرض الوضع الأمني لضغوط كبيرة بسبب هجمات ميليشيات مدعومة من تركيا.

وتُعد هذه السجون هدفاً محتملاً لهجمات جديدة، كما حدث في سجن الحسكة عام 2022. حين فرّ مئات السجناء قبل أن تتمكن القوات الخاصة الأميركية من دعم “قسد” في استعادة السيطرة.

وفي مخيم الهول، الذي يأوي نساء وأطفال مقاتلي التنظيم. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن التنظيم بدأ يختبر حدود السيطرة مجدداً، في ظل حالة من الفوضى أعقبت تراجع النظام السوري وداعميه.

وحذر كاوا حسن، الباحث في مركز “ستيمسون”، من أن أي ضعف في القوات الكردية سيخلق فراغاً، وتنظيم “داعش” هو الطرف الأكثر جاهزية للاستفادة من هذه الفوضى.

وتتجلى اليوم الحاجة إلى استراتيجية شاملة تتجاوز الضربات الجوية ووجود القوات الأجنبية، لمعالجة الأسباب الجذرية لعودة التطرف. والتأكد من أن السجون والمخيمات لا تتحول إلى محطات انطلاق لنسخة أكثر عنفاً من تنظيم لطالما كان العنوان الأبرز للفوضى والدمار في الشرق الأوسط.

ويشن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” في العراق وسوريا. عمليات عسكرية ضد التنظيم بشكل مستمر، في محاولة لمنعه من تنفيذ أي هجمات، أو إعادة تنظيم صفوفه.

وكثف التحالف الدولي ضرباته ضد “داعش” منذ سقوط نظام بشار الأسد. لكن الاقتتال في الأسابيع الأخيرة في شمال سوريا، بين الفصائل السورية المسلحة، ألقى بظلاله على جهود محاربة التنظيم.

وبالتزامن مع العمليات في سوريا، يشن التحالف الدولي والقوات العراقية. حملة ضد “داعش” أدت إلى مقتل العديد من عناصر التنظيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى