سياسة

غزة تنزف مجددًا.. مئات القتلى والجرحى مع استئناف القصف الإسرائيلي


قُتل أكثر من 400 فلسطيني في غزة فجر الثلاثاء في سلسلة غارات إسرائيلية غير مسبوقة في نطاقها وكثافتها منذ شهرين .حين بدأ سريان وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس التي سارعت لاتّهام الدولة العبرية بنسف الاتفاق و”التضحية” بالرهائن.

وحذر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الضربات الجوية للجيش الاسرائيلي الثلاثاء على قطاع غزة “مجرد بداية” وقال في مداخلة متلفزة مساء اليوم الثلاثاء. إن حماس “شعرت بقوتنا في الساعات ال24 الاخيرة. وأريد أن اؤكد لكم ولهم: انها مجرد بداية”، مضيفا ان المفاوضات حول الافراج عن الرهائن الذين لا يزالون في غزة “لن تجرى من الان فصاعدا الا تحت النار”. ومعتبرا ان الضغط العسكري “لا غنى عنه” لضمان عودتهم.

وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي في منشور على منصّة إكس إنّه “بناء على توجيهات المستوى السياسي. تشنّ قوات جيش الدفاع والشاباك (جهاز الأمن الداخلي) هجوما واسعا على أهداف إرهابية تابعة لمنظمة حماس في أنحاء قطاع غزة”.

وأضاف “تقرّر تغيير تعليمات الجبهة الداخلية. حيث ستنتقل مناطق غلاف غزة من الأنشطة الكاملة إلى الأنشطة المحدودة التي لا تسمح بإجراء الأنشطة التعليمية”.
وعلى الإثر، أعلنت الحكومة الإسرائيلية في بيان إنّ هذه الغارات التي نفّذت بأمر من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس “تأتي في أعقاب رفض حماس المتكرّر إطلاق سراح رهائننا ورفضها لكلّ المقترحات التي تلقّتها من المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف .ويتكوف والوسطاء” محذرة من أنّ “إسرائيل ستتحرّك الآن ضدّ حماس بقوة عسكرية متزايدة”
من جهتها أفادت وزارة الصحة في القطاع الثلاثاء بأن حصيلة القتلى الفلسطينيين ارتفعت إلى 404، “غالبيتهم من الأطفال والنساء” جراء سلسلة الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة في قطاع غزة الليلة الماضية.

 واعلنت “ارتفاع عدد ضحايا المجازر الإسرائيلية الذين وصلوا إلى المستشفيات إلى 404 شهداء و562 إصابة بينهم عشرات في حالات خطيرة وحرجة. جراء العدوان الإسرائيلي وسلسلة الغارات الجوية العنيفة والدموية على قطاع غزة” لافتة إلى وجود “عشرات المفقودين تحت أنقاض المنازل المدمرة”.
وقال المتحدّث باسم الدفاع المدني محمود بصل “انّ الجيش الإسرائيلي نفّذ أكثر من 200 غارة جوية وقصفا مدفعيا عنيفا. ولا يزال يواصل القصف، مستهدفا خيام النازحين ومراكز إيواء النازحين ومنازل على سكّانها المدنيين، واستهدف نقاطا للشرطة والحكومة وطرقات”.

وأفاد مصدران في حركة حماس بمقتل وكيل وزارة الداخلية في قطاع غزةاللواء محمود أبووطفة في الغارات الجوية الإسرائيلية الليلة الماضية على القطاع. وقتل اللواء أبووطفة. الذي كان يتولى مسؤولية الشرطة والأجهزة الأمنية في حكومة حماس في غزة، حسبما أفاد المصدران واحدهما من وزارة الداخلية.

وقد شهدت بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة حركة نزوح جماعية للفلسطينيين باتجاه جباليا (شمال). وقال مراسل إن الفلسطينيين في بلدة بيت حانون بدأوا النزوح منذ ساعات الصباح الأولى باتجاه بلدة جباليا المجاورة بحثًا عن ملاذ آمن.
من ناحيته، قال مسؤول إسرائيلي إنّ الدولة العبرية استهدفت في قصفها المركّز هذا قيادة حماس وبنيتها التحتية. محذّرا الحركة الفلسطينية المسلّحة من أنّ استهدافها سيستمرّ “ما لزم الأمر”.
وقال المسؤول طالبا عدم نشر اسمه إنّ الجيش الإسرائيلي “شنّ سلسلة ضربات استباقية استهدفت قادة عسكريين من رتب متوسطة. ومسؤولين قياديين، وبنية تحتية إرهابية تابعة لمنظمة حماس الإرهابية” مضيفا أنّ هذه العملية “ستستمر ما لزم الأمر، وستتوسّع لأكثر من ضربات جوية”.

وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض أنّ إسرائيل استشارت إدارة الرئيس دونالد ترامب قبل أن تشنّ غاراتها على القطاع الفلسطيني.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت لشبكة فوكس نيوز إنّ “الإسرائيليين استشاروا إدارة ترامب والبيت الأبيض بشأن هجماتهم على غزة الليلة”. مشدّدة على أنّه “كما أوضح الرئيس ، فإنّ حماس والحوثيين وإيران وكلّ من يسعى لترويع ليس إسرائيل فحسب. بل الولايات المتحدة أيضا، سيدفع ثمنا باهظا – أبواب الجحيم ستُفتح على مصراعيها”.
وردّا على هذا التصعيد، اتّهمت حماس الدولة العبرية بـ”الانقلاب” على اتفاق وقف إطلاق النار.

وقالت في بيان إنّ “نتانياهو وحكومته النازية يستأنفون العدوان .وحرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين العزل في قطاع غزة” مضيفة أن “نتنياهو وحكومته المتطرفة يأخذون قرارا بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرّضون الأسرى في غزة إلى مصير مجهول”>
وفي بيان ثان، اتّهمت حماس رئيس الوزراء الإسرائيلي باستخدام الحرب في غزة “قارب نجاة له” من أزمات سياسية داخلية حتى .وإن كان هذا الأمر يعني “التضحية” بالرهائن الذين ما زالوا محتجزين على قيد الحياة في القطاع الفلسطيني.

اسرائيل تقول ان هجماتها لن تقتصر على القصف الجوي
اسرائيل تقول ان هجماتها لن تقتصر على القصف الجوي

ونقل بيان لحماس عن عضو مكتبها السياسي عزّت الرشق قوله عقب غارات جوية غير مسبوقة في نطاقها وكثافتها منذ شهرين استهدفت قطاع غزة إنّ “قرار نتانياهو بعودة الحرب هو قرار بالتضحية بأسرى الاحتلال وحكم بالإعدام ضدّهم”. مضيفا أنّ “نتانياهو قرّر استئناف حرب الإبادة بوصفها قارب نجاة له من الأزمات الداخلية”.

وطالبت حماس الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالانعقاد العاجل لأخذ قرار “يُلزم الاحتلال بوقف عدوانه”.

ومن جانب اخر قال مسؤول في حركة حماس بأن أحد الأسرى الاسرائيليين في قطاع غزة قتل، وأصيب آخران فجر اليوم الثلاثاء.
ونقلت وكالة “معا” الفلسطينية عن المصدر قوله إن الحادث وقع نتيجة الغارات الاسرائيلية على القطاع.
وفي خان يونس جنوبي القطاع المدمّر قال محمد جرغون (36 عاما) الذي يقيم في خيمة على أنقاض منزله “كنّا نائمين في الخيمة. استيقظت على أصوات انفجارات ضخمة جدا. اعتقدت أنها أحلام وكوابيس، لكن رأيت النار في منزل أقاربي. أكثر من عشرين سقطوا شهداء وجرحى، معظمهم أطفال ونساء”.

بدورها قالت جيهان النحال (43 عاما) التي تقيم في حي النصر شمال غرب مدينة غزة “كنت أجهّز السحور للأولاد، وكنت أسمع طائرات إسرائيلية فوق غزة. وفجأة وقعت انفجارات ضخمة، وكأنها أول يوم في الحرب، وفي كل مكان صراخ ونيران تشتعل والغالبية أطفال”.
وأضافت “لدينا شهداء وجرحى من أقاربي ولا يوجد دفاع مدني والقصف مستمر. إنّها حرب إبادة حقيقية. في كل مكان قصف. اليوم شعرت أنّ غزة جحيم حقيقي”.
بدوره، روى رامز العمارين (25 عاما) الذي يقيم في خيمة بمنطقة الزيتون في جنوب شرق مدينة غزة أنّ “القصف من الطائرات الحربية والدبابات في كل مكان. فتحوا نار جهنم من جديد على غزة”.

وأضاف “نقلتُ عددا من الأطفال الجرحى من الجيران إلى مستشفى المعمداني. لا يوجد أي سرير في المستشفى لاستقبال المصابين. الجثث والأشلاء على الأرض والمصابون لا يجدون أيّ طبيب يعالجهم…الموت أفضل من الحياة”.
ويأتي هذا التصعيد بعد أن أعلنت إسرائيل الأحد أنّها أرسلت مفاوضين إلى مصر ليناقشوا مع الوسطاء المصريين قضيّة الرهائن في غزة. فيما تهدّد خلافات عميقة وقف إطلاق النار الهشّ في القطاع.
وكان مكتب نتنياهو قال إنّ “رئيس الوزراء أوعز إلى فريق التفاوض بالاستعداد لمواصلة المحادثات على أساس رد الوسطاء على اقتراح (المبعوث الأميركي ستيف) .ويتكوف بالإفراج الفوري عن إحدى عشرة رهينة أحياء ونصف الرهائن القتلى”، مستبعدا بذلك عرض الحركة الإسلامية الفلسطينية الإفراج عن رهينة إسرائيلي-أميركي وإعادة جثث أربعة آخرين.

وبدأت مفاوضات غير مباشرة الأسبوع الماضي في الدوحة بشأن وقف دائم لإطلاق النار. لكنّ الوفدين غادرا الدوحة الجمعة دون إحراز تقدّم.
وبعد نحو 15 شهرا على اندلاع الحرب في قطاع غزة عقب هجوم حماس غير المسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023. بدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي تطبيق وقف لإطلاق النار بين إسرائيل والحركة الفلسطينية تمّ التوصل إليه بوساطة أميركية وقطرية ومصرية.
وامتدت المرحلة الأولى من الاتفاق ستة أسابيع استعادت خلالها إسرائيل 33 من الرهائن الذين خطفوا بمعظمهم في يوم الهجوم، بينهم ثمانية قتلى. فيما أفرجت الدولة العبرية عن نحو 1800 معتقل فلسطيني كانوا في سجونها.
وسمحت إسرائيل خلال هذه المرحلة الأولى بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، قبل أن تعلّق دخولها في الثاني من مارس/آذار.

وانتهت المرحلة الأولى من الاتفاق في الأول من مارس/آذار من دون توافق بشأن المراحل التالية.

وفي مقابلة أجرتها معه شبكة “سي ان ان” الأحد، قال المبعوث الأميركي ستيف .ويتكوف إنّ مقترحه يتضمّن عودة خمسة رهائن أحياء، من بينهم الجندي الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر، في مقابل إطلاق سراح “عدد كبير من السجناء الفلسطينيين” من السجون الإسرائيلية.
وأضاف “كنت أظنّ أن المقترح كان مقنعا”، مشيرا إلى أنه أخطر به مسبقا الطرف الإسرائيلي.
غير أن ردّ حماس كان “غير مقبول بتاتا”، بحسب ما قال ويتكوف محذّرا من أن “هامش الفرصة المتاحة (لحماس) سيغلق سريعا”.
وكانت الحركة أعربت الجمعة عن استعدادها للإفراج عن عيدان ألكسندر. وتسليم رفات أربعة إسرائيليين من حاملي الجنسية الأميركية، في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

وخطف خلال هجوم حماس 251 شخصا، من بينهم 58 لا يزالون في غزة. وتقول إسرائيل إن 34 منهم قتلوا.
ومع نهاية المرحلة الأولى، طلبت إسرائيل تمديدها حتى منتصف أبريل/نيسان. لكن حماس تصرّ على الانتقال إلى المرحلة الثانية المفترض أن تضع حدا للحرب والتي تقوم على انسحاب إسرائيل من غزة وإعادة فتح المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية والإفراج عن باقي الرهائن.
وبغية الانتقال إلى المرحلة الثانية، تطالب إسرائيل من جهتها بإبعاد قيادة حماس من غزة. حيث تتولّى الحركة الحكم منذ 2007 وتفكيك ذراعها العسكرية ونزع سلاحها.

وأسفر هجوم حماس في جنوب إسرائيل عن مقتل 1218 شخصا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية. تشمل الرهائن الذين قُتلوا في الأسر.
وأدّت الحرب في غزة إلى مقتل 48572 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. ولا تشمل هذه الحصيلة قتلى الثلاثاء.
وتشنّ إسرائيل بوتيرة شبه يومية ضربات في غزة منذ مطلع مارس/آذار ، مستهدفة غالبا نشطاء تقول إنهم يزرعون متفجرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى